جنبلاط يقود طبول الحرب منفرداً.. باحثاً عن حليف!
احتسب البعض على رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط موقفه الأخير من “مزارع شبعا” بزلة اللسان، إلا أن الواقع كثيراً ما يأتي مغايراً للاتهامات أو التبريرات، حيث أن ما أعلنه “بيك الجبل” لم يكن خارجاً عن النص المتفق عليه في المنطقة، بل يسير بخط متوازٍ مع التصعيد الذي ارتفعت وتيرته مؤخراً بُعيد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى لبنان.
ولعلّ علامات الاستفهام حقيقة لم تكن حول موقف جنبلاط من “مزارع شبعا” بقدر ما كانت حول أسباب خوضه منفرداً للمعركة السياسية بوجه ايران وحلفائها في لبنان. هذه التساؤلات ردّت عليها مصادر مطّلعة في فريق 8 اذار حيث أشارت الى أنه من الواضح أن جنبلاط يقود منذ مدة وخلف الكواليس حملة تصعيدية ضد طهران، وذلك من خلال تحريض الدول الغربية على النفوذ الايراني في لبنان وسوريا الأمر الذي، وبحسب المصادر، يدركه “حزب الله” جيدا إذ تبلّغ ذلك عبر أوساط ديبلوماسية رفيعة المستوى.
وأكدت المصادر بأن جنبلاط يلعب دور “المايسترو” في الساحة اللبنانية لطبول الحرب المحتملة، إلا أن عدم تجاوب أيّاً من الحلفاء في فريق 14 آذار مع رغباته يضعف قدرته على القيادة، ولفتت الى أنه وقبل أشهر من تشكيل الحكومة استشعر رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” بأن رئيس الحكومة سعد الحريري يسير بتسوية مع “حزب الله” ورئيس الجمهورية ميشال عون، حيث قام بإرسال موفدا من قبله الى معراب للقاء رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، والذي طرح مع الأخير تأسيس حلف جدّي لإعادة إحياء “14 اذار” الأمر الذي أجّل جعجع مناقشته آنذاك بطريقة ديبلوماسية.
وإذ بدا واضحاً بأن أحداً في مقلب جنبلاط لم يدخل معه في معركته المعلنة، الا انّه ليس من المستغرب أن ينأى الحريري بنفسه عن أي صراع مع أقطاب سياسية رئيسية في الحكومة، حيث أنه يعي جيداً أن الخلاف إن وقع، قد يحدث شرخاً في التحالف المستجد مع “التيار الوطني الحر” والذي من شأنه أن يزعزع قاعدة التسوية السياسية المبنية أيضاً مع “حزب الله” الأمر الذي لا يملك الحريري فيه أي مصلحة أقلّه في هذه المرحلة والتي يسعى من خلالها للحفاظ على موقعه في رئاسة الحكومة وترسيخ مشروع مكافحة الفساد وتحقيق الانجازات التي وعد بها.
من جهة أخرى، فإن جعجع والذي يشكل عامود أساس في فريق 14 آذار، يبدو أنه يراهن مؤخراً على عدم الدخول في معارك غير مضمونة ويحاول بحذر عدم التورط في أن يكون رأس حربتها، حيث من الملاحظ أنه منكفئٌ عن الخوض في أي اشكالية على الصعيد الاقليمي والدولي، مركزاً اهتمامه بشكل كبير في الشأن الداخلي وفي معركته مع “الوطني الحر”.
من المؤكد أن لجنبلاط قراءاته السياسية البعيدة الأفق، حيث أنه كسياسي مخضرم يمتلك مفاتيح لعبة التغييرات الدولية والخرائط الجديدة في المنطقة، الا أن موقفه الأخير الذي استفز شريحة واسعة من اللبنانيين لم يخرج من عبث، فهل تكون الساحة اللبنانية على موعد مع سيناريو جديد من المواجهة بينه وبين “حزب الله“؟
ليبانون 24