تحوّل نوعي في نبرة نصرالله…والحكومة “حاجة” للضاحية
بعيدا من الدفاع عن ايران ودورها في محاربة الارهاب والخدمات الكثيرة التي قدّمتها وتقدّمها للمنطقة عموما ولبنان خصوصا، وهي مواقف “بديهية”، كان متوقّعا ان تحضر في كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ردا على النيران العنيفة التي فتحها وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو من بيروت، على الحزب والجمهورية الاسلامية، كانت لافتة النبرة الهادئة التي طبعت خطاب “السيد” في مخاطبة المكونات السياسية المحلية، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”.
فاذا كان الرجل خصّص بالشكر حلفاءه، على مواقفهم إبان جولة الدبلوماسي الاميركي، قائلا “أتوجه بالشكر الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري على مواقفهم، والشكر لوزير الخارجية على موقفه ووقفته”، مستثنياً فرقاء الخندق السياسي الآخر، الذين قابلهم، إلا انه وبقوله “الشكر ايضا للقوى التي لا تتجاوب مع دعوات التحريض”، بدا يقرّ بأن أياً من الاطراف السياسيين، لم “يتواطأ” على “الحزب” مع واشنطن، او يتآمر عليه معها.
موقف الضاحية هذا، نوعي، يصدر عنها للمرة الاولى، بحسب المصادر. فنصرالله، حتى الامس القريب، كان يتحدث عن أطراف محلية “تقف على ضفاف النهر تنتظر مرور جثة “الحزب” متأثرة بالعقوبات الاميركية وبالضربات العسكرية التي يتعرض لها في سوريا وسواها”، غير ان هذه الادبيات غابت عن كلمته امس، حتى انه استبدلها بعبارات التهدئة ومد الجسور، قائلا “اننا مدعوون الى الحفاظ على الهدوء والتعاون لبناء دولة قوية وقادرة وعادلة، والى تجاوز خلافاتنا، والا نسمح لا لشياطين كبار، ولا شياطين صغار ان تلعب في تفاصيلنا وتحدث فتنة”، مضيفا “اننا اليوم اشد اقتناعا بخياراتنا واشد التزاما بسلمنا الاهلي ودعمنا لمؤسسات الدولة والوحدة الوطنية والتعاون رغم الخلافات وسنكون اشد حرصا على هذا السلام والامن والازدهار وان نوظف كل صداقاتنا لمصلحة لبنان وليس على حساب لبنان”.
لكن ما سرّ هذا التحوّل؟
المصادر تقول ان تطورات المرحلة اقليميا، تفرض على حزب الله التهدئة لبنانيا. فالحكومة، حاجة له، تماما كما الاستقرار السياسي. والحال ان، فيما كل المؤشرات تؤكد تصميم الولايات المتحدة على الذهاب أبعد في حملة تطويق ايران وأذرعها في المنطقة وعلى رأسها “حزب الله”، لخنقها، أكان عبر عقوبات اضافية ستفرض عليها، او من خلال تصنيفها ارهابية من قِبل مروحة أوسع من الدول، يشكّل وجود “الحزب” في قلب مجلس الوزراء، حضنا حاميا له، ودرعا واقيا، يؤمن له حصانة ويجعل موقعه أفضل، في مواجهة موجة الاستهداف الآتية نحوه. وقد تجلّى ذلك بوضوح خلال زيارة بومبيو، حيث اكد لبنان الرسمي كلّه لـ”الضيف” ان الحزب لبناني موجود في الحكومة، وفي البرلمان… فهل من موقف أفضل يمكن ان تطلبه “الضاحية”؟!
وعليه، تشير المصادر الى ان هذا هو تماما ما كان يريده “الحزب” من خلال إصراره على تأليف حكومة يرأسها سعد الحريري لا سواه، وتكون حكومة وحدة وطنية لا من لون واحد. فجلوسه على الطاولة نفسها في البيت نفسه، مع القوى كلّها، يعطيه “مناعة” ويُعتبر بالنسبة اليه، “ورقة قوة” ثمينة، ليس في وارد التفريط بها في هذا التوقيت الدقيق.