هل يرفع الحريري البطاقة الحمراء بوجه مبادرة باسيل؟
فيما تتساقط المهل والمواعيد المضروبة تباعا لولادة الحكومة منذ ستة اشهر، وقبل مهلة الميلاد التي كانت اوساط حزب الله حددتها منذ نحو اربعة اشهر، تحل ذكرى الاستقلال الخامسة والسبعون والحكومة ما زالت تبحث عن استقلالها عن “براثن العقدة الاحادية المصطنعة” الحائلة دون ابصارها النور، على رغم مساع جبارة يبذلها الرئيس المكلف سعد الحريري لالتقاط صورة الاستقلال الجامعة، إن في العرض العسكري او في قصر بعبدا، كرئيس حكومة كامل المواصفات مسقطا عنه صفة التكليف، ومنعا لاستنزاف زخمه في زواريب الاستيزار، إلا أن دون كسب السباق مع الوقت مصاعب تتصل بكيفية ترسيم الحدود بين المصالح الخاصة والحسابات المتعارضة بعيدا من مصلحة الوطن، التي يبدو تتفوق عليها كرسي حول الطاولة الحكومية.
فالمساعي والوساطات الخجولة لحل عقدة توزير سنّة 8 اذار تصطدم بدورها بجدران الممانعة، وآخرها مسعى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي لا يبدو سيشق طريق الحل، اذ ان نقطة الارتكاز التي تشكل انطلاقته غير قابلة للحياة، في ظل رفع الرئيس المكلف سعد الحريري “البطاقة الحمراء” في وجه استقبال النواب الستة، لان مجرد فتح ابواب بيت الوسط امامهم معناه الاعتراف بهم والاقرار بحيثيتهم، وتاليا وجوب الاستجابة لمطلبهم بوزير سنّي، علما ان عقد هذا اللقاء يشكل النقطة الاولى في مبادرة باسيل، كون الثانية بحسب ما تكشف اوساط مطّلعة لـ”المركزية” تقضي بأن يبحث رئيس التيار الحر والنواب الستة في المخرج المُلائم للازمة، اما بالاتّفاق على تسمية وزير منهم او بوضع لائحة اسماء-بعد موافقة النواب الستة من خارج تجمّعهم، ليُصار لاحقاً الى اختيار واحد منهم تماماً كما حصل مع العقدة الدرزية. لتأتي بعدها النقطة الثالثة القائمة على آلية تمثيل هؤلاء من حصّة مَن؟ رئيس الجمهورية ام الرئيس المكلّف؟
الحائط المسدود: وعلى قاعدة تأكيد المؤكد، قالت مصادر “حزب الله” لـ”المركزية” “ان المساعي الحكومية مكانك راوح، وحراك الوزير جبران باسيل وصل الى حائط مسدود”، وذهبت في توصيفها للجمود الحكومي الى حدّ القول “الحكومة مسكّرة”. واشارت الى “ان الحزب على موقفه لجهة عدم تسليم اسماء الوزراء الشيعة الى الرئيس الحريري قبل الاستجابة لمطلب النواب السنّة بالمشاركة في الحكومة بوزير منهم”.
الوساطة حية: لكن أوساطا متابعة لعملية التأليف تؤكد عبر “المركزية” أن وساطة باسيل مستمرة، ولم تنته كما توقع البعض بعيد اللقاء مع النواب السنة “المستقلين”. وتقول ان الهدف الأول من تحرك رئيس التيار الوطني الحر هو تأمين لقاء بين الرئيس المكلف والنواب الستة، فمن الضرورة بمكان الاعتراف بأنهم يشكلون شريحة من الشارع السني أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة. اما في حال رفض الحريري استقبال هؤلاء فإن مجموعة من الأفكار جاهزة للطرح على بساط البحث، لأن الجميع يرفضون التسليم بالفشل في تأليف الحكومية، فيما هي يجب أن ترى النور في أقرب الآجال. وفي ما يتعلق باحتمالات “استعادة رئيس الجمهورية الوزير الماروني ليعود “السني” بدوره إلى الرئيس المكلف، أوضحت الأوساط أن الهدف من ذلك تمكين الحريري من إعطاء اللقاء التشاوري وزيرا من الطائفة السنية، طبقا لما يطالبون به. غير أنها تشدد على أن أي حل لهذه العقدة من المفترض أن ينطلق من اللقاء المباشر بين الجانبين، موضحة ان المستهدفين مما يجري هما رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة .
اليوبيل الماسي: ووقت غاب أي حراك على الضفة الحكومية، تقدّمت مناسبة الاستقلال واجهة الاحداث المحلية. فعشية العرض العسكري في جادة شفيق الوزان والكلمة التي سيوجهها رئيس الجمهورية للبنانيين، أقيم حفل إزاحة الستار عن النصب التذكاري لمناسبة اليوبيل الماسي للاستقلال، في وزارة الدفاع، في حضور كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري اللذين رصدا بمفردهما يتحادثان في ختام الاحتفال.
العماد عون: وفي المناسبة، ألقى قائد الجيش العماد جوزيف عون كلمة توجه فيها إلى رئيس الجمهورية بالقول “على عاتق عهدكم مسؤوليات جسام ملقاة، ليس أقلها استكمال المهمات الوطنية. فمسيرة وطننا بكل تعقيداتها أثمرت دولة، مع كل الضغوط التي عرفتها، نجحت في بلورة نموذج مجتمعي متطور”. وقال “وجب علينا أن نحمي المكاسب وأن نرتقي بها، على رأسها الدولة بمؤسساتها، باعتبارها الضامن الوحيد لاستمرارية المجتمع وتماسكه، وأمنه الذي نجحت القوى العسكرية والامنية في ارسائه املا في استثماره في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية حفاظا على ما تحقق من انجازات ومكاسب”. وتوجه إلى اللبنانيين: “لأن الأمن شرط اساسي لاي استقرار، أناشدكم من منطلق مسؤولياتي وأدعوكم الى تجديد ثقتكم بالجيش، الذي كان وسيبقى الى جانبكم سندا لكم للوصول الى تحقيق الأمان الكامل وترسيخ شروط الحياة الطبيعية المنتظمة بشكل دائم”.
أمر اليوم: وكان العماد عون أكد في أمر اليوم “أن ما ننعم به من استقرار داخلي ليس إلا نتيجة عمل الجيش الدؤوب في ملاحقة الخلايا الارهابية وتفكيكها والعمليات الاستباقية ضدها”، مشددا على أن لا مكان للمخلين بالأمن ولا ملاذ، مطمئنا إلى أن الجيش عازم على مطاردتهم وحماية المواطنين من شرورهم. وقال للعسكريين “في زمن التحولات والصراعات الدولية الكبرى، تثابرون على جهوزيتكم عند الحدود الجنوبية، لإحباط مخططات العدو الإسرائيلي وتهديداته، ومحاولاته وضع اليد على جزء من أرضنا وثرواتنا النفطية. فاستمروا على ما دأبتم عليه، متسلّحين بحقكم المقدس في الذود عن ترابكم وشعبكم، بالتنسيق والتعاون مع قوات الأمم المتحدة الموقتة إلى جانبكم تطبيقاً للقرار 1701 ومندرجاته، ما يزيد من صمودكم وقدرتكم على مواجهة هذا العدو، وفضح خروقاته ونياته العدوانية أمام العالم. وأعلم أنكم توّاقون إلى تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا واستكمال انتشاركم فيها كما في الجزء الشمالي من بلدة الغجر المحتلة”. وأضاف: “أما الوجه الآخر لتضحياتكم، فهو محاربة الإرهاب الذي طردتموه من أرضنا وأبعدتم خطره. واليوم تنتشرون على الحدود الشمالية والشرقية لتأمينها من تسلل أي مجموعات إرهابية وضبط عمليات التهريب والانتقال غير الشرعي. وأردف “إنّ الحال الضبابية التي تلفّ المنطقة بأسرها في ظلال تحولات كبرى مرتقبة، سيكون لها من دون شكّ انعكاسات على بلدنا، فضلاً عن الظروف الدقيقة التي يمرّ بها لبنان، ما يحتّم عليكم البقاء في أعلى درجات اليقظة والاستعداد لمواجهة تحديات هذه المرحلة”.
بطريرك الاستقلال: أما في الفاتيكان وعشية الاستقلال، فتسلّم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أعمال دعوى تطويب البطريرك مار الياس الحويك، الذي كان له دور كبير في تحقيق الاستقلال اللبناني، من مقرر الدعوى الأب فنشنسو كريسكولو في مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان، في حضور رئيس المجمع الكاردينال جيوفاني أنجيلو بيتشو. وقد تناولت حياة البطريرك الحويك وفضائله وشهرة قداسته، تمهيدا لاعلانه مكرما.
المناضل الشريف: من جهة ثانية، وفي وقت يستذكر لبنان وحزب الكتائب في قداس عصر اليوم، الشهيد بيار الجميل، كتب الرئيس المكلف سعد الحريري على حسابه على تويتر “في ذكرى اغتيال الشهيد بيار أمين الجميّل نتذكر الصديق الوفي والمناضل الشريف من اجل حرية لبنان وديمقراطيته واستقلاله. الرحمة لروح بيار وارواح كل شهدائنا”… اما رئيس التيار الوطني الحر فكتب عبر تويتر “نتوقف باحترام عند ذكرى استشهاد بيار الجميّل الذي احبّ لبنان وعمل لأجل استعادة سيادته وساهم في صنع الامل للشباب اللبناني”. وغرد جعجع عبر حسابه على “تويتر” بالقول: “لن تخفت ثورة ترقد فيها روح ثائر شهيد”.
اليمن: اقليميا، وصل مبعوث الامم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث إلى صنعاء . وسيلتقي قادة الحوثيين لبحث فرص عقد مفاوضات سلام في السويد قبل نهاية العام.