الحريري “ينتفض”: لا أريد تكليفي بتشكيل حكومة
يوماً بعد يوم يتأثر الحريري بانتفاضة 17 تشرين، التي نبهته
إلى جملة حقائق، أبرزها أن الرجل لا يزال يتمتع بالقوة اللازمة، وما عليه
سوى الإيمان بقوته هذه. ولذا، لا يزال ثابتاً على موقفه ولم يقدّم أي
تنازل. وعلى ما يبدو، فإن الرجل يصرّ على المواجهة أكثر، وصولاً إلى
الاستعداد “لقلب الطاولة” حتى ولو انقلبت على بعض المحسوبين عليه الذين
تُوجَّه إليهم أصابع الاتهام بملفات فساد.
المشبوهين في الصالون
وعليه،
تكشف مصادر مطّلعة أن الحريري وفي أحد الاجتماعات بالساعات الأخيرة قال
أمام كوادره وأعضاء المكتب السياسي إنه لن يتراجع.. وليس عليه أي شبهات أو
ملفات فساد. وكل ما يتم إشاعته من قبل التيار الوطني الحرّ ينطبق عليهم
وليس عليه. وأضاف: “أنا واثق بأنني لست مُداناً بأي ملف فساد، وأنا جاهز
لفتح كل الملفات، عليّ وعلى الجميع. وإذا ما تبين أن هناك من تثبت عليه
الشبهات من المحسوبين عليّ، فلا مشكلة من توقيفه والتحقيق معه ولن أمنحه أي
غطاء”.
حسب المعلومات فإن الحريري قال هذا الكلام، وبعض المتهمين
بملفات فساد كانوا يجلسون في صالونه. الأمر الذي تفسّره قيادات مستقبلية
بأن الحريري يستعد لإجراء “نفضة داخلية”.
قريباً.. بيان مفاجئ
وتؤكد
المعلومات أن الحريري سيصدر قريباً بياناً أو موقفاً واضحاً حول آخر
التطورات، وأنه لا يريد أن يشكل حكومة في ظل الظرف الذي تمرّ فيه البلاد،
خصوصاً في ظل تعالي القوى السياسية على مطالب الناس، وعدم التوقف عندها
بشكل جدي. وهذا ما دفعه إلى تسريب عبر مقربين منه الحديث عن أن تشكيل
الحكومة “يجب أن يرتبط بمراعاة الناس ومطالبها، وبعدم تجاهلها”. ولذلك، فإن
الحريري لا يفضل العودة إلى رئاسة الحكومة، لأن المرحلة ليست للحسابات
السياسية والشخصية بل لإنقاذ البلد من الإنهيار، ولقراءة مزاج الناس وعدم
التشبث بالسلطة والمناصب والمواقع. وهو يعتبر أنه قرأ الرسالة جيداً وقرر
الاستجابة لها. مشدداً أن البلد بحاجة إلى حكومة جديدة، تضم وجوهاً جديدة،
تحظى بثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، وتكون قادرة على الحصول على
المساعدات لإنقاذ الوضع من الانهيار والتدهور.
مداراة حزب الله
ومن
الواضح أن الحريري يميّز كثيراً في مجالسه بين حزب الله من جهة، ورئيس
الجمهورية والوزير جبران باسيل من جهة أخرى. يؤكد أن العلاقة جيدة مع الحزب
وهناك تفاهم على عدم التوتر والاستفزاز، كي لا يعود الانقسام المذهبي
السني الشيعي. بينما يؤكد أن المشكلة الأساسية تبقى مع عون وباسيل، اللذين
يريدان كل شيء ولا يتوقفان عن المطالبة للحصول على المكاسب، ويريدان
الاستئثار بكل شيء. ولم يلتزما بالاتفاقات معهما. بل كانوا يمارسون
استقواءً للخروج عليها، بينما هو كان يغض النظر للحفاظ على الاستقرار. لكن
الوضع وصل إلى مرحلة لم تعد تحتمل.
مصير تيار المستقبل
هناك
تقديرات لدى الحريري أن حزب الله وعون قد يختارا تشكيل حكومتهما. وهو لن
يعارض حكومتهما أو يتخذ موقفاً سلبياً منها، كي لا يتخذ موقفاً حاداً ضد
حزب الله. ويفضل الوقوف على الحياد في هذه المرحلة، التي تشبه مرحلة والده
في العام 2004، عندما تشكل لقاء البريستول، والذي كان بعض المحسوبين على
والده وجمهوره يؤيدونه، وبدؤوا الانضمام إليه بشكل متدرج، وهو اليوم ليس
بوارد العودة إلى الانقسام أو الصدام.
من الواضح أن الحريري بدأ يتجه لاتخاذ خيارات جذرية، منها الابتعاد عن الممارسة السياسية في هذه المرحلة، لإعادة تجديد تياره وإصلاح الترهل الذي أصابه. وتلفت المعلومات إلى أن الحريري يستعد للذهاب إلى ورشة داخلية كبيرة في تياره، قد تصل إلى حلّ التيار، الذي لا ينتج ولا يقدم له أي مكتسبات راهناً. بل تحول إلى عبء عليه. وبالتالي، يستعد لإجراء ورشة داخلية، يستعيد بعدها ثقة الناس به بعيداً عن أي حسابات أخرى
المدن