الأكراد ينفون أي هدنة مع “داعش”
“الحياة”
وسط جدل أميركي – أوروبي حول القضاء على خطر «داعش» وتناقض في تصريحات العسكريين الأميركيين مع نية الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قواته من سورية، نفى مصدر قيادي في «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) إيقاف المعركة ضد «داعش» وتوقيع هدنة معهم، وأكد أن الإعلان عن «تحرير الشمال السوري في شكل كامل من أيدي المرتزقة» بات وشيكاً مع انهيار مسلحي التنظيم الإرهابي في قرابة كيلومتر مربع واحد في أحياء بلدة الباغوز.
وغداة قمة سوتشي، التي رحلت حل الخلافات حول إدلب وشرق الفرات، وأظهرت توافقاً على الدفع بالحل السياسي، لوحت تركيا بأنها «ستطهر الجانب المقابل لحدودها مع سورية من إرهابيي (وحدات حماية الشعب الكردية) و(حزب العمال الكردستاني) عاجلاً أم آجلاً»، مشددة على أن لقواتها فقط حق الانتشار في «المنطقة الآمنة» شمال سورية.
وفيما يخص جهود التسوية السياسية، أعرب المبعوث الدولي إلى سورية غير بيدرسون عن أمله بعقد جلسة للجنة الدستورية في وقت قريب.
وفي اتصال مع «الحياة»، قالت الناطقة باسم «قسد» ليلوى العبدالله إن «الحملة لا تزال مستمرة لإنهاء داعش في شكل كامل في الشمال السوري، وسط اشتباكات عنيفة بين مسلحينا وأفراد المرتزقة»، مشيرة إلى أن «التقدم بطيء بسبب كثرة الألغام في المنطقة، إضافة إلى سياسة داعش في احتجاز المدنيين لاستخدامهم دروعاً بشرية».
وأوضحت العبد الله أن «مسلحينا فتحوا ممرات آمنة لنقل المدنيين إلى المناطق المحررة ويخرج يومياً مئات المدنيين». ونفت الأنباء عن هدنة مع «داعش»، مؤكدة أنه «في القريب العاجل سيتم الإعلان عن تحرير الشمال السوري كاملاً من أيدي المرتزقة»، مشيرة إلى أن «مرتزقة داعش يسلمون أنفسهم يومياً لقواتنا، ويتم نقلهم لاحقاً إلى الجهات المعنية للتحقيق معهم».
ولم تستبعد العبد الله قيام «داعش» بهجمات مباغتة. وزادت: «قواتنا تمشط المناطق المحررة مرات للتأكد من عدم بقاء خلايا عاملة على الأرض لداعش».
وشهد مؤتمر ميونيخ للأمن سجالاً أميركياً أوروبياً حول «داعش»، ووجهت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون ديرليبين انتفادات مبطنة إلى نية الولايات المتحدة سحب قواتها من سورية، وقالت إن «داعش هُزم لكنه لم ينتهِ وقد يغيّر طبيعته»، وشددت على ضرورة تغيير تكتيكات التحالف الدولي والعمل الجماعي لإنهاء التنظيم.
وقال وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان من جانبه، إنه «تم القضاء على داعش في 99 في المئة من أراضي التنظيم، وتم القضاء على معظم قدراته، ولم يعد قادراً على احتجاز المدنيين»، لكن بعد تصريحات لشاناهان قال فيها إن بلاده تنوي «المحافظة على قوات محاربة الإرهاب على الأرض ودعم حلفائنا»، اتخذت «خطوات ليست لتعزيز قدراتنا ليس في الشرق الأوسط بل في أماكن أخرى وتوسيع التحالف وتقويته»، أثارت جدلاً حول عدم وضوح الخطط الأميركية بشأن «داعش».
وتزامنت تصريحات شاناهان مع قول قائد القوات الأميركية في العمليات ضد تنظيم «داعش» الجنرال جوزيف فوتيل، إنه ما كان لينصح ترامب بسحب القوات من سورية في هذا التوقيت، موضحاً أن «ما نريده اليوم هو أن يتمكن شركاؤنا من السيطرة على داعش، سواء أولئك الذين في العراق أم قسد غير القادرة بعد على الوقوف بمفردها من دون مساعدة».
وعقب لقاء مغلق لوزراء دفاع التحالف الدولي لمحاربة «داعش» في ميونيخ، استبقت تركيا الانسحاب الأميركي من سورية، وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكال إنه «يجب ألا يتحول الفراغ الذي سيحدث في سورية عقب الانسحاب (الأميركي) من سورية إلى منطقة آمنة للإرهابيين»، مشدداً على أن «إخراج تنظيم وحدات حماية الشعب الكردية من المنطقة يعد القضية الأهم بالنسبة لأمن حدودنا وشعبنا». وأكد أنه «يجب أن تكون تركيا وحدها في المنطقة الآمنة».
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده «ستطهّر الجانب المقابل لحدودها مع سورية من إرهابيي (ي ب ك) و(بي كا كا) عاجلاً أم آجلاً».
وكشف جاويش أوغلو أن تركيا أكدت في قمة سوتشي أول من أمس «ضرورة استمرار وقف إطلاق النار بسورية، وتشكيل لجنة دستورية لتحقيق الحل السياسي، والقضاء على الإرهابيين في الجانب المقابل لحدودنا»، مشدداً على أنه لا فرق بين التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«بي كا كا» و«ي ب ك» و«النصرة». وفي مؤشر إلى تعنت تركيا للمحافظة على موقعها «القوي على الأرض»، قال الوزير التركي إن عهد خسارة المكاسب الميدانية على طاولة المفاوضات «قد ولّى».
وفي خصوص التسوية السياسية، قال مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى سورية أمس، إنه يأمل بدعوة لجنة دستورية للاجتماع في جنيف «في أقرب وقت ممكن»، لكنه لم يحدد إطاراً زمنياً واضحاً.
وذكر بيدرسون أن لديه أفكاراً أيضاً بشأن كيفية بناء الثقة بين الجانبين اللذين شاركا في تسع جولات سابقة لم تثمر عن شيء تقريباً.
وفي تصريحات صحافية، أعرب بيدرسون عن تفاؤله وقال: «أعتقد أننا وضعنا أيدينا على التحديات، واتفقنا بشأن كيفية المضي قدماً وأرى أن هذا مؤشر إيجابي جداً»، وزاد: «آمل بأن يتمكنا (النظام والمعارضة) في أقرب وقت ممكن من عقد اجتماع للجنة الدستور في جنيف»، لكن بيدرسون قال إنه لا يستطيع تحديد إطار زمني معيّن لاجتماع اللجنة، لكنه أشار إلى أن «المناقشات مع الأطراف المعنية تمضي على نحو جيد».