الحريري ببعبدا: تشكيلة لا تُغضب “الحزب” ولا تُرضي عون
حزم الرئيس سعد الحريري أمره. بعد ظهر اليوم الإثنين يحط في قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون. يريد كسر المراوحة التي استمرت طيلة الأيام الماضية في ملف تشكيل الحكومة. يريد لزيارته هذه أن تكون مختلفة عن الزيارات السابقة. زيارة علنية، يحمل معه فيها ملفّه الحكومي المؤلف من تشكيلة مكتملة في توزيع الحقائب، وغالبية الأسماء. يعرضها على رئيس الجمهورية. أصر الرئيس المكلف على الحكومة المؤلفة من 18 وزيراً. وبخطوته هذه سيلقي عنه تهمة عرقلة تشكيل الحكومة، لتصبح الكرة في ملعب رئيس الجمهورية ميشال عون.
تداول الحريري مع عون في الأسماء والحقائب، لم يقدّم التشكيلة الحكومية بشكل رسمي، حسب ما تشير معلومات، بعدما تلقى اتصالات متعددة طلبت منه التريث، للبحث عن مخرج وعدم استمرار الخلاف. وعليه، فتم في اللقاء التداول بإعادة تفعيل المسار الحكومي، على أن تستمر الاتصالات قبل لقاء ثان يعقد بينهما يوم الاربعاء المقبل. وقال الحريري بعد اللقاء: “تشرفت بلقاء الرئيس عون، وتشاورت معه. وسنلتقي مجدداً بعد ظهر الاربعاء لاستكمال البحث”.
أسماء الوزيرين الشيعيين
في اليومين الماضيين كثف الحريري اتصالاته مع القوى السياسية، للتفاوض على توزيع الحقائب، استمر متسلحاً بكتمانه، والحرص على عدم تسريب أي أمر يتعلق بالتشكيلة وبآلية التفاوض. وتشير المعلومات إلى أنه أجرى اتصالات عديدة مع مختلف القوى السياسية، واستمرت طوال يوم الإثنين قبل موعد اللقاء، في محاولة لإنضاج أكبر قدر من التفاهم، وللتمكن من إعداد تشكيلة متكاملة في توزيعها بين الحقائب والأسماء.
لكن، حسب مصادر متابعة، فإن حزب الله لم يقدم أسماء وزيريه الشيعيين للحريري الذي سيقدم تشكيلة بأسماء متوازنة وغير مستفزة لكنها ستكون قابلة للتعديل فيما بعد، لأنه بناء على الاتفاق بين الحزب وعون، لا يمكن تسليم الأسماء للحريري. الأمر الذي سيعطي انطباعاً عندها بأن رئيس الجمهورية هو الذي يعرقل تشكيل الحكومة، طالما أن كل القوى قد سلمت أسماءها وارتضت بحقائبها، فيما عون لا يزال رافضاً. حزب الله، في هذه النقطة، يقف إلى حد بعيد مع رئيس الجمهورية ووجهة نظر التيار الوطني الحرّ، ويحرص على عدم تحميل المسؤولية لرئيس الجمهورية. ولذلك، يقول حزب الله للحريري عليك أن تتفاهم مع عون، وعون يقول له إذهب وتفاهم مع باقي الأطراف.
وزارات أمل والاشتراكي والمردة
الرئيس نبيه بري كان قد سلّم سابقاً ورقة تتضمن أسماء مقترحة للتوزير عن حركة أمل، وتضم اللائحة حوالى عشرة أسماء، حسب ما تشير المعلومات. وقد تم تسليمها من خلال الوزير السابق علي حسن خليل، بينما تستمر المفاوضات بين الحريري وجنبلاط للتفاهم على ما سيتم منحه للدروز. وحسب ما تشير المعلومات، فإن وزارات العمل والأشغال والسياحة بالإضافة إلى وزارة المالية ستكون من حصة الطائفة الشيعية. حزب الله ينال الأشغال والعمل، فيما تكون حصّة حركة أمل وزارتي المالية والسياحة. أما الحريري فيريد الحصول على وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية. وهما الوزارتان اللتان طالب بهما وليد جنبلاط سابقاً. هذا الأمر يبقي المشاورات مفتوحة بين الحريري وجنبلاط، للتفاهم على منح الدروز وزارة سيادية هي وزارة الخارجية. علماً أن جنبلاط لا يحبذها. ويحاول الحريري إقناعه بحقيبة ثانية إلى جانبها. في المقابل يدور نقاش حول حصة تيار المردة والحصة الأرمنية. إذ تشير المعلومات إلى أن المردة قد يحصل على وزارة الاتصالات وتؤول التربية إلى الطاشناق. بينما عون يصرّ على وزارات الدفاع والعدل والداخلية والطاقة، وهذا أمر لا يرضى به الحريري، الذي يريد اختيار أربعة أسماء لوزراء مسيحيين مستقلين.
الاقتصاد ومعركة باسيل
سيعرض الحريري على عون ما لديه، ما سيعيد تحريك الملف الحكومي. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن هناك عوامل داخلية أساسية مؤثرة بعيدة عن الصراع الدولي والإقليمي والتصعيد بين واشنطن وطهران. من بين هذه العوامل، الملف الاقتصادي ورفع الدعم والخطة الإقتصادية للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، في ظل عدم وجود أي أرضية للتوافق بين الأطراف اللبنانية المختلفة. والعامل الثاني هو الجبهة التي يعمل رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل على فتحها في القضاء، من خلال فتح ملفات فساد وإثارة دعاوى قضائية في مختلف المؤسسات. وذلك، ليقول إنه لم يضعف سياسياً ولا في محاربة الفساد. وإنه جاهز لخوض المعارك مع كل خصومه. ومن حاول تطويعه أو تطويقه في الحكومة، فلن يقدر على ذلك في إثارة هذا النوع من الملفات. هذه كلها عوامل ستتحكم بمسار التشكيل وما بعده أيضاً.
الأهم من تشكيل الحكومة، هو سؤال يطرح نفسه، هل سيكون ملف معالجة الدعم ورفعه، والذي سيكون بحاجة إلى قرارات غير شعبية على الإطلاق، هو أول ملف يفتح في وجه هذه الحكومة؟ أم أن تشكيل الحكومة سيبقى مؤجلاً لتنفجر هذه الأزمة وقراراتها بوجه حكومة تصريف الأعمال، فيما يحاول رئيسها حسان دياب إبعاد كأس هذا السم عن نفسه؟
المدن