الجميّل: حكومة «مَرِّقلي تَ مرِّقلَك» تُكمِل الخراب!
لا يتراجع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، عمّا كان يقوله قبل الانتخابات: «كل ما حذّرنا منه تحقَّق بالفعل. صفقة 2016 سلّمت قرار البلد ولن نكون شركاء فيها، والفساد هو أصل المشكلة». وهكذا، يبدو الجميل أمام التحدّي الأكبر: «تبقى وحيداً ولا تندم»!
يقول الجميل: «لطالما واجهونا بعبارة «ما تهبّطوا حيطان علينا»، واتّهمونا بأننا نعارض للمعارضة. ولكن، ما مِن شيء حذرنا منه إلّا ووقع فعلاً. فقد حذَّرنا من سقوط قرار البلد في يد «حزب الله»، وها هو قد سقط. وحذّرنا من أنّ الضرائب وسوءَ الإدارة ستقود إلى غلاء المعيشة وها هو يناهز 7.5%. وحذّرنا من سوء إدارة النفايات، فأيُّ تلوّث بحراً وداخلاً. ويضيف: «لن نخجل. سيبقى صوتُنا مرفوعاً، وسنواجه من موقعنا المستقلّ والمعارِض».
ويُسأل: هناك كلام متناقض حول تموضعكم السياسي. البعض يقول إنكم تقتربون من «التيار الوطني الحرّ» والعهد لإقامة توازن في مقابل تقارب «القوات» و»المردة». والبعض يقول إنكم مع «القوات» والمردة» ربما تتجهون إلى إقامة جبهة مسيحية معارِضة للعهد، فما هي حقيقة الصورة؟
يجيب الجميل: «نحن معترضون على النهج القائم ولا يمكننا الدخول في أيِّ اصطفاف حالياً. ولنا مشكلة معهم في نهج المحاصصة والتفريط بمصير البلد والانخراط في الصفقة. ولكن، نحن منفتحون على الجميع من موقعنا المستقل. ونؤمن بخيارٍ مبنيٍّ على 5 نقاط: تحرير القرار، السيادة، الحياد، الإصلاح الاقتصادي وتطوير آليات التعاطي السياسي». وأضاف: «هناك استسلامٌ جماعي في ما يتعلق بقرار الدولة. والقوى السياسية ليست مستعدّةً لتغيير نهجها، لأنّ الصفقة محاصَصة، ولا أحد يتخلّى عن مكاسبه. والمشكلة الاقتصادية هي مشكلة محاصَصة وكارتيلات وتوظيفات. ولكنّ القنوات مفتوحة مع الجميع. وقد نلتقي مع البعض في نقاطٍ محدّدة. مثلاً، قد نلتقي مع «التيار» في اللامركزية، ومع «القوات» في ملف الكهرباء».
وكيف تنظر إلى تموضع العهد سياسياً؟ يقول الجميل: «للرئيس موقفه منذ 2006. وفي الانتخابات رأينا صوره في الحملات الانتخابية لمصلحة فريق معيّن». ويضيف: «في ظلّ هذا المسار، كل الحلول الموقتة لا تُجدي، بما في ذلك حكومة المحاصَصة. وافتراضاً تمّ الاتفاق على الحصص والحقائب، فإننا سننتهي إلى حكومة «مرِّقلي تَ مرِّقلك، وعرقلّي تَ عرقلَّك»، التي ستكمل مسار الخراب». ولذلك، حكومة الطبق الأصل عن الحكومة السابقة ستقود إلى استمرار التعطيل. فالحكومة تقضي وقتها معطّلة، وعندما تصبح في وضعية المستقيلة نغرق في أزمة تأليف أشهراً طويلة. وكل الصيغ المطروحة اليوم تعطي الثلثين لـ8 آذار».
وفي رأي الجميل، أنّ «المشكلة ليست في عدم وجود أفكار إصلاحية، بل في عدم وجود رغبة في تنفيذها. وإذا ظنّ البعض أنّ الإصلاح يتحقق مراعاةً لمؤتمر «سيدر»، فالطروحات الإصلاحية لم تولد في «سيدر»، بل في «باريس2 و3 واجتماعات لجنة المال، ونحن طرحناها كثيراً. ولو وُجدت نيّة لحصل ذلك قبل «سيدر».
الحل، يضيف، بحكومة الاختصاصيين التي طرحها الحزب ضمن خريطة طريق للحلّ الشامل. فهي تنفّذ خطة إنقاذية، في موازاة حوار بين رؤساء الكتل النيابية تحت قبّة المجلس النيابي لمعالجة المسائل السياسية نهائياً: سيادة الدولة، حصرية السلاح، حياد لبنان، علاقاته الخارجية، التعددية المجتمعية وإدارة الاختلاف وسوى ذلك».
وألا تخشى أن يقود هذا الحوار إلى مؤتمر تأسيسي؟ يرد الجميل: «أي تغيير يخضع لآليات دستورية، إلّا إذا أراد أحدٌ تنفيذ انقلاب. ولم أخشَ يوماً من طرح الحقائق. فالخبث والتأجيل هما المشكلة. كما لا مثالثة مقنّعة في البلد، بل وضع يدٍ لفريق واحد». ويضيف: «عندما تُطرح أفكار الإنقاذ يقولون: «ليس الآن وقتها». ولكنني أسألهم: إذا لم يكن الآن، فمتى؟ وما داموا مختلفين على الحكومة الوفاقية، فليقبلوا بحكومة الاختصاصيين، ويمنحوها فرصة لإدارة البلد بعيداً عن المحاصصات. وعندما يصبحون جاهزين للتوافق مجدداً على حكومة الوحدة الوطنية، فليسقطوا حكومة الاختصاصيين ويشكّلوا الحكومة التي ينشدونها، بعد أن يكونوا قد منحوا هؤلاء الاختصاصيين فرصة الإنقاذ فعلاً!».
ويوجّه الجميل نداءً مباشراً إلى «القوى الغارقة في تجاذباتها»، فيقول: «أنتم أكثر الذين لهم مصلحة في الحلّ الإنقاذي الجذري، لأنكم أول الذين سيدفعون الثمن عندما يحصل السقوط المدوّي. ففي مكانٍ ما، سينهار الهيكلُ على رؤوس الجميع، ويُخطئ مَن يظن أنّ «فوق رأسه خيمة».
وعن إمكان طعن حزب الكتائب بقانون النفايات الصلبة، يقول الجميل: «عُرِض علينا تقديم طعن، ونحن ندرس الملف. فإذا تبيّن أنّ الطعن قابل للنجاح سنتقدّم به. وفي العادة، نحن ننجح في الطعون التي نقدمها، كما في قانون الضرائب وقانون المادة 49 من الموازنة».
وفي ملف الأزمة الطارئة حول الصواريخ وتهديد إسرائيل، يقول الجميل: الإعتداء الإسرائيلي وتحدّي لبنان مرفوض. وهناك إجماع لبناني على إدانته. ولكن، مشكلة الدولة تكمن أيضاً في عدم قدرتها على فرض سيادتها وحصرية السلاح في يد الجيش اللبناني. ويجب معالجة هذه المشكلة لتحصين لبنان في وجه إسرائيل. فالجيش هو المؤسسة الرسمية التي ينصهر فيها النسيجُ اللبناني والتي أوكلها الشعب اللبناني أن تدافع عنه، وحدها دون سواها.