بين الحريري و”الحزب” قلوب مليانة” ورسائل
لم يتأخر النواب السنة الذين يؤلفون “اللقاء التشاوري السني”، باعتبارهم مناوئين لتيار المستقبل، في “صرف” جرعة الدعم الحكومية التي تلقوها من “الوسيط الرئاسي الوزير جبران باسيل”، الذي أكد، من دارة النائب عبد الرحيم مراد، ضرورة الإعتراف بأن أعضاء اللقاء يمثلون حيثية سنية أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة. فكان أن بادر مراد إلى الاتصال بمكتب الرئيس المكلف سعد الحريري لطلب موعد للقاء الحريري و”معارضيه” في معقله.
وإذا كان مراد أعلن اليوم في مداخلة إذاعية أنه لا يزال ينتظر جواب بيت الوسط، فإن الوسيط الرئاسي يترقب بدوره رد فعل أوساط الحريري إزاء مبادرة مراد، لينتقل إلى المرحلة الثانية من مسعاه الانقاذي لتسهيل ولادة الحكومة، فيما تمضي المفاوضات بوتيرة بطيئة، مستنزفة بذلك أيام العهد الذي بلغ منتصف عمره قبل أسابيع.
وتكشف أوساط متابعة لمسار التشكيل الحكومي عبر “المركزية” أن المرحلة المقبلة من مبادرة رئيس التيار الوطني الحر تقضي بأن يطلب من أعضاء اللقاء التشاوري وضع لائحة بأسماء شخصيات سنية تدور في فلك الثامن من آذار، من دون أن تشكل استفزازا للرئيس المكلف، ليصار إلى اقناعه بضم أحد الأسماء إلى التوليفة الحكومية.
على أن الأمور لم تبلغ هذه المرحلة المتقدمة من رحلة المفاوضات. ولم يكن أدل إلى هذا الشلل إلا جواب الرئيس المكلف نفسه ردا على سؤال على هامش التهاني بعيد الاستقلال، حيث قال بالعامية: “ليش وين في نواب سنة مستقلين. مستقلين عن مين؟”
وفي محاولة لاستشراف ما بين سطور هذه الرسالة من بيت الوسط إلى خصومه، تستشهد الأوساط بموقف آخر أطلقه الرئيس الحريري من على منبر السراي الحكومي قبل أيام، حيث أكد أن “الحل ليس لديه”. ولا يخفى على أحد أن كلام الحريري هذا يحمل بين طياته إعادة الكرة الحكومية إلى ملعب “حزب الله”، خصوصا بعدما أعلن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير المواجهة المفتوحة مع الرئيس المكلف، مشددا على “أننا مع النواب السنة (المحسوبين على 8 آذار) إلى قيام الساعة”، ما يؤشر إلى أن التأليف غارق في عوالم النسيان إلى أجل غير مسمى.
على أن هذا التصلب في المواقف، حيث لا مؤشر إلى إقدام أي من الفريقين المتنازعين على التراجع عن موقفه في المدى القريب، تجعل الأوساط الآنفة الذكر لا تتردد في الجزم بأن ما بين الحريري و”مناوئيه” ليس مجرد رمانة، بل قلوب مليانة يسعى الرئيس المكلف إلى تفادي انفجارها، بما يطيح الحكومة المقبلة، وهو أمر يتجاوز رضوخ الحريري لمطلب الضاحية في توزير حلفائها، الى محاولة واضحة لما تعتبره الأوساط “كسر الحريري” في شارعه بعدما خرج تيار المستقبل من الانتخابات الأخيرة، مصاباً ببعض الخسائر، مشيرة إلى أن حزب الله يمضي بلا هوادة في معركة الدفاع عن سنة 8 آذار ليوجه رسالة واضحة إلى الحريري مفادها أنك لم تعد الممثل الوحيد للسنة في لبنان، بدليل أن مؤيدي “المقاومة” باتوا حاضرين بقوة بين الصفوف السنية.
وتختم مؤكدة أن الحريري فهم الرسالة جيدا، بدليل أنه مصر على الصمود في وجه ضغط الحزب وقد لا يلتقي النواب السنة المحسوبين على 8 آذار قريبا.
“المركزية”