لماذا يُعرقل “حزب الله” “العهد”؟
اذا كان تشكيل الحكومة متعذرا، بعيدا من الدوافع والخلفيات وما اذا كانت محض محلية ام ان جذورها تمتد نحو الاقليم، وفرص ولادتها شبه معدومة استنادا الى المعطيات المتوافرة في شأن المبادرة الرئاسية الاخيرة التي رست على ما يبدو على تنازل مثلث الاطراف من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتمثيل السنّة الستة من حصته والرئيس المكلف بقبول مبدأ تمثيلهم، والنواب الستة بتسمية شخصية يختارونها من خارجهم، الامر الذي يرفضه هؤلاء مؤكدين تمسكهم بتمثيلهم بنائب منهم وبالاقرار بحيثيتهم وحقهم، واذا كانت البلاد متجهة نحو كارثة بإقرار رئيسها، اذا لم تنجح مبادرته، فإن بقاء المسؤولين في موقع المتفرج على الدولة تنهار من دون ان يبادروا الى تلقف كرة النار وحسم القرار، لهو اكبر خطيئة تُرتكب في حق لبنان الذي ائتمنوا على الحفاظ عليه واقسم رئيس البلاد على احترام دستوره وقوانينه وحفظ استقلاله وسلامة اراضيه.
واذ تستغرب مصادر سياسية سيادية عبر “المركزية” عدم اقدام رئيسي الجمهورية والمكلف على خطوة نوعية تنقذ البلاد عوض “الاستسلام” لمشيئة حزب الله الذي منع الحكومة من ابصار النور قبل اللحظات الاخيرة من ولادتها، كمثل تشكيل حكومة تكنوقراط تضم نخبة من الاختصاصيين الاكفّاء الذين تحتاجهم البلاد راهنا اكثر من اي وقت مضى، بفعل التدهور الذي يضرب مختلف القطاعات وضرورة وضع خطة انقاذية تنتشلها من قعر البئر القابعة فيه، قد يعجز اهل السياسة عنها، تسأل هل ان حكومة الوحدة الوطنية المرفوعة شعارا تتفوق اهمية على المصلحة الوطنية العليا، وهل تقف حائلا دون انقاذ الوطن من الانهيار.
واذا كان الخيار هذا مستبعدا لاعتبارات تتداخل فيها المصالح السياسية بمنظومة توزيع الحصص والمغانم على المتحكمين بالدولة الذين لا يتوانون عن رفع الصوت تحذيرا، فلمَ لا يوجه رئيس الجمهورية الدعوة الى طاولتي حوار اقتصادية ترسم خطة طريق انقاذية تلافيا للسقوط في المحظور، وسياسية لفتح قنوات التواصل والالتقاء على ما يبعد الكأس المرة عن لبنان وشعبه؟ وخارج الخيارين طروحات واقتراحات كثيرة من شأنها اخراج البلاد من قمقم العقم العالقة فيه.
وترى المصادر ان حزب الله الذي يفرمل المسار الحكومي من خلف الكواليس، لا يضع في حساباته الوطن ومصيره ومستقبله بقدر ما يتطلع الى تنفيذ اجندة ايرانية من منطلق كونه “جنديا في ولاية الفقيه…
وقيادته وإرادته وولاية أمره وقرار حربه وقرار سلمه بيد الولي الفقيه”، على حد تعبير الامين العام السيد حسن نصرالله. واللافت وفق ما تشير، انه بعدما عطّل البلاد عامين ونصف العام من اجل ايصال مرشحه العماد عون الى رئاسة الجمهورية، وعوض ان يناضل ويكافح في سبيل تسهيل مسار عهده وازالة اي لغم يعترض دربه ليثمر نضاله ويتيح لمرشحه تنفيذ برنامج عمله وخطة طريقه للنهوض بالوطن، انبرى الى تنفيذ اجندته الايرانية فافتتح العهد باستعراض القُصير العسكري ضاربا عرض الحائط سياسة النأي بالنفس واستتبعه باستعراضات في الداخل عبر “اذرعه” وادواته المعهودة وصولا الى منع تشكيل حكومة العهد الاولى كما يريدها الرئيس عون، لحاجة “الولي الفقيه” الى استخدامها ورقة في بازار المشاحنات الدولية في اكثر من ملف لا سيما النووي.
وتبعا لذلك، تعتبر المصادر ان تسبب الحزب بعرقلة العهد “العوني” واستمراره في التغريد خارج السرب اللبناني، خلافا لسائر الفرقاء السياسيين الذين يقف سقف اجنداتهم عند الحدود اللبنانية، ولو ان الكثير منها مصلحي حصصي، لا بد ان يؤسس لشرخ في التحالف، تسهم في تعميقه الضغوط الدولية المفروضة على ايران والحزب ووجوب التعامل معها انطلاقا من صون مصلحة لبنان قبل اي شيء آخر.