لبنان في أكثر مراحله خطورة… وهذا أكثر ما يثير القلق
إذا كان الدافع لحركة الوزير جبران باسيل، هو إحداث ثغرة في جدار التأليف، ووقَف المنحى التعطيلي، واحتواء السلبيات التي ترتّبَت عليه على مدى الاشهر الستة الماضية، فإنها تلاقي الدعوة الرئاسية الى الانعقاد الاستثنئائي لمجلس الدفاع الأعلى في القصر الجمهوري في بعبدا أمس. وبحسب مصادر معنية لـ«الجمهورية» فإنّ مجموعة اسباب أملَت هذا الانعقاد، ولعلّ أبرزها استشعار المخاطر الجدية التي تُحدق بالوضع اللبناني من مختلف الجوانب، والتي توجِب استنفاراً فورياً لتداركها واحتوائها.
وتشير المصادر الى انّ بحث موضوع اتخاذ الخطوات الاحترازية في كل المناطق اللبنانية، وخصوصاً على الصعيد الامني في شهر الاعياد، أمر بديهي في مثل هذه المناسبة، الّا انّ الاساس هو ما استجَدّ خلال الاشهر الاخيرة من تطورات، خصوصاً انّ تقارير الاجهزة الامنية على اختلافها سجّلت مجموعة من الحوادث، إضافة الى بعض المظاهر التي تدعو الى الريبة والقلق في هذه المرحلة، بالتوازي مع التأكيد على انّ الاجهزة الامنية على اختلافها تقوم بما يلزم، وعلى وجه الخصوص في مجال ضبط الوضع الامني وحماية الاستقرار الداخلي، وملاحقة الخلايا الارهابية، وهو الأمر الذي شهد تقدماً نوعياً عمّا كان عليه في مراحل سابقة.
وبحسب المصادر فإنّ تطورات الأيام الاخيرة، ولاسيما الحملة القاسية على الرئيس المكلف سعد الحريري، والتي ترافقت مع شحن سياسي وغير سياسي عَبّر عن نفسه في تصاعد لهجة الخطاب الهجومي وبلوغه حدّ الشتائم والإهانات، وكذلك في التحرّكات الاحتجاجية في الشارع في بيروت والمناطق احتجاجاً على هذه الحملة، وترافقت ايضاً مع بروز شائعات عن أعمال خطيرة، كلّ ذلك شَكّل الدافع الأقوى لانعقاد مجلس الدفاع الأعلى لِما انطوت عليه الأمور من مخاطر كبرى على الاستقرار الداخلي، ودفعت بالمجلس، بعد استعراض ما جرى، الى التأكيد على القوى الامنية كلها للتيقّظ أكثر وضرورة رفع جهوزيتها الى أعلى درجاتها لحماية الداخل، وإحباط اي محاولة للعبث بالسلم الاهلي، والتشدد مع العابثين وضربهم، ومنع أي مظاهر من شأنها ان تؤدي الى إشاعة توترات وانقسامات وخلق اجواء يصعب احتواؤها فيما لو تطورت وأفلتت من اليد.
الى ذلك، وفيما أعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري عن أمله في أن تؤدي آليّات الحل الجديدة (التي عرضها مع باسيل أمس الاول في عين التينة) الى النتائج المرجوّة، مُحذّراً من انّ البلاد لا يمكن ان تستمر على هذا الوضع»، برزت خشية كبرى عَبّرت عنها مستويات سياسية ورسمية وحزبية، حذّرت من انّ البلد في أكثر مراحله خطورة، وما يثير القلق هو انّ تشكيل الحكومة الصعب على البارد حالياً، فيمكن ان يصبح تشكيلها أكثر صعوبة على الساخن لاحقاً اذا ما أدى سبب ما الى رفع حرارة الوقائع الداخلية السياسية وغير السياسية ووضع لبنان في دائرة الاحتمالات الخطيرة، ما يعني انّ الحكومة المعطّلة بطريقة مُفتعلة حالياً، قد يصلون الى وقت لا يستطيعون تشكيلها حتى ولو تراجعوا عن شروطهم التي يرفعونها الآن.