طرح سريّ لبري… هذه تفاصيله
في دوامة عقدة “سنّة 8 اذار” المفتعلة لقطع طريق ولادة الحكومة بسواتر ذريعة عقبة داخلية، هي بالفعل اقليمية بامتياز، بحسب ما اظهرت المعطيات السياسية، منذ تفكيك ما ادرج على تسميته “العقدة القواتية” “بضربة معلم” رمت كرة النار الى ملعب المسؤول الحقيقي عن العرقلة، تدور ازمة تشكيل الحكومة من دون بصيص امل بإمكان حلها في المدى المنظور، او على الاقل قبل الميلاد الذي كانت اوساط حزب الله ضربته موعدا محتملا للتأليف منذ اكثر من اربعة اشهر عبر “المركزية”. انذاك “هزئ” كثيرون من هذا التوقع واعتبروه غير منطقي، اذ ان بورصة التفاؤل بقرب اعلان المراسيم الحكومية كانت في اوجها والقناعة بأن العقد داخلية يمكن حلها بساحر ساحر شبه راسخة، وحزب الله منكفئ عن ساحة مشاكل التشكيل يتفرج عن بعد ولا ينفك يؤكد انه يسهل الى الحدّ الاقصى.
الميلاد بات قاب قوسين والحكومة الحريرية الثالثة لم تلد ولا امل بولادتها على الارجح قبل السنة الجديدة. صدقت توقعات الحزب وكذبت تنبؤات المراهنين على خروج لبنان من شرنقة القرار الاقليمي الذي ما زال اكثر من اي يوم مضى متمسكا بورقة ساحته واستخدامها صندوق بريد في معركة الكبار وفي زمن العقوبات والنووي وما خلفهما من كباش دولي اقليمي على مصير دول برمتها.
لكنّ القناعة التي لم يعد احد من القادة السياسيين وكبار المسؤولين في الدولة بعيدا منها، لم تثنِ بعض الحريصين على ما تبقى من هيكل الدولة المشرف على التهاوي اذا لم يتم وضع حد للنزف المتواصل في جسده
الضعيف، اذ يتحرك هؤلاء على اكثر من خط، ولكل اسبابه، علهم يفلحون في سحب البلاد من بيت عنكبوت الصراع الدولي المستفحل فيحفظون رأسها قبل فوات الاوان. وتقول اوساط سياسية متابعة ان اكثر من حركة رصدت في هذا المجال، ولو انها لن تحدث تقدما حتى الساعة من بينها مخرج طرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري حرص على اسباغه بالطابع السري حرصا على عدم دخول طابور خامس لاجهاضه. وتشير الى انه يقضي باجراء عملية تبادل بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فيعطي بري عون وزيرا شيعيا مقابل ان يعطيه عون الوزير السني، فيوزّر رئيس المجلس أنذاك النائب قاسم هاشم احد اعضاء كتلته وهو من سنّة 8 اذار، بحيث يُلبى مطلب هؤلاء بتوزير احدهم ويكون من حصة رئيس الجمهورية لا الرئيس المكلف، تجنبا لاحراجه. بيد ان الاوساط تشكك في نجاح مخرج بري ما دام يكسر في شكل ما هيبة الرئيس الحريري المصرّ على عدم توزير احد النواب الستة، ويؤيده في موقفه رئيس الجمهورية. وتوضح ان بري ينتظر ان ينهي وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل جولته على المسؤولين مستطلعا مواقفهم قبل الانتقال الى المرحلة التنفيذية.
اما ما يعرف بـ “مبادرة” الوزير باسيل فينطلق بحسب الاوساط من ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل الجميع عبر الكتل الاساسية في المجلس من خلال اشراكهم في القرار، خصوصا في حكومة ستضع مقررات مؤتمر سيدر موضع التنفيذ وغير جائز تاليا وضع اي مكون خارجها. وتبعا لذلك يقترح باسيل قيام حوار بين السنة الستة والرئيس الحريري اذ لا يمكن لأحد فرض تمثيل اي مكون من دون موافقة الرئيس المكلف المفترض ان يجتمع مع الجميع ويستمع الى كل المكونات.
وفيما لا يبدو متوقعا ان تقترن حركة باسيل بدورها بالنجاح المأمول، تسأل الاوساط المشار اليها، وانطلاقا من رفض البعض الاحتكار الطائفي والمطالبة بمنع اعطاء رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط كامل الحصة الدرزية، وتسليمه بالمطلب ووضع مفتاح حل العقدة لدى الرئيس عون ليختار الدرزي الثالث من بين لائحتي اسماء وضعهما جنبلاط والنائب طلال ارسلان، وكما استُنبِط حل العقدة الدرزية، لمَ لا يتم استنباط مخرج للعقدة السنية على غرارها، فيسمي الرئيس عون من حصته درزيا وسنيا وشيعيا ومسيحيا ليؤمن التنوع داخل المذاهب ويقطع الطريق على الاحتكار المذهبي الذي قد يلجأ اليه البعض كخطوة ميثاقية لتعطيل عمل الحكومة؟