حدد الصفحة

مختارات من كتب شغلت موقعاً مهماً في معرض كتاب بيروت السنوي

مختارات من كتب شغلت موقعاً مهماً في معرض كتاب بيروت السنوي

كان معرض الكتاب في بيروت لافتاً في دورته هذا العام باستقطابه مجموعة كبيرة من الكتّاب والمفكرين مع إصدارات تتحدى الأجواء والظروف الصعبة والمتغايرة التي يعيشها البلد.

شكّل الكتاب مساحة حوار وتواصل، وتفاعل بين جمهور المعرض الكبير والمزدهر، وفي سلسلة ندوات حضرها كثيرون على غير عادة.

وأهمية الإصدارات أنها تحمل أفكاراً جديدة وفي عناوين مختلفة في التاريخ والسيرة والأدب والتعليم وتعبّر عن حاجة المدينة إلى تنفس فضاءات جديدة يزيدها الكتاب فضاءً أوسع سياسة ونقداً وفكراً.

هنا مجموعة من الإصدارات التي شهدت ازدحاماً شديداً وحملت ما يمكن مناقشته واختيار قراءته، والكتاب آخر مساحات النقد والحرية والاستقرار المديني.

هنا حلقة أولى ومختارات من مقدمات كتب لزوم مكتبة العام 2019، من فصول الكتاب الذي عبر بثقة إلى معرض الكتاب وبتعاون مع دور نشر وجب الحفاظ عليها ومساعدتها على الصمود لتبقى المدينة بيروت عاصمة التنوّع والتجريبية والإبداع.

إعداد يقظان التقي

l

خالد زيادة: المدينة العربية والحداثة

هذا الكتاب هو حصيلة تفكير لازمني أعواماً طويلة. كنت لا أزال طالباً أُعد أطروحتي للدكتوراه، حين بدأت جمع المادة التي ستساعدني في مشروع يتناول المدينة. اقتنيت كل ما وجدت من أعمال تتعلق بالموضوع، وخصوصاً «المدينة الإسلامية». بعد البحث والتنقيب، جمعت أغلب ما كتبه الفقه في موضوع «الحسبة»، وكنت كتبت بعض الدراسات حول الرقابة في المدينة الإسلامية، جُمِعت لاحقاً في كتاب (…).

في هذا الكتاب، الذي هو أشبه بمقدمة طويلة، أحاول العودة إلى مفهوم «المدينة الإسلامية»، حين كانت مدننا مزدهرة، كما سعيت إلى رصد التطورات المبكرة التي عرفتها بعض المدن في شرق المتوسط في العصر العثماني، وخصوصاً في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وهذا لأبيّن أن المدينة التي نُظِرَ إليها باعتبارها تمثّل عناصر الثبات في الإسلام ومجتمعاته، كانت في حراك وتبدّل. اعتمدت في ذلك على أعمال كثيرة من الباحثين الذين أعادوا النظر بما كان يُعتبر من البديهيات. ورجعت إلى محاولات التحديث العمراني والإداري الأولى في المدن، وخصوصاً القاهرة والاسكندرية وبيروت وسواها، كأمثلة للمسارات التي سلكها التحديث في البلدان العربية.

كان التمدن الأوروبي تياراً جارفاً، كما قال خير الدين التونسي؛ إذ شمل كل جوانب حياة المجتمع والدولة والعادات والأذواق. وإذا كان قد بقي شيء من الماضي، كالحيز المتبقي من المدن القديمة، فإن وظيفته تبدّلت، وكذلك شأن الحِرف، وخصوصاً المتعلقة بالعمارة؛ فمعظم الحرف التقليدية القديمة إما اندثرت وإما انتُزعت من بيئتها، بعد ما كانت جزءاً من بنية العمران، وتحولت مع الوقت إلى «فنون شعبية» بالكاد تخدم أغراض التزيين.

لهذا، صار التعرف إلى المدن من كتب التاريخ لا يفي بالغرض الذي كان الباحثون يعتقدونه: إن التاريخ يفسر الحاضر بقدر ما أصبح التاريخ يدلنا على ما اندثر.

ماذا بقي من الماضي وتقاليده وعاداته، وما هي حال حداثتنا المدينية والعمرانية؟ لقد بقي في مدننا شيء ما، بل ظلال من الماضي التقليدي، ومن حداثتنا في طورها الأول. لكن ما بقي من تقاليد وعادات ومعتقدات وتنظيمات، إنما بقي وفق متطلبات حداثة متجددة اختلط فيها كل شيء اختلاطاً فوضوياً، وهذا ما يحاول هذا الكتاب سرد بعض وجوهه ومظاهره.

مع التطور الرأسمالي والصناعي، أخذ علماء الاجتماع يتصدون لظاهرة المدينة بشكل مباشر أو موارب، وخصوصاً في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. هنا يبرز السؤال: هل ما زالت مدارس علم الاجتماع قادرة على تفسير المدينة في تحولاتها، أم أننا نحتاج إلى إعادة نظر في المفاهيم والمناهج؟.

ll

عبدالرحيم أبو حسين:

صناعة الأسطورة حكاية التمرّد الطويل في جبل لبنان

كيف نباشر النظر في تاريخ لبنان؟ التاريخ أحد القضايا الأساسية التي لا يتفق عليها المؤرخون اللبنانيون، أو اللبنانيون بصورة عامة. يشرح كمال الصليبي – أبرز المؤرخين اللبنانيين – كيف أثّرت القراءات المختلفة للماضي في أقوال القادة اللبنانيين وأفعالهم، وكيف أثّرت في مجرى الأحداث في الحرب الأهلية الأخيرة، وذلك في فصل عنوانه «الحرب على تاريخ لبنان» من كتابه «بيت بمنازل كثيرة». كما يشرح الصليبي في هذا الكتاب كيف أن اللبنانيين قد خاضوا الحرب الأهلية الأخيرة (1975 – 1990)، في حقيقة الأمر، حول التاريخ بمقدار ما كانت من أجل تنظيم تقاسم السلطة بين مختلف الجماعات الدينية والسياسية والأحزاب في البلد، ليس في نيتي أن أستفيض في الحديث هنا عن وجهات نظر اللبنانيين المختلفة حول تاريخ وطنهم.

(…) لقد عملت خلال تاريخ عملي الأكاديمي لأكثر من ثلاثين سنة على جوانب مختلفة من التاريخ اللبناني، واستعملت مصادر لم يسبق استعمالها من قبل، حتى الآن، خاصة مواد الأرشيف العثماني. ولذا سأحاول هنا تقديم قراءتي الخاصة لكيفية تشكل لبنان، من دون أي ادعاء بصوابها أو أسبقيتها بين القراءات المتداولة.

في الأول من أيلول/ سبتمبر 1920، أعلن الجنرال الفرنسي هنري غورو دولة لبنان الكبير. وقد جاء هذا الإعلان بعد ضغط شديد على فرنسا من قادة الكنيسة المارونية، يؤيدهم في ذلك العديد من عموم أبناء الطائفة. ومن المؤكد أن الدور الفرنسي والدور الماروني كانا حاسمين في ولادة لبنان المعاصر بحدوده الحالية المُعترف بها دولياً في أعقاب الحرب العالمية الأولى. ولكن لبنان كان آخذاً في التشكل وفقاً لعوامل محلية وإقليمية ودولية، على الأقل، منذ العقود الأخيرة للقرن السابع عشر. وربما كان الدور الماروني أكثر عمقاً وقدماً وسابقاً للجهود التي بُذلت والضغوط التي مُورست قبيل مؤتمر السلام عام 1919 وأثناءه، أو الدعوات التي صدرت في كتابات بدايات القرن العشرين. إن ما أنوي فعله في هذا البحث هو أن أسلط الضوء على التطورات المحلية لعملية التشكل. وأعني بذلك تطورات الأوضاع السياسية والمواقف العملية لبعض الجماعات التي أدت إلى نشوء الكيان السياسي الذي قام حوله لبنان المعاصر. ومن هذا المنطلق، لا يمكن اعتبار لبنان الحديث مجرد حديث عرضي للسياسات الدولية أو المساعي المارونية، بل يجب البحث عن هذه الأوضاع من داخل سياق الحكم العثماني، لأنه – رغم كل ما قيل عن لبنان الأبدي – لا وجود لأي دليل على لبنان كهذا يمكن تبنّيه قبل الحكم العثماني (…)

لقد تبلور ما يشبه الإجماع بين مختلف الجماعات والمؤرخين في ما خص النظرة إلى فترة الحكم العثماني. ويمكن لنا أن نحدد في شبه الإجماع فريقين (بغض النظر عن وجود القليل من الأصوات الإسلامية الهامشية التي تستمر في اعتبار الدولة العثمانية دولة الخلافة الشرعية): أولئك الذين يؤمنون بالخصوصية اللبنانية، وأولئك الذين يؤمنون بالقومية العربية. ورغم العداء والمقت الأيديولوجي المتبادل بين الفريقين، فقد اشتركا معاً في وجهة النظر حول المرحلة العثمانية في لبنان (في الحقيقة حول المرحلة العثمانية في الوطن العربي)؛ فهي مرحلة الطغيان التركي القاسي، والانحطاط والفساد الشاملين، التي تصدّى لها اللبنانيون (والعرب بصورة عامة) بصور مختلفة من المقاومة (…)

(…) هذه المقاومة التي اتخذت صورة ما أسميه هنا «التمرد الطويل»، أنتجت عن غير قصد ما يمكن أن نصفه ببداية تشكّل نوع من الكيان «اللبناني» التي كانت الخطوة الأساسية التي مهّدت لقيام متصرفية جبل لبنان (1861) المتمتعة بالحكم الذاتي والاعتراف والضمان الدوليين. وهي «المقاومة» التي أنتجت للبنانيين أبطالهم الوطنيين التاريخيين ونضالهم القومي «البطولي».

lll

وضاح شرارة:

أحوال أهل الغيبة، خاتمة الأحزان والمراثي

معظم العجالات التي يجمعها هذا الكتاب كتبت في ناس عرفتهم على درجات وأنحاء متفاوتة ومختلفة من المعرفة، وفي «مناسبة» رحيلهم وغيابهم. وقليلها كتب في ذكرى حادثة جرّت موتاً كثيراً وخلفت أمواتاً كثيرين. فاستعدت في المقالات ما حسبت أن هؤلاء الراحلين كانوا، وما جمعني بهم وإليهم من قرب أو من بعيد، في صيغة سيرة مشتركة، وبعضهم لا علم له باشتراكه في ما أُشركه فيه.

ونشأت السيرة المشتركة عن التوجه إلى واحد من أهل الغيبة، ولا يتوجد إليهم إلا واحداً واحداً على ما ينبغي، أسأله عن الحادثة أو جملة الحوادث التي لابست لقاءنا، أي لقائي أنا (الكاتب أو القائل) به، وأرست هذا اللقاء معلماً أو وسماً فريداً على ابتداء أو استهلال. وقد لا يبتدئ هذا الابتداء «شيئاً». وهو ابتداء على غير معنى الأول في جملة أو تسلسل. فقد يقع في أي وقت من أوقات السيرة المزدوجة (حين تُستعاد). وقد لا يقع على شاكلة حادثة ويقتصر على تخييل سينمائي أو روائي أو فوتوغرافي أو تذكر. وعلى هذا فهو إيذان خالص، ورجع هذا الإيذان وصداه المتمادي، وعوده على بدء غير معين.

وتشبه السيرة المشتركة وديعة أودعها الغائب من لا يزال مقيماً راسخاً، إلى أجل، في «بهاء الأشياء» (آراغون)، أي الكاتب المتذكر. بينما نزل الغائب عالماً سفلياً يعمه الضباب، وانتهى القرار به إلى من أمست «رؤوسهم من غير قوة» (الأوديسية). وأهل الغيبة يودعون وديعتهم الغيب، وهو زوارهم المتأخرون، ومتفقدو أحوالهم في آتٍ غير معلوم ولا مقدّر. وتخرج الوديعة، في السيرة المشتركة، إلى علانية الجهر، الخافت، استجابة للزائر المتفقد، وردّ جواب عليه. ولكن الزائر يحسب رد الجواب ابتداء بادر إليه مضيفه الراحل ومستقبله. فالمضيف الغائب هو من يملي على زائره الموقف أو المشهد أو العبارة التي يريد أن يوقع بها سيرته ويعلمها العلامة أو المعلم الذي يخصصها، وينسبها نسباً لا شك فيه إلى نفس صاحبها (…)

(…) وهذه المفارقة (الهوية الثابتة والتجدد) هي مفارقة أهل الغيبة المزدوجة. ففي وسعهم، حين يحضرون تذكر أهل الذكر (الإنسي الخالص) استئناف أخبار جديدة عنهم. وكأن أخبارهم، وأحوالهم، ووقائعهم، لم تطوَ معهم، ولم تنقع مع انقطاعهم. فهم يتواطأون، على غفلة تلازم الإنس ولا فكاك لهم منها، على اتخاذ أجزاء من زمننا وسيرنا فيئاً يفيئون إليه ويلابسونه. فإذا «عاج» واحدنا، في أحوال الشقاء وأحوال الهناء، يسائل بعض صور زمنه ألفى هذا الزمن خليطاً من أزمان أخرى، وأزمان آخرين لا يحصون. ووجد نفسه بإزاء ديباج موشى، على قول الإماميين في بعض أولاد أئمتهم وأحفادهم، لا يتخلص فيه ما هو منه (من المتسائل) مما هو من أهل الغيبة.

(…) فلا عجب إذا لم يكن الحزن الحادي إلى كتابة هذه السير. فلم أكتب ما كتبت فيمن غابوا لا متوجعاً ولا نادباً أو «راثياً»، على قول العرب في «مديح من قضوا». ولا «(ناثراً) عليهم المساء»، على قول محمد مهدي الجواهري في ندبته الحسينية الذائعة، لو وسعني ما وسع الشاعر العراقي. فأقبلت على كتابة ما كتبت فرحاً فرحاً عميقاً. فهذه الكتابة تشبه شبهاً قوياً المحادثة أو المحاورة، تلك التي قال فيها أحد الكتاب الأميركيين إنها «السعادة». ومحادثة أهل الغيبة لا تحتاج إلى «كتب» يتولى السحرة والمحضرون أو أصحاب الأخذات تسطيرها، أو توسيطها وطلب شفاعتها. ولا تفترض إيهام النفس ولا إيهام الغير أن ثمة خيطاً موارباً يشبه شبهاً ضعيفاً «حبل» حضور لم يُصرم، ولا يزال يصل أهل التذكر بمن لم يبقوا منهم، ولكنهم لا ينفكون يبتدئون أهل التذكر بالسؤال والإشارة والتلويح. (…).

lllll

مجموعة مؤلفين

سير عشر جامعات حكومية عربية

عدنان الأمين

«ثمة ظاهرتان شهدهما التعليم العالي في البلدان العربية في العقدين» الماضين: الأولى تمثلت في انتشار التعليم الخاص، فقبل عام 1995، كانت الجامعات الخاصة في البلدان العربية قليلة جداً، باستثناء بلد واحد هو لبنان. طبعاً كانت هناك جامعة الزيتونة (في تونس) وجامعة الأزهر (في مصر) وجامعة القرويين (في المغرب)، لكن هذه المؤسسات تنتمي إلى جيل ما قبل إنشاء الدول الحديثة في العالم العربي، فكانت جامعات «الجيل السابق» هذه جامعات دينية احتضنتها الدولة الحديثة ووضعتها تحت إشرافها، وكانت المملكة الأردنية أول بلد عربي انطلق في مسيرة فتح الباب على مصراعيه للتعليم الخاص من «الجيل الجديد». وفي الوقت الحاضر، تبلغ نسبة الجامعات غير الحكومية في العالم العربي 55 في المئة ونسبة الجامعات الحكومية 94 في المئة.

لم يحظَ التعليم العالي الخاص في البلدان العربية بالمستوى نفسه ولا بالأهمية نفسها؛ ففي دول شمال أفريقيا (المغرب، تونس، الجزائر، ليبيا)، اقتصر الأمر على معاهد تقنية عليا، تحتل مساحة هامشية جداً على خريطة التعليم العالي، أكان ذلك من حيث عدد المؤسسات أم من حيث نسبة الطلاب فيها إلى مجموع الطلاب على المستوى الوطني. أما في دول المشرق والخليج العربي (ما عدا السعودية)، فيتفوق عدد الجامعات غير الحكومية على عدد الجامعات الحكومية. وفي الحالات كلها، يضم هذا القطاع جامعات وكليات ومعاهد وأكاديميات متعددة الأشكال والتخصصات؛ فبعض المؤسسات أنشئت بالتعاون مع هيئات تابعة لدول أوروبية، كالجامعة الألمانية والجامعة الفرنسية والجامعة الروسية.. إلخ، وبعضها الآخر فروع لجامعات أميركية وأوروبية وعربية، ولا سيما في الإمارات العربية وقطر. كما تكاثرت في هذا القطاع جامعات تحمل صفة «الأميركية» من باب السمعة، من دون أن تكون لها أي صفة رسمية أميركية، باستثناء الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اللبنانية – الأميركية في القاهرة، ويغلب الجانب التجاري (Business) فيها.

لكن على الرغم من تفوّق عدد الجامعات الخاصة على عدد الجامعات الحكومية، فإن حصتها من الطلاب متواضعة جداً؛ إذ تراوح بين 2 و10 في المئة فقط من مجموع طلاب التعليم العالي في معظم البلدان العربية، باستثناء قطر (نحو 15 في المئة) ولبنان والإمارات العربية المتحدة، حيث تصل النسبة إلى الثلثين، وهذه بلدان صغيرة في أي حال، بينما لا يصل مجموع المسجلين في الجامعات الخاصة كلها في مصر إلى 20 في المئة من عدد المسجلين في جامعة حكومية واحدة هي جامعة القاهرة.

إذا وضعنا استثناءي لبنان والإمارات العربية المتحدة جانباً، فإن خلاصة القول هي أن صلب التعليم العالي في المشرق والمغرب والخليج والجنوب (السودان واليمن) عموماً، ليس جامعات القطاع الخاص بل الجامعات الأميركية.

أما الظاهرة الثانية، فتتعلق بإنشاء الهيئات الوطنية لضمان الجودة، وهي الهيئات التي ارتبطت بتوسع القطاع الخاص؛ إذ ترافق ظهور الجيل الجديد من مؤسسات التعليم العالي الخاص مع شكوك متصاعدة بشأن نوعية التعليم الذي توفره هذه المؤسسات. فمن جهة، أُعطيت هذه المؤسسات صلاحية استقبال طلاب بمعدلات أقل من المعدلات المطلوبة في الجامعات الحكومية، وهي صلاحية سوغت إنشاءها من أجل امتصاص الأعداد المتزايدة من المرشحين لارتياد التعليم العالي. ومن جهة ثانية، اندفعت المؤسسات الجديدة لتوفير الأساتذة بما هو متيسر «في السوق»، أي وفق معايير أدنى مما هو مفروض في الجامعات الحكومية. ومن جهة ثالثة، استبعدت الحكومات العربية (باستثناء السعودية) إعطاء المؤسسات الجديدة وضعية «مؤسسة أهلية» من الناحية القانونية (خوفاً من «اللبننة» كما قيل حينذاك)، وجرى تفضيل وضعية «مؤسسة تجارية»، حيث يكون، هناك ملاّك يبغون الربح معياراً، فتكون النوعية هي الضحية (…)

(…) خلاصة الأمر أن جودة التعليم العالي في الجامعات العربية لا تزال على المحك، لأسباب تجارية في معظم الجامعات الخاصة، ولأسباب سياسية في الجامعات الأميركية. واللافت أن القرار الوحيد الذي شهدته الجامعات الحكومية بعد الربيع العربي في الدولتين اللتين لم تنهشهما الحرب الأهلية، يتعلق بالحكومة؛ ففي كل من مصر وتونس، أصدرت الحكومة في ربيع عام 2011 قراراً نص على جعل اختيار القيادات الجامعية (رئيس، عميد، رئيس قسم) مبنياً على الانتخاب، ونُفذ القرار في صيف 2011، وكان القرار الوحيد الذي شهدته الجامعات الأميركية المصرية بعد انتقال الحكم من مرسي إلى السيسي، هو العودة إلى تعيين جميع القيادات من فوق.

إن الجامعات الحكومية العربية أسيرة السياسة، وهذه هي الفرصة الكبرى خلف هذا الكتاب الذي يجمع عشر دراسات عن عشر جامعات حكومية في عشرة بلدان، وهي الجامعات الأم أو الأقدم تاريخياً في كل بلد. وفي حين أن الجامعات الخاصة فاقدة في معظمها الاستقلال لأسباب تجارية، فإن الجامعات الحكومية فاقدة الاستقلال لأسباب سياسية. وكنا قرأنا كثيراً عن الإنموذج التجاري في تسيير الجامعات في العالم، لكننا لم نقرأ عن الإنموذج السياسي في تسيير الجامعات، ومن هنا يُعتبر الكتاب بهذا المعنى إضافة إلى الأدبيات العالمية بشأن نماذج تسيير الجامعات، بقدر وضوح الدلائل على قوة الإنموذج السياسي (…)

(…) تعني عبارتا الفراغ الأكاديمي وغلبة السياسة في الجامعة الحكومية نوعية متواضعة و«فراغاً مدنياً» أيضاً، أي غياب الحياة الديموقراطية وثقافة القانون وحياة المواطنة والحريات الأكاديمية وضعف الالتزام المدني، وتعليماً يقوم على التلقين واليقين. فإذا صح ذلك، يمكن الإضافة أيضاً أن جزءاً مما آلت إليه الأمور في عدد من البلدان العربية من انهيارات، بعد الربيع العربي، يمكن تفسيره بالدور الذي مارسته الجامعات العربية الحكومية في مجتمعاتها. ونغامر بالقول إنها خرّجت نخباً غير مدنية، أي جاهزة للانخراط في النزاعات الأهلية، وهذا أمر أسوأ من كونها لم توفر نوعية تعليم عالٍ ذي قيمة عالمية تنافسية، أو من كونها ذات مساهمة متواضعة في التنمية (…)

llllll

جهاد الزين:

المهنة الآثمة

هذا الكتاب لا يمتُّ بأي صِلة إلى كتب تجميع مقالات منشوره سابقاً، وليس هو طبعاً كتاب مذكرات. فكما خطّطت له وكتبته، وأرجو أن أكون قد نجحت، كل شيء يبدأ وينتهي بمعضلات النص السياسي، من الوقائع إلى المعلومة إلى الفكرة المسبقة واللاحقة، إلى التحليل إلى التوقيت. أذهب إلى كل هذه العناصر، طبعاً، وأعود منها دائماً إلى الكتابة نفسها، لا لأستعيدها، بل لأنني أردت من تجربتي في الكتابة أن تكون المحور الذي أتنقل منه وخارجه وفيه لكي أنظر أكثر في العالم الخارجي المُفترض أنه صدرها وفي «عالمي» الداخلي الذي تلقفها… في فشل الكتابة الصحافية ونجاحها، محدوديتها وتأثيرها، عجزها وقدرتها، مصادرها الشفاهية والمكتوبة، المهموسة والصاخبة، انغلاقاتها وانفتاحاتها.

(…) في هذا الكتاب، افتراضياً، يوجد قارئان لا علاقة لأحدهما بالآخر. القارئ الأول هو قارئ الصحيفة اليومية التي تُشكل كتابتي السياسية فيها الموضوع المُشَرَّح في الكتاب، والعلاقة بهذا القارئ جزء أساسي فيها، والقارئ الثاني هو قارئ هذا الكتاب الذي أتوجه إليه متحدثاً، في جملة ما أكاشف، عن القارئ الأول. وللثاني أن يقرر إذا كان يجد نفسه في الأول أو لا يجد.

ما أطمح إليه إذا هو التقويم النقدي لتجربتي كمعلق سياسي ومراسل، رصُد بعدها الثقافي ومستواها وجدواها، ومن خلالها مراجعة «تقاليد» الكتابة السياسية في منطقتنا بما لا يعود إلى الماضي فقط، بل إلى الحاضر والمستقبل، وبما يسعى أن يُساهم في كشف مصاعب معضلات واستشرافها… بل «تطوير» مأزق الكتابة السياسية كمأزق يومي معلوماتي وتحقيقي وتحليلي واستطلاعي و«تنبؤي»، وحتى تأريخي بوضع الهمزة على الألف.

الكتابة هي جزء من تاريخ الصحافي وحاضره، هنا في هذا الكتاب سيكون الكاتب جزءاً من «تاريخ» كتابته وحاضرها. لا أسعى فقط لأخذ مسافة عن نفسي بما أستطيعه كما أشرت أعلاه، بل أيضاً، لو تمكنت، سيكون منطق التقويم بمعنى ما مستقلاً، ساعياً لأن أذهب إلى أبعد مدى في محاولة فهم وقائع الحياة العامة وأنماطها ومصادرها وافتراضاتها وأوهامها. وأكرّر: إذا تمكنت…

إنه ما أعتقد أن علي أن أقوم به من واجب المساءلة، مساءلة القصور والدأب معاً، ومساءلة السياق الذي ولد النص، لذلك هناك بالتأكيد آخرون «لاعبون» فيه لا يمكن، ولا يجب تلافيهم. فالكتابة السياسية هي بالنتيجة كتابة عن الآخر العام.

إنه كتاب نيات الكتابة السياسية قبل أن تُكتب، وكتاب ما يتخللها ككتابة، وكتاب ما بعد هذه الكتابة: شخوصها وجماعاتها، مراجعاتها، صياغاتها، اجتهاداتها، مناوراتها، والأهم الأهم جدواها أو لا جدواها. أكاد أقول «وجود» هذه الكتابة نفسه!

lllllll

شفيق الغبرا:

الثورات العربية وأعداؤها

هذا الكتاب نتاج تجارب متنوعة مع الحراك العربي، منذ ما قبل عام 2011 حتى يومنا هذا. مجموعة كبيرة من الأفكار المنشورة في هذا الكتاب، كنت قد عرضتها في ندوات ومحاضرات وكتابات ومقابلات، على مدى السنوات العشر الماضية. في هذا الكتاب خلاصة الكثير من إعادة النظر في المشهد العربي، بتنوعه وتناقضاته، كما برزت منذ 2011. لقد جاء الكتاب بصفته تفكيراً بصوت عالٍ ونقاشاً بكلام مسموع. لقد كتبت بحرية وبصدق، ساعياً في طرح الأمور كما أفهمها وكما اختبرتها. كتابي هذا محاولة لمعرفة الحالة العربية، واجتهاد في التعامل مع التناقضات التي تجعل العرب اليوم في مرحلة تغيرات لا تبان لها حدود. ما اكتشفته وأنا أبحث في الواقع العربي، كان مدى عجز النظام العربي في ظل استمرار العلاقة بين روح العصابة وروح النظام. لا يزال الفراغ مسيطراً على المشهد، بينما تمثل تضحيات الشبان العرب من فلسطين إلى سوريا، فمصر والمغرب والخليج واليمن، حالة تفاؤل وسط غيوم متلبدة وعواصف سريعة.

دراسة التجربة العربية تؤكد أن مسار التقدم لا يكون في خط مستقيم أو تصاعدي، وأن النكسات جزء من الواقع، فنحن نعيش مرحلة تشهد أصعب التحولات في تاريخنا العربي الحديث. هذا الكتاب حوار في التحولات العربية بكل ديناميكياتها وأبعادها (…)

المستقبل

المنظر لحالو بيحكي! مطعم و كافيه قدموس كاسكادا مول تعنايل للحجز 81115115 ‏ Our Online Menu: https://menu.omegasoftware.ca/cadmus Website: www.cadmus-lb.com #Restaurant #Cafe #Lakeside #CascadaMall ‏#5Stars #Lebanon #International #Fusion #Cuisine ‏#Royal #Zahle #SendYourSelfie #Halal #Mediterranean ‏#Lebanesefood #holiday #cadmusrestocafe #food #foodphotoghrafy #delicious #ribs #family #isocertificate #lebanese #yummy #tasty #Cadmus #waffles #wings

 

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com