على ماذا يقايض حزب الله تشكيل الحكومة؟
تكفي مجرد مراقبة لمسار الأحداث في لبنان والمنطقة منذ دخول الموجة الجديدة من العقوبات الأميركية المشددة ضد ايران (في تشرين الثاني 2018) حيز التنفيذ للتيقن من أن الجمهورية الاسلامية وحلفاءها، “محشورون في زاوية التطورات الاقليمية المتسارعة، المعطوفة على سياسة أميركية جديدة في المنطقة تقوم على المواجهة المفتوحة مع ايران وأذرعها الاقليمية، والتي قد لا تنحصر في الميدان السوري اللاهب، بدليل ما أكده مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل من على منبر بيت الوسط تحديدا، حيث أعلن أن بلاده عازمة على وضع حد لنفوذ طهران في الشرق الأوسط، ذاهبا إلى حد وصف حزب الله بـ “الميليشيا”.تبعا لهذه الصورة المطبوعة بمواقف عالية النبرة، تدرج مصادر سياسية عبر “المركزية” القمة الاقتصادية العربية التي شارك فيها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في اللحظات الأخيرة، باعتبارها ردا على محاولات الزج بلبنان في المحور السوري – الايراني، وهو ما حاول معظم الدول العربية الاعتراض عليه عن طريق مقاطعة أعمال القمة على غير ما رمى إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والديبلوماسية اللبنانية. غير أن الأوساط السياسية نفسها تشير إلى أن فريق 8 آذار لم يتأخر في رد الصاع صاعين، فكان أن ارتفعت مجددا الأصوات المطالبة بتطبيع العلاقات مع النظام السوري، وإن كان من شأن ذلك أن يضع لبنان في موقع المواجهة مع الجامعة العربية، التي لا تزال تنتظر اجتماعاً يعيد سوريا إلى أحضانها، لافتا إلى أن “المطالبات بإعادة الأمور إلى مجاريها مع النظام السوري أتت توازيا مع الكلام عن زيارة علنية قريبة لوزير الخارجية جبران باسيل إلى دمشق في مسعى لبناني إلى إعادتها إلى الجامعة العربية قبل القمة العربية التي تستضيفها تونس في آذار المقبل.ولا يخفى على أحد أن من شأن خطوة من هذا النوع أن تضخ بعض السرعة في مسار تشكيل الحكومة العتيدة، خصوصا أن أجواء مفاجئة من التفاؤل المباغت ظللت المفاوضات غداة القمة، على وقع قرع أجراس الانذار المالية والاقتصادية على أكثر من مستوى.وفي هذا الاطار، ترجح المصادر أن ترى الحكومة العتيدة النور من البوابة السورية. ذلك أن الحزب المأزوم ماليا وسياسيا، بفعل الهزات “الارتدادية” التي تسببها له الضربات الدولية تجاه ايران، في حاجة إلى حكومة تؤمن له غطاء شرعيا و”رسميا” قبل انعقاد مؤتمر وارسو المخصص لبحث مآل الأزمة السورية في 13 و14 شباط المقبل. لكن هذا لا يعني أنه سيقدم تنازلات من دون أن “يقبض ثمنها”، وهنا تماما مكمن أهمية الدفع في اتجاه زيارة وزير الخارجية إلى دمشق، على حد تعبير المصادر، مرجحة أن يكتفي الحزب، الخبير في تناقضات المكونات السياسية اللبنانية، في المرحلة الراهنة، برؤية باسيل يفتح قنوات التواصل العلني مع النظام السوري تحت ستار ضرورة معالجة ملف النازحين السوريين، علما أن باسيل يعرف الموقف الحكومي في هذا الشأن. ولم يكن أبلغ إليه من الهجوم الذي شنه عليه وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي غداة مواقفه في خلال القمة الاقتصادية.