تموضع جديد بين القوات وحزب الله
لن يأتي يومٌ قريب نشهد فيه لقاءً بين أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله ورئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع. لا لقاء ولا ورقة تفاهم ولا مصالحة. الأمر محسوم. ولكن، في الوقت عينه، التواصل بات ممكناً بين الحزبين. لا بل هو أمرٌ واقع.
يكفي قرار حزب الله النأي بالنفس تجاه السجال والخلاف، خصوصاً في شقّه الحكومي، بين كتلتَي “لبنان القوي” و”الجمهوريّة القويّة”، للتعبير عن تموضعٍ جديد له. النأي بالنفس في إشكال “الجامعة اليسوعيّة” مثالٌ آخر. الحزب القوي، بالفعل لا بالتسمية، أسقط من خطابه السياسي التعابير التي كانت تُلصق عادةً بـ “القوات” ورئيسها، وهو لم ينتقدهما بالمباشر منذ فترةٍ طويلة.
ينطلق حزب الله، في نظرته الى “القوات”، من مبدأ عدم إلغاء أيّ مكوّن سياسي أساسي. هو يجيد قراءة نتائج الانتخابات النيابيّة وما سبقها من صعودٍ “قوّاتي” شعبي. أصغوا لما يقوله بعض المحلّلين المنضوين تحت عباءة الحزب. وهو يقرأ نصف الكوب الملآن من خطاب جعجع عن محاربة الفساد والاستعداد للتلاقي مع الحزب في هذه المواجهة، ويقابل كلّ كلامٍ إيجابي “قوّاتي” بالمثل. وهو يدرك، أيضاً، أنّ وجود نائب يمثّل الناس والأرض، مثل أنطوان حبشي، أفضل بكثير من نائب يُشعرهما بظلم غياب التمثيل…
وبعيداً عن السياسة، قليلاً فقط، ينوي حزب الله، بعد تشكيل الحكومة، أن يفعّل معركته ضدّ الفساد، ولكن بأسلوبٍ غير بعيد عن أسلوبه الأمني، أي من دون أن يكون في الواجهة. لا بل أنّ المعلومات تشير الى أنّ بعض ملفات الفساد التي فُتحت كان الحزب وراءها، مع التأكيد على أنّ “ضرب” الفساد والفاسدين سيكون للقريبين والبعيدين في آن، ومن دون خلفيّات سياسيّة وطائفيّة، كما تؤكّد مصادر قريبة من حزب الله.
ولعلّ ملف الفساد سيكون الإطار الأكثر ملاءمة للتواصل والتعاون بين القوات اللبنانيّة وحزب الله، المحصور حاليّاً في إطار التواصل بين نوّاب ووزراء، إذ يشير مصدر مقّرب من الحزب الى أنّ مكافحة الفساد ممكن أن تكون إطاراً لخرق الجمود في العلاقة، والتقدّم نحو تعاون يتخطّى عمل النوّاب والوزراء، خصوصاً أنّ النيّات المعلنة من الفريقَين تظهر تقارباً بينهما في عناوين هذا الملف.
فهل ما فرّقته الحرب، ثمّ الخيارات السياسيّة، تجمعه المعركة ضدّ الفساد؟
يقول المثل الإنكليزيّ الشهير: انتظر وسترى…
داني حداد/MTV