فرص التشكيل تتضاءل وباسيل يطالب بالثقافة والبيئة
على مفرق التشكيل كمن شيطان التفاصيل، قاطعا طريق ولادة الحكومة بسواتر توزيع الحقائب التي وعلى غرار عقدة سنة 8 اذار استجدت في اللحظات الاخيرة لتحبط الامال التي عُلقت في بحر الاسبوع على وضع حد لازمة الاشهر السبعة وبزوغ فجر حكومي جديد يقدمه القيّمون على شؤون البلاد هدية الميلاد. لكن الحكومة الموعودة لا تبدو ستكون عيدية الميلاد ولا حتى رأس السنة على الارجح بعدما عادت المفاوضات اشواطا الى الخلف وتراجع بعض الاطراف عن تعهداته اما لكونه اكتشف انه تعرض للخديعة او لأنه استفاق على ما في خزنة ” سيدر” من كنوز يفترض ان تكون له فيها حصة عبر هذه الوزارة او تلك، فتفرق العشاق وطارت الحكومة او على الاقل تأخرت.
هذا الواقع عكسته معلومات حصلت عليها “المركزية” افادت ان الرئيس سعد الحريري عازم على مغادرة البلاد في اجازة طويلة اذا لم تشكل الحكومة حتى يوم الاثنين في الحد الاقصى وانه لن يعود الى بيروت قبل رأس السنة اي في 2 كانون الثاني 2019 بما يعني ان التشكيل سيرحّل الى العام المقبل بما ينطوي عليه الامر من مخاطر لا يتحمل الرئيس المكلف مسؤولية عنها بل فريق المعرقلين الذي يوزع الادوار في ما بين اطرافه للتعمية على مكمن العقدة الحقيقية الخارجي كما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ” المركزية”.
دفعة واحدة تراكمت السلبيات في الساعات الاخيرة فاللقاء التشاوري تراجع عن تسمية جواد عدرا ممثلا عنه في الحكومة ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عاد للمطالبة بحقائب معينة هي كما قالت المصادر لـ” المركزية” البيئة والثقافة رافضا الاعلام. ومن باب اعادة توزيع بعض الحقائب على أساس طائفي ومذهبي بين الافرقاء والاحزاب، والخلاف على تحديد التموضع السياسي للوزير السنّي ممثل النواب الستة ، اما ان يكون ممثّلاً حصراً لـ “اللقاء التشاوري” الذي اتفق على ان يتم توزيره من حصة الرئيس ميشال عون، أم سيكون محسوباً على فريق رئيس الجمهورية؟وفي محاولة لتذليل العقبات الطارئة، عُقد لقاء بين الرئيس عون والوزير جبران باسيل واللواء عباس ابراهيم في قصر بعبدا بعيدا من الاعلام لايجاد حل لتوزير عدرا ومسألة توزيع الحقائب، في حين حطّ الرئيس المكلّف سعد الحريري في عين التينة للقاء الرئيس نبيه بري بعيداً من الاعلام ايضا . وافادت المعلومات ان اللقاء بين بري والحريري لم يكن جيداً اذ أصرّ برّي على كلّ الحقائب التي تمّ الإتفاق عليها. وفيما كان يتوقّع ان يزور الرئيس الحريري قصر بعبدا مساءً لحضور الرسيتال الميلادي، اعتذر عن الحضور مبررا ذلك بارتباطات اخرى.
ونقل عن مصدر مواكب لعملية تأليف الحكومة، تأكيده “ان المبادرة الخماسية التي تولاها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم انجزت بمجرد وضع الاسماء المقترحة من قبل نواب “اللقاء التشاوري” لدى رئيس الجمهورية والذي يعود اليه اختيار اسمٍ من بين الاسماء”. واضاف “ان بمجرد نجاح المبادرة وموافقة الاطراف المعنية على الحل المقترح، انهى اللواء ابراهيم مهمته على اكمل وجه، واما مسؤولية تأليف الحكومة فهي على عاتق القوى السياسية، وبالتالي لم يكن من ضمن المبادرة مسألة كيفية توزيع الحقائب العادية التي يعود للجهات المعنية اتمامها كونها لم تكن بارزة كعقدة انما كتحصيل حاصل”.
وفي ما خص اعادة توزيع بعض الحقائب على القوى السياسية، ذكرت المعلومات ان الحزب “التقدمي الاشتراكي” ابلغ الرئيس المكلّف اصراره على حقيبتي التربية والصناعة وطلب منه عدم مراجعته في هذا الموضوع . من جهتها، رفضت مصادر معنية “تحميل باسيل مسؤولية تبديل الحقائب معتبرة ان ما استجد من معطيات حتم بعض التعديلات.
التشاوري يسحب ترشيح عدرا: وكان “اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين” عقد اجتماعا مطولا في منزل النائب عبد الرحيم مراد، في حضور أعضائه الستة: مراد، فيصل كرامي، الوليد سكرية، قاسم هاشم، جهاد الصمد وعدنان طرابلسي. واعلن في بيان ” انه وبعد التعامل مع مبادرة رئيس الجمهورية بكل انفتاح وايجابية، وبعد التعامل مع الآلية التي وضعها اللواء عباس ابراهيم لتنفيذ هذه المبادرة أيضا بكل انفتاح وايجابية وبعد ظهور قطب مخفية أصبحت اليوم علنية، فإن اللقاء ذهب في الانفتاح والايجابية حتى النهاية، وبادر إلى الاتصال بالسيد جواد عدرة طالبا منه ان يكون ممثلا “للقاء التشاوري” حصرا في حال جرى توزيره، ولكن السيد عدرة طلب مهلة ومهلتين وعدة مهل، وبما ان الخطوة أتت من جواد عدرة انه لا يعتبر نفسه ممثلا حصريا للقاء التشاوري فإن منطق الأمور يقودنا إلى اعلان سحب تسمية جواد عدرة.”
وبعد سحبه اسم عدرا، أكد اللقاء التشاوري اصراره على تمثيله بإسم من الأسماء المقدمة للرئيس ميشال عون وهي طه ناجي، حسن مراد وعثمان مجذوب، بحسب ما افادت المعلومات.
الا ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون طمأن ، اللبنانيين، إلى أنه لا يوجد وضع صعب لا ينتهي. وقال بعد الريسيتال الميلادي في قصر بعبدا: “على الرغم من الوضع الصعب الذي يمر به وطننا سنعيش الميلاد ونعيّد الفرح. والحياة تعلمنا ان لكل شيء نهاية، خيراً كان أو شراً. ويبقى المطلوب جهد أكبر لننقذ الوطن ونوصله الى شاطئ الأمان.”
من جهته، حذر المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى في بيان اثر اجتماعه من “أي ابتزاز سياسي على صعيد تبادل الحقائب”، معتبراً “ان هذا الأمر سيشكّل عقبة جديدة يتحمّل اصحابها مسؤولية ذلك مهما كانت الذرائع، الأمر الذي يوجب إصدار مراسيم تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، وأي تأخير في التشكيل ينعكس سلبا على مصلحة الوطن ومصالح الناس ويتحمّله كل من يحاول وضع العراقيل بغية تحقيق مكاسب إضافية آنوية له ولفريقه. واشار الرئيس فؤاد السنيورة الى “ابتداع لمشكلات من اجل تأخير تشكيل الحكومة والتذاكي على الناس، لكنها لا تقنع احداً.”
بدوره اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني، “ان ما حصل اخيراً بالنسبة الى تشكيل الحكومة لا يبشر بالخير، والصدقية امام الشعب اللبناني فقدت، فكل ما يقال أصبح غير قابل للتصديق”.ولفت الى “ان، ما يهمنا ان تكون الحكومة فاعلة وهذا ما يسعى اليه الرئيس المكلف سعد الحريري وهو يعي اننا بحاجة الى إصلاحات “سيدر” للنهوض بلبنان”.
وتمنى “ألا تشكل هذه الحكومة بناء على أوضاع ظرفية، إنما بناء على معطيات مستدامة. وأضاف “الحكومة موضوعة في صندوق والخروج منه غير سهل، لكننا بحاجة الى رؤية موحدة لوضع ورشة عمل متكاملة، هناك من يحاول بسط نفوذه في الدولة ووضع يده على سلطة القرار، هناك من لديه أجندات خارجية وهناك أيضا أجندات شخصية وغالبا ما تخدم الأجندات الخارجية”.
الانسحاب والاستقالة:
على الضفة الدولية، دافع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن قرار سحب القوات الأميركية من سوريا، وأبرز أهمية الوجود الأميركي في سوريا بمحاربة داعش خلال السنوات الماضية. وقال في تغريدة نشرها عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر: “خططنا للبقاء في سوريا 3 أشهر، وكان ذلك قبل 7 سنوات، لم نغادر أبدا”. وأضاف : “عندما أصبحت رئيسا، كانت تزداد شراسة داعش، وها هو انهزم الآن هزيمة كبرى، وحان الدور على الدول الأخرى مثل تركيا للقضاء على ما تبقى منه بسهولة، نحن عائدون إلى الديار.
وفي جديد تداعيات قرار ترامب، اقدم مبعوث الولايات المتحدة إلى التحالف الدولي الذي يقاتل داعش، بريت ماكغورك، استقالته احتجاجا لينضم إلى وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، في رحيل جماعي لمسؤولين مخضرمين في شؤون الأمن القومي عن إدارة ترامب.
وفي السياق، وفي أول تعليق بعد قرار ترامب اعتبرت ايران “ان وجود القوات الأميركية في سوريا كان “خطأ وغير منطقي” منذ البداية. وكتب الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي على حسابه على تطبيق “تلغرام” أن “وجود القوات الأميركية كان منذ البداية، في مبدئه، خطأ وقرارا غير منطقي والسبب الأول لعدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة”.