ما أسباب الازمة في قطاع الدواء؟
على رغم الوضع الاقتصادي والمالي المتأزم الذي يعصف بالبلاد، وتأثر أكثر من قطاع من جرائه، ملوحا بضرورة تحرك المعنيين قبل فوات الأوان، وآخرهم كان القطاع الطبي والاستشفائي حين دقت المستشفيات ناقوس الخطر لحمايته نهاية الأسبوع الفائت مطالبةً بسداد الدولة مستحقاتها لتتمكن بدورها من الدفع للمستوردين ومن جملتهم الأدوية خوفا من فقدانها، فما هي أبرز التحديات التي يعانيها قطاع الدواء؟ وما هي مفاتيح الحل؟ نقيب مستوردي الادوية كريم جبارة أوضح لـ “المركزية” أن “المستوردين يعانون من أزمة سيولة كبيرة ناتجة عن سببين اساسيين: أولاً، عدم تسديد القطاع العام مستحقاته، ونناشد في هذا السياق المعنيين بإعطاء الأولوية لقطاعي الصحة والدواء في حصولهما على مستحقاتهما. ثانياً، طلبت المصارف من جميع المستوردين تسديد ديونهم أو خفضها، وفي حال عدم القيام بذلك تترك هذه الديون بفوائد خيالية لا تحتمل ناهزت الـ 20%، لذلك لم تعد من مصلحة اي مستورد ترك ديونه المصرفية”، مضيفاً “المستوردون عالقون بين شاقوفين، مع العلم أن المصنع في الخارج لا يقبل التأخير في دفع الفواتير. من هنا، دخل قطاعنا في نفق أزمة سيولة نهايته بعيدة، الأمر الذي جعلنا عاجزين عن السماح لزبائننا بالاستدانة بنسبة كبيرة، كوننا لا نملك السيولة الكافية وهو ما يؤثر على قدراتنا على الاستيراد”. وطالب “بتوفير السيولة اللازمة لقطاع الأدوية كي يبقى قادراً على تأمين الخدمات اللازمة باستمرارية وإلا السيرعلى هذا المنوال سيتسبب باختناق جميع العاملين في القطاع ومعهم المستفيدون من خدماته”. وأكد جبارة “اننا على تواصل دائم مع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال وهو أبدى تفهمه ويسعى إلى بذل كل الجهد اللازم للإسراع في عملية تسديد المستحقات. كذلك، نتواصل مع غيره من المعنيين للخروج بحل، لأن ضخ السيولة في القطاع اساسي خوفا من الأزمة”، مردفا “في ظل الأزمة الاقتصادية، علينا حماية المواطن صحيا وخلق واحة امان له في هذا السياق، إذ لا يجب أن يقلق على صحته كي يتمكن من معالجة المشاكل المعيشية والحياتية اليومية الأخرى التي تواجهه”. أما عن آلية مصرف لبنان لتامين الدولار تسهيلا لعملية استيراد الأدوية، فأشار إلى ان “نظرياً يمكن اعتبارها جيدة جدا لأنها انقذتنا. لكن، لا يمكن للكثير من المستوردين تطبيقها، فالفواتير عالقة في المصارف مع الأوراق المرفقة بها المقدمة من المستوردين، من دون ان يتم تحويل الأموال إلى الخارج. ولم نتمكن حتى الآن من معرفة إن كان السبب عجز المصارف عن التحويل أو أن هناك عرقلة في مصرف لبنان، الذي اتصلت بالمعنيين فيه وأكدوا لي أن ما من مشكلة لديهم في التحويل إلى الخارج وما من فواتير عالقة، في حين ان البعض يقول أن المشكلة لديه. هذا الموضوع يحتاج أيضا إلى مزيد من البحث والاستفسار وسأتابعه خلال الأيام المقبلة لأن الكثير من المستوردين تأخروا في التسديد للمصنعين وهذا سيمنعهم بالتاكيد من الاستيراد”. وإذ أشار إلى أن “المستورد الذي يتمكن من الدفع إلى الخارج يستورد، بانتظار تطورات المرحلة المقبلة بعد استئناف المصارف عملها وعودة الأمور إلى طبيعتها ليبنى على الشيء مقتضاه”، طمأن أن “في الوقت الراهن المخزون متوافر، لكن، لا بد من التحويل إلى الخارج لنتمكن من استكمال نشاط الاستيراد”. ونفى جبارة تمُّنع بعض المستوردين عن تسليم الادوية للمستشفيات التي تتأخر في التسديد وإعطاء الأولوية لتلك التي تدفع خلال فترات أقصر تأمينا للسيولة، موضحا أن “المستشفيات تطالب بدين إضافي. في حين أن معظم المستوردين عاجزون عن ذلك، لأنهم لا يستطيعون الاستدانة أكثر من المصارف أو من المصنّعين، فضلا عن أن الدولة لا تدفع المستحقات، وهذا ما يدفع بالمستوردين بالإجمال إلى رفض إدانة المستشفيات أكثر، لكنهم أبقوا فترات تسديد المستشفيات على ما هي عليه، محافظين على مستوى الدين الحالي”، لافتاً إلى أن “لا يمكننا تحمل دين إضافي في حين أن رأس هرم التسليف (أي المصرف) لا يقبل بإعطائنا التسليفات”.