غارات إسرائيل “المكثفة”: سوريا تختزل الصراع الأميركي-الإيراني

لا شك أن سوريا باتت بقعة جغرافية تختزل الصراع الأميركي-الإيراني في منطقة الشرق الأوسط برمتها. فقد تعرضت أهداف إيرانية ولحزب الله قبل يومين، إلى قصف إسرائيلي هو الأعنف والأكثر كثافة على الإطلاق.

وبموازاة ذلك، تصاعدت التهديدات والتحذيرات الإسرائيلية، تارة على لسان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وتارة أخرى على لسان وزير خارجيته يسرائيل كاتس، الذي طار إلى العاصمة الإمارتية ابو ظبي ليبحث هذا التطور “الخطير”.

ليس هذا فحسب، بل لوّح كاتس بإمكانية تدخل إسرائيل عسكرياً ضد إيران لمنع تجاوز “الخط الأحمر” في سبيل صناعة قنبلة نووية “لأن تل أبيب لن تسمح بذلك”. لكن يبدو أن الضربات الإسرائيلية التي وقعت مؤخرا في سوريا وبموازاة كثافة التهديدات الإسرائيلية، تأتي في سياق الضغط المنسق مع أميركا على إيران لإرغامها على القبول بمفاوضات تنتهي بإتفاق يفرض على طهران قيوداً أشد ويشتمل على لجم تهديداتها ضد إسرائيل والخليج.

وما يجري الآن هو فرصة لإسرائيل للضغط باتجاه اتفاق نووي مع إيران أكثر صرامة وضبطاً لها من سابقه؛ ذلك أن الإتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 كانت قد رفضته تل ابيب وشكل أحد أسباب توتر العلاقات بين حكومة نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما.

وبالرغم من النشاط الإيراني غير المنقطع في سوريا في ما يتعلق بنقل وتخزين الصواريخ الدقيقة، لم يتطور حتى الآن وفق اعتقاد الاستخبارات الإسرائيلية لمرحلة إنشاء مصانع في سوريا، ولكن هناك مزاعم بمحاولات إيرانية- لم تنجح بعد- لإقامة مصانع على الأراضي اللبنانية.

مصدر مطلع قال لـ”المدن”، إن سر المعرفة الإسرائيلية “السريعة” بمكان تخزين الصواريخ الإيرانية في سوريا ليتم ضربها بدقة، هو أن هناك “تمكناً إسرائيلياً” من رصد محطات إنتاج الصواريخ الإيرانية. بالإضافة إلى وجود طرف داخل سوريا، يزود إسرائيل بمسار النقل والتخزين لاحقاً.

وخلافاً لما قاله الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله حول قدرة الحزب على توجيه صواريخ لإسرائيل قادرة على ضرب أهدافها بدقة، فإن الاستخبارات الاسرائيلية تعتقد أن الصواريخ الدقيقة الموجودة حالياً لدى حزب الله لم تصبح بعد “تهديداً عملياتياً”. إذ إنّ عدد الصواريخ “الدقيقة” التي يمتلكها الحزب ضئيل. ولذلك، تبرر تل ابيب ضرباتها المستمرة بأن أحد أهدافها هو إفشال محالات وصول كميات أكبر من هذه الصواريخ إلى الحزب.

وبالرغم من إنتقاد روسيا عبر الإعلام للغارات الإسرائيلية الأخيرة واعتبارها تهديداً للإستقرار الإقليمي، إلا أن تل ابيب أخبرت الجيش الروسي عن نيتها تنفيذ الغارات قبل نحو ربع ساعة، وفق معلومات “المدن”، التي تكشف ايضاً أن ثمة قناعة روسية أكبر من السابق بضرورة إنهاء التواجد الإيراني في سوريا كشرط لإستقرار البلد ووقف الحرب التي تستنزف موسكو إقتصادياً.