جنبلاط والحريري في 14 شباط… إطلاق مسار جديد من بيت الوسط
يختلف مشهد 14 شباط هذا العام عن سائر المرات. صاحب المناسبة الرئيس سعد الحريري لم يعُدْ في السلطة التنفيذية وانتقل الى المعارضة. كما يختلف الحضور والمحيطون بالحريري عن السنوات السابقة.
قرر سعد الحريري نقل الاحتفال من “البيال” الى بيت الوسط ليكون أكثر التصاقاً بحلفائه وجمهوره وأصدقائه، في مناسبة عزيزة كما يقول المقربون من “المستقبل”. لكن السبب الحقيقي للانتقال هو التظاهرات وتحسبا لحصول إشكالات في الأماكن المفتوحة ولضمان الحشد.
يغيب اللون البرتقالي عن المناسبة. بالأساس لم تتم دعوة أحدٍ من سياسيي التيار الوطني الحر، حتى الأصدقاء الذين لم تتكهرب علاقتهم بتوتر سقوط التسوية بين التيارين الأزرق والبرتقالي، لعدم إحراج اي طرف ولأن أحداً من الفريق العوني أصلا لن يكون قادراً على سماع الخطاب الجديد “لتيار المستقبل”.
بالمقابل فإن الفريق الاشتراكي سيكون “أم الصبي” في بيت الوسط. فقد اشتاق وليد جنبلاط الى هذا اليوم الذي يكون فيه متحرراً من عبء الحضور العوني في مناسبة يعتبر البيك الدرزي ان لها رمزية خاصة، خصوصا أنه عراب دخول “سعد الحريري” الى عالم السياسة من بوابة معمودية الدم، وهو الذي مهد الطريق وتولى إرشاد الحريري الإبن وتوجيهه سياسياً قبل ان يقرر وليد جنبلاط ترك “14 آذار”.
عودة جنبلاط الى حضن الحريري او العكس ظهر في عملية التنسيق بينهما، والاجتماعات المفتوحة بين الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل في الساعات الأربع وعشرين الأخيرة، سلطت الضوء على عمق العلاقة السياسية والشخصية بين بيت الوسط والمختارة، التي كانت تمر بمطبات سياسية صعبة من دون أن تسقط. كما تدل على ان موقف الاشتراكي والمستقبل سيكون موحداً في مواجهة الفريق السياسي الذي يقف وراء الحكومة، وانهما يتجهان لرسم خريطة طريق لمواجهة الاستحقاقات المقبلة.
لقاءات المستقبل والاشتراكي كانت متوقعة، فالطرفان تأثرا مباشرة بأحداث 17 تشرين الاول. مواقف تيار المستقبل وتغريدات وليد جنبلاط توحيان بالأزمة .
حالة الضياع التي دخل فيها جنبلاط بعد اندلاع الانتفاضة شارفت على الانتهاء. يستعد وليد بيك لإمساك المبادرة مجددا. في البداية حاول جنبلاط ان لا تكون الساحة الدرزية متشرذمة، وضَبَطَ الخلافات ووقف مترقباً لما ستنتهي اليه العواصف الداخلية والخارجية والمتغيرات الإقليمية.
يبدو وليد جنبلاط الأقرب اليوم الى سعد الحريري من غيره من السياسيين. وهو مرتاح “لصحوة” الشيخ سعد وخروجه من الحكم وابتعاده عن التيار الوطني الحر، لكن جنبلاط الذي يصحو وينام على مهاجمة بعبدا وجبران باسيل وخطة الكهرباء، مهتم أيضاً بالعلاقة مع حزب الله ويحاول ان ينأى بهذه العلاقة عن اي ردات فعل عنيفة.
الى أين يسير الحلف بين المستقبل والاشتراكي وما هي آفاقه؟ لا احد يملك جواباً بعد. فرئيس الحزب الاشتراكي أراد أولاً ركوب الموجة الاحتجاجية، لولا ان هناك حسابات سياسية لجمت الجموح الاشتراكي. وجنبلاط، لمن يتذكر، كان اول من هدد بالخروج من الحكومة وقلب الطاولة، لكنه سرعان ما التف على القرار تاركاً “القوات اللبنانية” اولاً ومن ثم سعد الحريري يستقيلان وحدهم.
من الثابت ان الهَمّ الجنبلاطي تفادي الألغام وشبك اليد مجدداً مع الشيخ سعد من ضمن تكتيك يقوم على عدم الاحتكاك مع حارة حريك راهناً، وفتح المعركة كلما سمح الظرف على بعبدا والتيار الحر
ليبانون فايلز