حرتقات باسيل في الموازنة : “تمخض الجبل فولد ملخصّاً”
لم تستطع الحكومة الوصول إلى خاتمة لجلساتها الماراتونية
المخصصة لمشروع الموازنة. الجلستان الأخيرتان كشفت عن خلافات عديدة بين
الوزراء، وخصوصاً بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الشؤون الاجتماعية
ريشار قيومجيان. إذ اقترح باسيل أن يتم تخفيف موازنة الشؤون الاجتماعية،
وإلغاء المساعدات المخصصة لبعض الجمعيات، التي اعتبرها غير عاملة. فاعترض
قيومجيان على هذا الكلام. لم يقتصر اقتراح باسيل على وزارة الشؤون، بل
اقترح أيضاً إلغاء جمعيات عديدة تحصل على دعم من بعض الوزارات كالتربية
والصحة.
دلو باسيل
وبما أن الحكومة لم تتوصل إلى توافق
نهائي على الموازنة، قرر مجلس الوزراء الانعقاد لجلستين إضافيتين يوم
الأربعاء. الأولى، ظهراً. والثانية، ليلاً بعد الإفطار، للإسراع في إقرار
بعض البنود الإصلاحية. على أن تُعقد جلسة أخيرة في بعبدا لإقرار مشروع
الموازنة نهائياً. جلسة الإثنين، التي كانت حامية أيضاً، انتهت بتسريبات
من قبل باسيل، فحواها عدم موافقته على الموازنة بكليتها، ولديه أفكار
سيطرحها في جلسة الثلثاء. مهّد باسيل الطريق أمام أفكاره إعلامياً، وسوّق
لها بالإعلان عن طرحها بعد جلسة “تكتل لبنان القوي”.
لكن باسيل بتصرّفه هذا، يعمل كأنه هو الذي يقرر كل شؤون
البلاد. وهو لطالما أحب أن يظهر نفسه بهذه الصورة، وغالباً ما يترك نفسه
للحظة الأخيرة ليدلي بدلوه. هذا الأسلوب كان قد اعتمده باسيل سابقاً في
فترات نقاش قانون الانتخاب. فترك الحكومة واللجنة التي شكلتها لعقد
الاجتماعات تلو الاجتماع، واستمع وراقب كل الاقتراحات التي تقدّم بها
الأفرقاء، ليعترض على جميعها في النهاية، ويعلن أنه هو سيقدم طروحات
مغايرة. فطروحات قانون الانتخاب كلها كانت عبارة عن أفكار ملمومة من كل
الأفكار التي تقدّم بها الأفرقاء. هكذا، عمل باسيل على تجميعها ونسجها
وتقديمها. فظهر هو في النهاية وكأنه صاحب القانون.
“تمخض الجبل..”
هذه
التجربة تتكرر مع الموازنة، فطوال الجلسات السابقة، كان باسيل يستمع
للمداولات ويراقبها، إلى أن أعلن الثلاثاء رفضه لكل الصيغ، معتبراً أن لديه
صيغة سيتقدم بها. وهنا تصف مصادر وزارية طروحات باسيل بـ: “تمخض الجبل
فولد ملخصّاً”، أي أن أفكار باسيل ليس فيها أي شيء جديد، بل هي عبارة عن
تجميع الأفكار التي جرى التداول بها، خلال النقاشات. بالإضافة إلى سرده بعض
الإجراءات في وزارة الخارجية كتخفيضات المصاريف التشغيلية، رغم أن حجمها
ضئيل بالمقارنة مع مجموع معضلات الموازنة.
قال باسيل بعد اجتماع التكتل: “الأفكار التي تقدمنا بها إلى الحكومة، بعضها بنود في الموازنة وبعضها الآخر مشاريع قوانين، بالتوازي مع الموازنة، وكذلك بعضها قرارات حكومية، وفي نقاط أخرى هي تحديد توجهات مالية”، مشيراً إلى أن “الأفكار التي نقدمها هي للنقاش في مجلس الوزراء، وتأتي ضمن خمسة محاور وهي: حجم قطاعات الدولة والهدر والتهرب الضريبي والتهريب الجمركي وخدمة الدين والميزان التجاري، أي الوضع الاقتصادي ككل. ونعمل على أساس الاتجاه بأن يصبح العجز بسبب الكهرباء بمثابة الصفر”. مؤكداً: “علينا رفع الضريبة المتعلقة بالمصارف، لزيادة المداخيل الضريبية. وهذا الأمر لا يحتمل التفكير بعد رفع الفوائد”، لافتاً إلى أننا “قدّمنا مشروعاً مهماً يتعلق باستعادة الأموال المنهوبة من كل من قام بخدمة عامة حالياً وسابقاً، ومشروع قانون تتمحور فكرته حول تغريم كل عامل أجنبي يعمل خلافاً للقانون، وخارج القطاعات المسموح فيها”. وأوضح باسيل: “في موضوع التدبير رقم 3 للعسكريين، يجب أن يكون هناك فرق بين الموجود على الجبهة والحدود ومن يقوم بمهمات أمنية في الداخل، ومن يقوم بمهام إدارية في الثكنات”.
في المقابل أعلن وزير الدفاع، الياس بو صعب، أن “موازنة وزارة
الدفاع أنجزت، باستثناء ما يتعلق بالتدبير 3″، مشيراً إلى “أننا حققنا
تخفيضاً كبيراً من دون المس لا برواتب العسكريين والمتقاعدين ولا
بتعويضاتهم ولا بالطبابة”. بينما وزير المال علي حسن خليل أعلن عن ارتياحه
لإمكانية الاتجاه لنتيجة إيجابية، ورغبة الحريري هو الانتهاء من الموازنة
الأربعاء”.
بنود قانونية
هذا، وتقدّمت القوات اللبنانية
ممثلة بنائب رئيس الحكومة غسان حاصباني بسلسلة اقتراحات لتخفيض العجز، تتم
بإضافة بنود قانونية في مشروع قانون الموازنة كالتالي:
إلزام المؤسسات المرخص لها بتوفير نقاط خدمات الدفع الالكتروني للمكلفين، وتزويد وزارة المال بمعلومات تفصيلية عن هؤلاء المكلفين. الإجازة لمجلس الوزراء إلزام جهات رسمية معينة أن تضيف إلى المبالغ التي تقبضها من بعض المكلفين نسبة من المبلغ المسدد، يعتبر أمانة على حساب الضريبة المتوجبة على المكلف. إلزام البلديات كل في نطاقها إجراء مسح ميداني للمؤسسات التجارية والصناعية القائمة ضمن نطاقها، وتزويد وزارة المالية بنتيجة المسح. إلزام البلديات عند الترخيص بإشغال عقارات من قبل مؤسسات تجارية أو صناعية أو مهنية في نطاق كل منها، إبلاغ وزارة المالية بالمؤسسات والمهن التي ليس لديها رقم ضريبي.
كذلك تقدم حاصباني بطرح دراسة إصلاحية لمرفأ بيروت، وخطوات عملية لرفع قيمة التحويلات في عام 2019، وإصلاح بعيد المدى عبر إشراك القطاع الخاص ووضعه بتصرف وزير النقل والاشغال، ومجلس الوزراء. وذلك يمكن أن يحقق زيادة 150 ملياراً في عام 2019 على المبلغ المتوقع تحويله من إدارة المرفأ، و 1500 مليار عام 2020 مع استمرار المشاركة بالعائدات، بنسبة سنوية للخزينة، ما يجعل العائدات الإجمالية للمرفأ خلال 20 عاماً أكبر من المبلغ الحالي، مع وقع إيجابي كبير على الاقتصاد وأداء المرفأ والدين العام.
المدن