حكومةُ السياسة لحزب الله والأرباحُ للحريري وباسيل
ذهبت سكرة التشكيل وجاءت فكرة الحكومة. الإستحقاقات داهمة، معيشياً وإقتصادياً وسياسياً. ليبقى السؤال الملحّ: هل من خطة واضحة، يلاقيها مناخ ملائم، للشروع في العمل؟ الأكيد، أن الإنسجام بين بعض مكونات الحكومة قد يكون مفقوداً. وربما تكرر هذه الحكومة العتيدة العودة إلى صيغة الانقسامات في الحكومة السابقة، لجهة إعادة تعويم التفاهم والتنسيق والتحالف بين “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحرّ”، أي العودة إلى ثنائية الحريري – باسيل، مقابل التوتر والخلافات مع باقي القوى الأخرى، حول الملفات اليومية، كما في جدول أعمال الجلسات الوزارية، الذي بالتأكيد ستتحكم بمسارات وضعه وتحديده، جملة عوامل، تنطلق من التوازنات السياسية الجديدة، والتفاهمات التي ستولد من نتاجها.
تطبيع مع الأسد!
لا يبدو أن هناك إشكالاً على
مضمون البيان الوزاري، وفق ما تشير مصادر متابعة. إذ أن الصيغة المبتكرة
للبيان المرتقب، ستكون نسخة معدّلة ومنقّحة عن بيان حكومة تصريف الأعمال،
وقد يضاف إليه جملة بنود تتعلّق بالأوضاع المالية والإقتصادية والاجتماعية.
فيما قد تغيب عنه العناوين السياسية، وفق ما يخمّن البعض. بينما آخرون
يرون إمكانية ترك الوجهة السياسية للحكومة لتتحدد وفق المقتضيات والتطورات،
كي لا تلتزم الحكومة بسياسة معيّنة، تستدعي إعادة إحياء الإنقسام السياسي.
ولكن ما لا شك فيه، حسب المصادر، أن حزب الله سيكون قادراً على فرض شروطه
السياسية على مسار الحكومة، سواء في ملف السلاح والمقاومة، وما يرتبط به
كحزب من مواقف في السياسة الخارجية، أو حتى في ملف التطبيع مع النظام
السوري والضغط في هذا الإتجاه.
ستكون الحكومة أمام استحقاقات داهمة، تبدأ بملف الأنفاق والوضع الحدودي، ولا تقف عند حدود الضغط الأميركي في سبيل توسيع نطاق عمل قوات الطوارئ الدولية، لا سيما بعد جلسة مجلس الأمن الأخيرة التي حمّلت الدولة اللبنانية مسؤولية تزايد نشاط حزب الله، وخرق القرار 1701 وعدم تطبيقه. وبالتالي لا بد من ترّقب تطورات عديدة في هذا المجال، قد تصل في لحظة ما إلى حدّ التهديد بتوسيع عمل قوات الطوارئ الدولية، تحت الفصل السابع. وهذه الاحتمالات ستكون محطّ تباحث بين مسؤولين لبنانيي وأميركيين في الفترة المقبلة.
تحت سقف حزب الله
بعد إنجاز التوافق والوصول إلى التسوية الحكومية، وبالإستناد إلى قراءة مسار التفاهمات غير المعلنة التي اعترتها، فمن الواضح أن منطق الثنائيات سيعود ليتحكم بمسار الأمور.. خصوصاً أن بعض الأطراف يترقب عودة إحياء الثنائية الحريرية الباسيلية في مجلس الوزراء، بعد إحالتها إلى إستراحة امتدت منذ الإنتخابات النيابية إلى تشكيل الحكومة. وهذه الثنائية، ستستدعي تلقائياً تحالفات مقابلة لها، للوقوف بوجه ما تعتبره القوى المتضررة منها، منطق الإستئثار، الذي سيسعى باسيل إلى تكريسه مع الحريري. وبالتالي فإن الثنائية ستستدعي المزيد من التقارب، بين القوات اللبنانية، الحزب التقدمي الإشتراكي، حركة أمل، وتيار المردة. فيما حزب الله سيكون “المشرف العام” على كل ما يجري، طالما أن كل الخلافات ستبقى محصورة تحت السقف الذي رسمه، ولا يتخطى الأطر السياسية والإستراتيجية التي يرسمها في الداخل أو في الخارج.
رجال الأعمال أولاً
وما يدلّ على إعادة إحياء الثنائية بين الحريري وباسيل، هو التناغم الذي ظهر مجدداً بينهما في الساعات الأخيرة، بعد حلّ العقدة السنية. وهو المطلب الجديد الذي تقدّم به الحريري، مدعوماً من باسيل، الحصول على وزارة البيئة من الرئيس نبيه بري، مقابل منحه وزارة الصناعة من حصة الإشتراكي. الأمر الذي رفضه بري وجنبلاط، بشكل قاطع، معتبرين أن منطق الثنائيات يعود ليطل برأسه مجدداً، محكوماً باعتبارات مصالح خاصة، وبمشاريع ستتوضح أكثر فأكثر، مع مرور الايام، بين الحريري وباسيل. قد تبدأ بالمحارق والمطامر، استكمالاً للتوافق بينهما في الحكومة السابقة على ملف الكهرباء واستئجار البواخر. وتختصر مصادر متابعة المرحلة الحكومية المقبلة، والتي على ما يبدو أنها ستطول إلى حصول الإنتخابات النيابية، بأنها حكومة المصالح المشتركة في المجالات الحيوية مالياً وإقتصادياً، مقابل التنازل عن الخطوط السياسية العريضة لصالح حزب الله. وهذا ما يدلل عليه التجمّع الكبير لرجال الأعمال والمتمولين الذي سيتشكل داخل مجلس الوزراء.
منير الربيع/ المدن