مصارحة ومصالحة فمصافحة: لقاء تاريخي مسيحي في بكركي!
في غمرة التأزم الحكومي وفي عز دوران البلاد في دائرة العقم السياسي، تمت المصالحة التاريخية الوجدانية بين الزعيمين المسيحيين الشماليين، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لتطوي صفحة مريرة من النزف الدموي والجراح العميقة عمرها 40 عاما، ببركة رأس الكنيسة المارونية، متوجة مرحلة شاقة من المفاوضات على المستوى القيادي انطلقت في العام 2011 ، تمهيدا لنقلها الى المستوى الشعبي، حيث يُفترض ان يصلب عودها الطري، وتكتسي عظامها الرقيقة “اللحم الحي”.
وبعيدا من التكهنات والتحليلات حول الدوافع والخلفيات التي حتّمت المصالحة، وتحت قبّة بكركي التي لم توفّر جهداً الا وبذلته لترتيب البيت الماروني، عُقد اللقاء بين جعجع وفرنجية في حضور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي فكانت مصافحة بعد المصالحة والمصارحة في حضور وفد نيابي ووزاري من الطرفين.
الراعي: وقبيل خلوة جمعت الراعي والزعيمين المسيحيين، قال البطريرك “نرحب في بكركي برئيسي “تيار المردة” و”القوات اللبنانية” والوفدين المرافقين. لم ار اجمل من الترحيب إلا مزمور “ما اجمل وما اطيب ان يجلس الأخوة معاً”.”الفرح يملأ قلوبنا وقلوب كل اللبنانيين في الداخل والخارج وكل من يحب السلام، والمصالحة والتلاقي في سبيل الوطن والشعب والدولة والمؤسسات. الله اب، لذلك نحن ابناؤه اي اننا اخوة مهما كان الدين او اللون”.وتابع “يقول إنجيل متى “حيثما اجتمع اثنان اكون انا معهما”. الفرح يملأ القلوب، لأن الرب حاضر ويريد لقاءنا والمصالحة وطي الصفحة”، مشدداً على “ان المصالحة منطلق للوحدة الوطنية الشاملة التي يحتاجها لبنان”.
رد الحزب: وفي مقابل الانفراج على الضفة المسيحية، يستمر التأزم الحكومي. فغداة مواقف الرئيس المكلف سعد الحريري العالية النبرة تجاه حزب الله وتحميله مباشرة مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة، ردّت مصادر “حزب الله” على الحريري عبر”المركزية” بالقول “هو يدفع فاتورة قانون الانتخابات، لان الناس اعطته حجمه الحقيقي، وهذه الفاتورة “بدّك تدفعا” وطنياً وديموقراطياً، وما قاله امس لا يُعبّر عن مسؤولية وطنية، وهؤلاء النواب السنّة “مش رح ينغصولو عيشو بالحكومة”، الا انها اوضحت في المقابل “اننا نأمل خيراً في ايجاد حل للعقدة السنّية عبر التروي والهدوء ومقاربة الموضوع بحكمة وبحسّ وطني عالٍ لا تشوبه “الانانية” بل المشاركة”. واعتبرت “ان الرئيس المكلّف اعاد الكرة الى ملعبنا فقط لانه لا يُجيد اللعب بالسياسة، وهو بالامس قال “بعض المواقف” غير التصعيدية تاركاً الباب مفتوحاً امام حل العقدة السنّية، وهذا امر ايجابي”.ولفتت الى “ان ما اعلنه عن تخلّيه عن وزيرين سنّيين واحد لرئيس الجمهورية واخر للرئيس نجيب ميقاتي “مواربة” وخطوة غير مسؤولة هدفها فقط اظهار انه لا يحتكر التمثيل السنّي داخل طائفته، في مقابل “قطعه” الطريق امام النواب السنّة المعارضين كي يتمثّلوا في الحكومة”.واستغربت المصادر كيف “انه صنّف نفسه “اب السنّة” في لبنان في حين ان الاب يجمع ابناءه تحت جناحيه من دون تفرقة ولا يُقصي من “يكره” سياسياً”.
مسعى باسيل: في الاثناء، واصل وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل مساعيه لحل العقدة السنّية، فزار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى في حضور وزير البيئة في حكومة تصريف الاعمال طارق الخطيب، فيما يتوقع ان يزور ايضا بكركي في الساعات المقبلة.
حان وقت الحل: وقال باسيل بعد الاجتماع ” نحن في أزمة وطنية وكل فريق رفع السقف وحان الوقت للكلام بين 4 جدران من أجل إيجاد الحل ومع رفع السقف يرتفع الباب وكلي تفاؤل بعد أن قال الكلّ ما لديه”، مضيفا “يجب تشكيل حكومة وحدة وطنية لا يكون فيها إكراه ولا فرض بل صحة تمثيل ونريد رئيس حكومة قويّاً ولا نقبل إلا أن يكون كذلك وكلّ ما يمسّ برئيس الحكومة يمسّ بنا”. وأكد ان “الموضوع ليس بصلاحيات الرئيس ولا بالطائف بل هناك مشكلة تمثيل فريق سياسي تحتاج الى معالجة تراعي صحة التمثيل واذا كان الحريري “بي السنة” السياسي المفتي هو “بي السنة” الروحي، ونحن بحاجة الى سماع توجيهاته”، معلنا ان “وحدتنا الوطنية من خلال حكومة الوحدة الوطنية تقوّي البلد وواجباتي التشاور مع جميع الفرقاء ولا مشكلة لنا مع أحد”. وأشار الى انه “لدينا قواعد للحل حتى لا يكون عشوائياً واذا اقتنع الجميع بهذه المبادئ فإننا ندخل الى نقاش الافكار”، لافتاً الى انّ “الجميع يريدون الخروج من الازمة ويطالبوننا باستكمال مسعانا”.
بري في الاربعاء: وسط هذه الاجواء، اكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد لقاء الاربعاء النيابي ان كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ترك الباب مفتوحا للحل وكذلك فعل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في مؤتمره الصحفي. وقال انه ابلغ الوزير باسيل موقفه تجاه الافكار التي يمكن ان يبنى عليها، آملاً في ان تنجح الجهود والمساعي لتشكيل الحكومة في اسرع وقت ممكن، للضرورات الوطنية على المستويات كافة. ونقل عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي ان “الرئيس بري وضع الوزير باسيل في أجواء الحلول و”انشالله بتتشكل الحكومة قريباً” بعد المساعي الجدية للحل”.
هاشم يرد: في المقابل، رد النائب قاسم هاشم ، على بعض مواقف الرئيس الحريري، فقال ان “الأب يجب ان يكون عادلا مع أولاده، وعندما يسمّي نفسه الحريري ابا للطائفة السنية عليه ان يكون منصفا في تمثيلنا”.
مكافحة الفساد: على صعيد آخر، اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان عملية مكافحة الفساد مستمرة ولن يتمكن احد من وقفها، مركزا على الدور الذي يلعبه القضاء في تحقيق اهداف هذه المسيرة وبسط العدالة ومنع التجاوزات والحد من انتهاك القوانين. وشدد على ان ما تحقق خلال العامين الماضيين من ولايته من انجازات امنية وادارية وقضائية هو خطوة في مسيرة الاصلاح التي التزم امام اللبنانيين المضي بها مهما كانت الصعوبات والعراقيل التي توضع في طريقها والتي سوف يعمل على تذليلها. وأعرب خلال استقباله في قصر بعبدا الهيئة الادارية لرابطة قدامى القضاة في لبنان برئاسة القاضي انطوني عيسى الخوري، عن امله في ان تستكمل مسيرة الانجازات التي تحققت خلال العامين الماضيين من ولايته الرئاسية “لان من حق اللبنانيين ان يشهدوا الاصلاح الذي وعدتهم به ولاسيما في مجال مكافحة الفساد وتصحيح اداء الادارات والمؤسسات العامة، ومعالجة القضايا المطلبية الاجتماعية والاقتصادية والانمائية بهدف الوصول الى استكمال بناء الدولة الحديثة”. ولفت الى ان كل القطاعات مدعوة للمشاركة في بناء الدولة لانها مسؤولية وطنية جامعة، مشددا على ان لبنان استعاد استقلالية قراره ولم يعد بلدا تبعيا، وهو يقول كلمته في القمم العربية والمحافل الاقليمية والدولية بحرية وصراحة انطلاقا من ثوابت وطنية وخيارات لا تمليها عليه اي جهة ولا يراعي فيها اي اعتبارات باستثناء مصلحة اللبنانيين وكرامتهم وسيادة بلدهم.
ليبرمان يستقيل: اقليميا، أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان استقالته من منصبه في الحكومة الاسرائيلية اعتراضًا على وقف اطلاق النار في غزة، ورأى ان وقف الحرب هو استسلام اسرائيلي للإرهاب. وقال “نحن نشتري الهدوء في غزة لفترة قصيرة، وأطالب باجراء انتخابات مبكرة”. وأضاف “رفضت التسوية مع حماس لأنها تمنحنا هدوءا على المدى القصير وتدعم الإرهاب”. واعتبر ليبرمان أن هناك عدم وضوح في الرؤية السياسية والأمنية للحكومة الحالية وحان الوقت لتقديم موعد الانتخابات. من جهتها، اعتبرت حركة “حماس” استقالة ليبرمان “انتصاراً سياسياً” لغزة.
المركزية