عن “مؤامرة” جوزاف عون

داني حداد – MTV

كان يجب أن يخرج قائد الجيش العماد جوزاف عون عن صمته، كما فعل يوم الأحد الماضي، بعد شهرٍ على اندلاع الانتفاضة الشعبيّة.
رُميت شجرة الجيش وقائده بحجارةٍ كثيرة، من كلّ صوب، من الأقربين والبعيدين، من بعض الناس، من “الجبهتَين”، ومن بعض السياسيّين. حين تساهل مع المتظاهرين، خرج من يلمّح الى تآمره. وحين وقف في وجههم خرج من يتّهمه بالقمع. من رأى العسكري الذي ضرب بالهراوة نسي العسكري الذي دمعت عيناه أمام هتافات الناس الموجوعين. من غضب لردّة فعل عسكريّ لم يسأل أبداً متى حظي هذا الجندي بليلة راحة، ومتى زار عائلته، ومتى حظي بوجبة طعامٍ تناولها بهدوء، ومتى استحمّ وأين، وماذا عن قلقه على راتبه المتواضع في دولة ماليّتها متعثّرة… من يتحدّث عن قساوة الجيش فلينظر الى المناطق الساخنة حول العالم، من العراق الى ايران وهونغ كونغ، وصولاً الى أميركا اللاتينيّة، حيث يسقط القتلى يوميّاً بين المتظاهرين. ومن يتّهم قائد الجيش بالـ “أمركة” والتآمر، وبعضهم، يُفترض، من ذوي القربى، عليه ألا يغفل عن صلابة جوزاف عون ووطنيّته، وقد تجلّت في مناسباتٍ كثيرة، وعن التغيير الذي أحدثه في المؤسسة العسكريّة وعن “صفر فضائح” في الممارسة ولا استعراض في الأداء وعن تحصين الجيش، قدر الإمكان في جمهوريّة الفوضى، من تدخلات السياسيّين.
هذه السطور تحيّة الى عسكريّي الجيش اللبناني الذين يقومون بمهام تفوق قدرتهم، من دون راحة، وفي ظروفٍ صعبة غالباً، ويوضعون أحياناً في مواجهة أهلهم، ويظلمون فوق ذلك كلّه. والتحيّة الى قيادة الجيش على أداءٍ نظيفٍ وحكيمٍ، في مقابل أداء السياسيّين المتعثّر واللا مسؤول. وليس جوزاف عون من يتآمر، بل من يترك البلد وناسه بلا حكومة وبلا حلّ…