نزاع جديد مع بري… فهل تسقط الموازنة؟
لم يكن ينقص التأزم الداخلي الذي يهدد البلاد برمتها من خلال تعطيل عمل المؤسسات على خلفية حادثة البساتين التي علّقت في شباكها مجلس الوزراء، سوى فرملة قانون الموازنة في بعبدا على خلفية “لغط في اقرار المادة 80 يفرض جلاءه”، بحسب بيان المديرية العامة لرئاسة الجمهورية. ذلك ان تجميد الموازنة المطلوب ان تبصر النور في اسرع وقت بعد انقضاء سبعة اشهر من العام 2019، سيشعل ازمة جديدة خصوصا انه يتصل في جانبه غير المعلن باعتراض وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر على تمرير البند الذي يحفظ حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية في المادة 79 من القانون وهو موضع نزاع سياسي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقد نقل عن باسيل قوله ان البند لن يمر “ولتسقط كل الموازنة”.وفي اول غيث الازمة المستجدة رد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم على الاجراء الرئاسي بتغريدة جاء فيها “محاولة اسقاط بند حفظ حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية بأسلوب ملتو هرطقة دستورية وهدم آخر جسور الثقة بهذه الدولة”.واذا كان باسيل اعلن في مؤتمره الصحافي ظهرا انه سيترك رده في شأن الموازنة الى المساء ليقوله في حضور الرئيس عون في كلمة له من زحلة، بدت لافتة اشارته الى ان “لا نية لنا أبدا لتعطيل الحكومة وننتظر الرئيس سعد الحريري ليدعو الى جلسة للحكومة للمشاركة فيها ولا شروط لدينا.” اذ تزامن كلامه هذا مع معلومات اعلنتها محطة OTV عن جهود جدية تبذل لإيجاد حل لقضية قبرشمون على قاعدة إحالتها الى القضاء العسكري. فهل ثمة مستجد طارئ قد يضع حدا لنزف “البساتين” سيُكشف النقاب عنه في اطلالة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عصرا، خصوصا ان تطورات اليوم سجلت حدثاً ليس بعيدا من الارتباط بهذا الوضع تحديدا تمثل بقرار اتخذته المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون بإغلاق كسارات بيار فتوش في ضهر البيدر لعدم حيازته على ترخيص قانوني من المجلس الوطني للمقالع والكسارات”، بما يعني القرار على مستوى القضية التي تشكل رأس حربة في اهتمامات الحزب التقدمي الاشتراكي وزعيمه وليد جنبلاط، فهل يشكل رسالة ايجابية من المعنيين في اتجاهه، علما ان باسيل رمى في سوق الحادثة اليوم ما يطرح التساؤلات حول مضمونه ومراميه بقوله “من الأفضل ألا أفصح عما أعرف”، في اشارة الى حادثة البساتين.غير ان اوساطاً سياسية مطّلعة استبعدت سيناريو الحل القريب معتبرة ان سلسلة الاشارات الايجابية لا تعدو كونها تخديرا موضعيا للازمة، اذ ان تعنت النائب طلال ارسلان ونسفه كل الجهود والوساطات التي اضطلع بها مدير عام الامن العام والرئيس بري وغيرهما من السياسيين والمعنيين واصراره على استباق كلمة القضاء في الحادثة واحالتها مباشرة الى المجلس العدلي وكأنه على حد تعبير الاوساط “الآمر الناهي وحاكم الجمهورية” يخفيان في طياتهما دفعا في اتجاه المزيد من الضغط الذي تعتبر الاوساط عبر “المركزية” انه تمكن في مراحل سابقة من انتزاع تنازلات لم يكن آخرها توزير سنّة 8 اذار، فقبلها الكثير، لكنّ ما بعدها غير مضمون في ضوء تأكيد مصادر الرئيس سعد الحريري على عدم التراجع عن قرار عدم ادراج المجلس العدلي على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراءوسياسة الضغط لم تعد ذات جدوى.واذ تستغرب الاوساط حال انعدام التوازن السياسي في البلاد وغياب الكلمة الفصل لمصلحة سياسة التحدي والنكايات وظهور القيّمين على الشأن العام في اعلى هرم السلطة بمظهر الأضداد عوض ان يشكلوا قلبا وقالبا واحدا لمصلحة اي قرار وطني تستلزمه المرحلة، تعتبر ان استمرار الوضع على حاله من الدوران في حلقة التعطيل المفرغة لم يعد جائزا وان المطلوب من “بي الكل” المبادرة سريعا الى حل الازمة بما يقتضيه المنطق والقانون من موقعه الوطني، والا فالسيناريو الاسوأ قد يقع فتنتقل الازمة من درزية- درزية كما يتم تصويرها اليوم الى ما هو ابعد من ذلك، وربما بات هذا الابعد مطلوبا لاخراج البلاد من عنق الزجاجة.