أسبوع الحسم الحكومي، وجرس الإنذار دق!
مع ان مستعجلي ولادة الحكومة الجديدة ظنوا ان تصاعد الطلائع الأولى للانفراج من “بيت الوسط” سيستتبع إنجازاً سريعاً لتذليل العقبات القليلة المتصلة بالتوافق على توزيع بضع حقائب وزارية لا تزيد عن الأربع، فإن الساعات الأخيرة أبرزت دقة الحسابات المتصلة بالحفاظ على توازنات الحكومة العتيدة بدليل الاخراج الذي اعتمد أمس لحل ما سمي العقدة الدرزية والذي يفترض ان يفضي الى انهاء هذه العقبة ومن ثم الحاقها بحل “العقدة المسيحية” ايذاناً باعلان انجاز الحل. واذ تترقب الأوساط السياسية الساعات المقبلة التي يفترض ان يستكمل خلالها الرئيس المكلف سعد الحريري حركته الاستثنائية الجارية تصاعدياً منذ ثلاثة أيام انجاز توزيع الحقائب تمهيداً لاسقاط أسماء الوزراء الجدد والقدامى عليها، فإن الإشارة الحاسمة لانجاز مهمته ستكون في طلبه لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الساعات المقبلة أو أبعد أي يوم غد الخميس، ما لم تكن الاتصالات استكملت التوزيعة الحكومية في نسختها النهائية.
وبينما تنتظر الأوساط ألا يتجاوز موعد الولادة الحكومية نهاية الأسبوع الجاري بحيث يكون رئيس مجلس النواب نبيه بري قد عاد من جنيف ليكون جاهزاً لحظة تلقيه دعوة رئيس الجمهورية الى القصر الجمهوري تمهيداً لإصدار مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة، قالت مصادر وزارية بارزة في حكومة تصريف الأعمال لـ”النهار” ان ثمة مغالاة غير واقعية في الكلام عن بعض الاعتبارات الخارجية التي أملت توقيت استعجال دفع الجهود لتأليف الحكومة، في حين أن المصادر “ثمة من دق الجرس داخلياً قبل أيام لمن يجب ان يسمعوا” طالباً تسهيل تأليف الحكومة وهذا ما حصل. أما التطور البارز الذي حصل أمس، فتمثل في ملاقاة رئيس الجمهورية مساعي الرئيس المكلف باجتماعين خصصهما لحل ما عرف بعقدة الدرزي الثالث، فتسلم صباحاً من النائب طلال ارسلان على رأس وفد “كتلة ضمانة الجبل” لائحة بأسماء درزية غير حزبية، كما تسلم بعد الظهر لائحة أخرى من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، على ان يتم اختيار اسم ممن تتقاطع حولهم اللائحتان بالتفاهم بين الرئيس عون والرئيس المكلف بتفويض من الطرفين.
وعلمت “النهار” ان لائحة الأسماء الخمسة التي اقترحها جنبلاط ضمت: غسان عساف، فايز رسامني، الدكتور عدنان العريضي، نبيل أبو ضرغم والدكتور رياض شديد. أما ارسلان فاقترح ستة أسماء جرى التكتم عليها ولكن عرف عنها انه ليس بينها أي اسم وارد في اللائحة الجنبلاطية مما يجعل حل هذه النقطة غير مكتمل بعد.
بين عون وجنبلاط
ووصفت مصادر مطلعة اللقاء الذي ضمّ عصر أمس بين رئيس الجمهورية وجنبلاط بأنه كان مريحاً وجيّداً، وقالت لـ”النهار” إن جنبلاط سلمه اللائحة التي تضمنت أسماء شخصيات درزية يفترض ان تكون احداها محط توافق ووضعها في عهدة الرئيس عون. كذلك فعل ارسلان صباحاً بتسليمه لائحة بأسماء درزية غير حزبية، والمهم في الخطوة انها وضعت حلِ الموضوع في عهدة الرئيس عون للتفاهم عليه، مع الرئيس الحريري.
وأوضحت المصادر أ لقاء بين رئيس الجمهورية وجنبلاط تناول الأجواء في الجبل والارتياح الى عودة الاجتماعات المشتركة بين “التيار الوطني الحر” والاشتراكيين. وأكد الرئيس عون لجنبلاط تمسكه بمصالحة الجبل وصون الاستقرار فيه. وأضافت ان متابعة موضوع المقعد الدرزي الثالث ستكون بالتواصل مع الرئيس الحريري وفي إطار متابعة تشكيل الحكومة وما يعمل عليه الرئيس عون هو تسهيل مهمة الرئيس المكلف وحيثما يمكنه القيام بجهد سيفعل. ولفتت الى ان لا موعد بعد لأي زيارة للحريري لقصر بعبدا، مع العلم ان القصر الجمهوري سيكون بعد ظهر اليوم منشغلاً باستقبال الأميرة فيكتوريا ولية عهد أسوج وبإجراء محادثات معها.
ولوحظ ان جنبلاط أكد في شكل واضح ان “الحل في ما يتعلق بالوزير الدرزي الثالث يعود الى فخامة الرئيس”. ونفى علمه بأي لقاء محتمل مع ارسلان، مشيراً الى “مسعى الرئيس عون والسلطات الامنية لحل قضية الشويفات والمطلوب ان يسلم المتهم أمين السوقي الى القضاء”. وشدد على أنه “ليست هناك عقدة درزية بل مطالب محددة”، وقال: “نريد ونفضل ونصر على وزارة التربية ولا نريد ان تعطى لنا وزارة عليها خلافات… التربية ووزارة ثانية ستكون مقبولة لكن ليس وزارة البيئة لاننا لا نريد الاختلاف مع تجار النفايات ولا وزارة المهجرين لأنها يجب ان تقفل”.
وكانت الحركة الكثيفة في “بيت الوسط” تواصلت أمس، فالتقى الرئيس الحريري تباعاً وزير المال علي حسن خليل وأطلعه على أجواء التطورات لينقلها الى الرئيس بري كما التقى النائب وائل أبو فاعور ومساء التقى الوزير جبران باسيل للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة.
العقد الاخيرة
وأفادت مصادر مواكبة لاتصالات التأليف، أن مجمل المعطيات تؤكد اقتراب تأليف الحكومة، لكن السؤال هو متى؟ والثابت انه ليس هناك أي طرف في وارد تأخير التأليف الحكومي. وبدا من اصرار جنبلاط على احتفاظ كتلته بوزارة التربية ان العقدة ما زالت قائمة حول حقيبتي الاشغال والعدل.
وسئلت المصادر عما اذا كان الرئيس عون في وارد التخلي عن حقيبة العدل، فأجابت بان العدل والأشغال نقطتان عالقتان في عملية التأليف. أما وزارة الصحة فحسمت إلى حد كبير لـ”حزب الله”، فيما علم ان وزارة الاعلام لم تستقر بعد وما زالت تتأرجح بين “المستقبل” و”التيار الوطني الحر”.
ولاحظت المصادر المواكبة للتأليف، أن الموضوع الدرزي لم يحسم نهائياً بعد، بل ثمة تنازل متبادل ومقترحات حتى الآن. وعندما يقول جنبلاط انه وضع اللائحة في عهدة الرئيس عون فمعنى ذلك انه لا يضع عليه شروطاً في ذلك.
وعن حصة “القوات اللبنانية”، قالت المصادر ان طرحاً واضحاً قدم وما زال ينتظر جواباً عنه لم يأت حتى البارحة. والعرض هو ان تأخذ ”القوات” أربعة مقاعد وزارية بينها نيابة رئاسة الحكومة مع حقيبة خدماتية اساسية واُخرى خدماتية عادية ووزارة دولة. وخلصت المصادر الى انه اذا بقيت الأمور تسير بشكل سليم كما هي اليوم، فيفترض ان تنجلي صورة التشكيلة نهاية هذا الأسبوع.
وصرح النائب “القواتي”السابق طوني زهرا لـ”النهار” بان “الحكومة وفق الاجواء الاخيرة اصبحت قريبة وقد تنجز قبل نهاية الاسبوع”. وأضاف ان “أسماء وزراء القوات في الحكومة لم تحسم بعد والكلمة الاخيرة للدكتور جعجع والهيئة التنفيذية ومن الأسماء المؤكدة والرسمية الرفيقة مي شدياق”. وعن الحقائب قال إن “الحوار متواصل بين جعجع والرئيس المكلف لحسم موضوع الحقائب بالتنسيق مع رئيس الجمهورية ولا شيء نهائياً حتى اللحظة والقوات لن تتردد في تسهيل ولادة الحكومة وليس العكس.
النهار