حكومة العنب
وهبي أبو فاعور
من عادات المزارعين في مناطقنا أن يكلّفوا بعضهم بتقدير كميات العنب في كرومهم لتحديد أسعار الضمان في بداية موسم القطاف وكانت السيدة المرحومة سليمة درغام رئيسة بلدية بكيفا تملك كرماً وافر الغلال والخيرات، فاصطحبت أصحاب الخبرة لتقدير عنب الكرم، فوجئ المقدرون بالضرر الواقع على الكرم وبالإهتراء الذي أصاب بقايا العناقيد المتدلية من الشباك حيث فقدت المنظر الرائع لحباتٍ ملونة تمجد الخالق العاطي.
وكان بينهم شاعر شعبي هو المرحوم شكيب بدور فأسف مع أصدقائه لحالة الكرم وخرق صمت المفاجأة عن الهريان الذي أصاب ثمار العنب وقال:
رخصت ما عادت تنشرى
ولا عاد بيعها يحل
لا بتنقل عـ المعصرة
ولا بتنعصر للخل
وهكذا حالنا اليوم في لبنان حيث يصح هذان البيتان في توصيف حكومة العنب العتيدة وبقايا أشباه الرجال.
يحكمون الوطن لسد الفراغ الناشئ عن التآكل واستثارة العصبيات المريضة والجنوح الآيل إلى الهلاك والتسلط على الناس بالتفرقة واصطناع أشباح الخوف والناس لا يملكون إلا الجراح في أعماقهم في وقت تتضاءل بقعة الأمل بضوء جديد يعيد لبلدنا وحدته وعيشه الواحد الكريم