أبو حلا جنيّ يشك قصائده لؤلؤا وأبو فاعور قناص العبارة
على مدرج قلعة الإستقلال في راشيا، وقبالة جبل الشيخ، تحول احتفاء الشاعر زاهر أبو حلا بجديده الشعري ” تيم” إلى سجال شاكس الضوء المزروع شموعا على المدرج ومدخل الباحة التي استقبلت ضيوف الشعر والشاعر، وعاكس السجال عينه رائحة البخور المنبعث من حنايا المكان. فتحول مهرجان الشعر إلى تهديد ووعيد وسحب أرواح وتنور غواية وشعر مرذول ملعون، واجتماع عاجل لملائكة الشعر وشياطينه، بلغة تجاوزت السائد والمألوف وتخطت حواجز النقد لتحلق في فضاء الإسطورة عبر استحضار جنيات الشعر وأبالسته، لتطويب مولود أبو حلا الذي أنكر أباه قبل صياح الديك، معلنا التبرؤ من عالم الأنس ومن سديمية الولادة.
نحّى أبو فاعور السياسة جانبا وهجر مفرداتها ومعجمها مدججا بلغة شعرية من جعبة ثقافته المسكونة بكيمياء الاسلوب الساحر، حيث تماهى فيها سحر العبارة بعمق الدلالة، فصوب سهام حبه واحتفائه واعجابه بالشاعر نحو قاع أعماق المعنى، متسلحا بجاذبية لغته التي تتحدر من أعلى لتغور في الأعماق وتعلو على تشابك يمهر كلماته بتوقيع خاص.
احتفالية “تيم” استثناء شعري، خلخل طقوس التكريم، شكلا ومضمونا، فاجتمع الأنس والجن، العفاريت والملائكة، في سهرية على ضوء الشموع واختراق القمر الحرموني لشفيف الضوء المتسلل من ثقوب الأدراج.
استهل الإحتفال برفع علم على سارية بطول 28 متراً بتوقيع بلدية راشيا وسط حضور كثيف ونوعي جاء من مختلف انحاء لبنان، احتفاءً بصدور المجموعة الشعرية السادسة للشاعر زاهر أبو حلا “تيم” وسي دي خاص بالمجموعة يتضمن قراءات شعرية بصوت الفنان العربي الشهير لطفي بوشناق ، والإعلامية سناء ضو ، مع موسيقى لكبار الفنانين :الدكتور عبدالله المصري ، والدكتور جمال أبو الحسن، والدكتور نشأت سلمان.
حضر الإحتفال وبصفة ثقافية عضو كتلة التحرير والتنمية النائب أنور الخليل، وعضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبوفاعورمدير عام تعاونية موظفي الدولة الدكتور يحي خميس وحشد من الشعراء كما حضرت شخصيات فنية وثقافية واجتماعية وسياسية.
الإحتفال الذي قدمته الإعلامية سناء ضو ،بدأ مع كورال مدرسة حاصبيا للبنات في مجموعة اناشيد ،إحداها من ديوان”تيم”خاصة براشيا.
تلا ذلك عزف للفنانين صوفي زين على القانون ، وعلي عبدو على التشيلو، بعدها توالى على الكلام كلّ من رئيس بلدية راشيا بسام دلال الذي قال:” شكرا ايها الشعر آن تأتينا ، نحن اليتامى في صحارى الحياة ، لنفيء اليك ، نستظلّ خيمة المعنى ، نرتشف نبيذ المجاز، وتعلو بنا الى السامق من العلا تلك المجنّحات من ربيبات الخيال ، فنستعيد من جديد ما فقدته فينا الروح من ماء وسماء . شكرا ايها الشعر ، وأنت تهدي الينا تيم وتهدينا اليه ، كأنما تيم هو الطريق والطريقة ، او قل هو اكتمال النقص في دائرة الضوء . فما اروعك ايها الناقص المتمم ضوءك بالتيم ، والمتيّم ولها ً بالزاهر حلا وصلا ، والميتّم من كل تحت لأنك وليد السماء المرتحلة دوما ً الى الفوق .وتابع دلال ” نحن اليوم في حضرة التيم . واديا ً وشعرا ً واديا تواعد فيه الارض السماء، ويتوالدان، قديسين وشعراء وبناة انسان ، يجترحون المعجزة إذ يحوّلون الطين فينا الى ضوء فنرتقي منزّهين من كل تراب، وفي حضرة التيم نحن شعرا ً من سُلاف . وقصائد كأنها قلائد او موائد . قلائد من كواكب لا ترتضي جيدا سوى ذاك المصقول من شهد ومجد ، وموائد للمشتهى من كلام يتعامد مع قلعة وحرمون وتاريخ ، ويتشامخ الى العلياء هناك حيث الابد والازل يتزاملان ،
واضاف” زاهر ابو حلا، تيمك المبستن بالشموس ، المنذور للحب والبخور والشموع ، يدعونا اليه ، لنكون بعض قبسه …. وها نحن اليوم في رحاب قلعة شمّاء وبين يدي حرمون الحرون ، نعلي كأسا ً من ضوء لكل السائرين الى الضوءوعد بالسعي لإدراج بلدة راشيا على لائحة التراث العالمي.
ثم كانت كلمة للدكتور غازي قيس تحدث فيها عن شاعرية الشاعر زاهر أبو حلا..أمين عام اتحاد كتاب لبنان الدكتور وجيه فانوس وللدلالة على حجم الأثر الذي سيتركه ديوان “تيم”قال على سبيل الدعابة إن اجتماعاً عاجلاً عقد لملائكة الشعر وشياطينه لبحث سبل مواجهة زاهر ابو حلا.
ثم كانت قصيدة رائعة باللغة المحكية للشاعر المحامي مارون ماحولي خصّ فيها راشيا والشعر والشاعر.
بعد ذلك كانت وصلة عزف على الكمان للفنانين مأمون ضو وليال حيدر. بعدها تحدث الصحافي والكاتب بسام ضو الذي القى قصيدة بالمناسبة وطالب النواب بتحمل مسؤولية الدفاع عن اللغة باعتبارها هوية وحصناً وطنياً .
ثم كانت كلمة للنائب وائل أبو فاعور الذي الهب الحاضرين وقاطعوه تصفيقاً مرات عدة لدعابته المحببة فقد لعن الشاعر أبو حلا ووصفه بالشيطان وبالماكر،لأنه قادر على سحر متابعيه بموهبته الشعرية الفذّة، فقال أبو فاعور:”
زاهر ابو حلا
اني احييك اولا
واني أتبرأ منك ثانيا
من كل افعالك ومن كل اقوالك ومن كل أشعارك
زاهر ابو حلا
انت ملعون وشعرك ملعون
وقد سعت اليك لعنة الابداع وسكنتك وتملكتك حتى بت واللعنة واحدا
زاهر ابو حلا انت مرذول وشعرك مرذول
وفضيلة الشعر في رذيلته اي في قفزه خلق الحجاب وخلق المتاح
زاهر ابو حلا انت مغرور وشعرك مغرور ويقيني ان الغرور يقتل لكن غرور شعرك يحييه ويحييك
تقول الرواية ان الانبياء يمشون فوق الماء وانا اقول والعفاريت ايضا والا فمن اين لك يا عفريت الشعر ان تمشي على رؤوس اشعارك فوق صفحة المعاني والكلمات والصور فلا تتبلل قصيدتك ولا تلمس شعرك قطرة ماء
لقد أعييتنا يا رجل
الا ترى كيف تتدافع كلماتك ومعانيك واحد تتكبر على الاخرى وتتألق فوق الاخرى وتمضي صاعدا صاعدا صاعدا رشيقا طليقا تسير فوق ارض السعد بل تطير فوقه ولا تطأه
لراشيا سعت مثلي القلاع
وبارك سعيها الشيخ الشعاع
تظلل تحت أسيفنا كرام
وجلّل فوق احرفنا يراع
تعشّق اهل وادي التيم شعري
وقالوا انني الرب المطاع
انا صدقتهم عباد بدع
نبوا رانين والعليا مشاع
يا رجل في عرفي البسيط لقد سلبت المتنبي تاج غروره وسلبت سعيد عقل تاج اللغة والرشاقة
لقد أعييتنا يا رجل
فكّرنا ان نتخلص منك ومن اشعارك فنعيّنك امين مكتبة لكنك أهوج فقد تحرق المكتبة وتمتص روحها وكلماتها
فكّرنا ان نعيّنك شاعر القبيلة لكنك قبيلة بحد ذاتها ونخشى منك فأنت طائش وقد تهجونا وتهجو القبيلة بدل ان تهجو اخصامها فعقلك أمار بالنقد وروحك أمارة بالحرية
اخترت ان تعايش النحل فلم تتعلم منه الا رغبة اللسع وشهد المعاني والصور
انت لا تنفع لشيء الا للمعنى الجميل المطلق
من انت
من انت لكي ترفض رعايتي انا السياسي المبجل، انت رفيقي في نهر كمال جنبلاط نحاول ان نعبر كل في ساقية الى بحره الواسع ان استطعنا اليه سبيلا
يدهشني سعيد عقل يدهشني بشعره وكلماته وروعته لكنني أأبى الاعتراف له فهو يحاججني في عروبتي وانا لا زلت بدائيا في هويتي لا احب الشعر الا نشيدا لقضية او نعيا لشهيد او بكاء على هزيمة او فرحا لانتصار
زاهر ابو حلا انت سعيد عقلنا بل انت السعيد من عقلنا بل انت عقلنا وقد بات سعيدا
وكي لا تؤخذ بنوبة غرور أقول لك
نحن في وادي التيم
في وادي الرسالات والاخيار والاطهار وبعض الدجالين
هنا في هذا الوادي مرّ خير الدعاة ومر أشهر الدجالين
وهنا في هذا الوادي تقول الرواية ان امرأة دفعت سكينا الى تنور نارها فاحترق بشّره وما نال خبزها
وانت ايضا ستدفعك امرأة الى تنور غوايتها وسوف تحترق بنار شعرك وسوف تنتشر ضوع عطر وشعر وابداع ومسك.
الكلمة الختامية كانت للشاعر زاهر أبو حلا مازح فيها الوزير أبو فاعور قائلا :سنسحب روحك إلينا ،الى الشعر،ونترك جسدك الشاحب للسياسة.وشكر أبو حلا جميع المشاركين في الحفل وفي إنجاز الكتاب والسي دي.
الفنان التشكيلي وسام كمال الدين شارك بالحفل من خلال رسم مباشر لبورتريه للشاعر أبو حلا قدمها إليه هدية.
وقدمت شبكة humanity in life بشخص مازن حلواني أرزة هديةً رمزيةً للشاعر أبو حلا مشبهاً إياه بأرزة من لبنان.
الحفل إختتم بتوزيع الكتاب والسي دي على الحاضرين هدية، وبحفل كوكتيل.