الرئيس عون للمتظاهرين: الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحلّ الأزمات
أكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انّ “اليوم ليس وقت الخطابات والاحتفالات انه وقت العمل الجدي الدؤوب لأننا في سباق مع الزمن فالتحديات كبيرة وخطيرة”. وقال في كلمة له في ذكرى الاستقلال: “كان من المفترض أن تكون الحكومة ولدت وباشرت عملها إلا ان التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأني لتفادي الأخطر وللتوصل الى حكومة تكون على قدر كبير من الفعالية والانتاجية والنظام لأن التحديات التي تنتظرها ضخمة”، مضيفاً: “مع كل محنة نزداد يقيناً ان الحفاط على الاستقلال أصعب من الحصول عليه فالاستقلال هو القرار الوطني الحر والمستقل غير الخاضع لأي شكل من أشكال الوصاية وهذا ما نتشبّث به اليوم ودائماً”. وأشار الرئيس عون الى ان “تأكيدنا على استقلال لبنان لا يعني خصومة مع أي دولة أو استعداءً لأحد انما نحن نسعى الى صداقة صادقة والتعاطي بإيجابية مع من يصادقنا”، لافتاً الى ان “إذا كانت السياسة فن الممكن فهي أيضاً رفض اللامقبول وفي الداخل اللبناني خطر محدق يتهدد مجتمعنا ومؤسساتنا واقتصادنا وهو الفساد وأضحت مكافحته شعاراً استهلاكياً يستحضر كلما دعت الحاجة”. وتوجّه الرئيس عون الى المتظاهرين، بالقول: “أكرر ندائي الى المتظاهرين للاطلاع عن كثب على المطالب الفعلية لهم وسبل تنفيذها، لأن الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحل الأزمات، وكسّرت التحركات الشعبية الأخيرة بعض المحرّمات السابقة وأسقطت الى حد ما المحميات ودفعت بالقضاء الى التحرك وحفّزت السلطة التشريعية على إعطاء الاولوية لعدد من اقتراحات القوانين الخاصة بمكافحة الفساد”. ولفت الى انّ “إطلاق الاتهامات العشوائية وإصدار الأحكام المسبقة قد تجرّم بريئاً لكنها تجهل المرتكب الحقيقي”، وقال: “أعطيتم دفعاً للقضاء فدعوه يقوم بواجبه والمطلوب من القضاة الالتزام بالقسم والقيام بالواجب بأمانة ومكافحة الفساد حسن ختامها عندكم”. وقال الرئيس عون: “عام 2017 أحلت على القضاء ما يزيد عن 18 ملفا تتعلق بقضايا فساد والى اليوم لم يصدر أي حكم بأي منها والتأخر في بت قضايا فساد تشجيع غير مقصود للفساد ونعوّل اليوم على التعيينات القضائية الأخيرة لتفعيل دور القضاء للوصول الى سلطة قضائية مستقلة ومنزّهة”. وأضاف: “سأكون سداً منيعاً وسقفاً فولاذياً لحماية القضاء وسأمنع كل تدخل فيه انطلاقاً من قسمي الحفاظ على الدستور والقوانين”. وتابع: “نحن على أبواب المئوية الثانية للبنان الكبير ونجد أنفسنا رهينة أزمة اقتصادية حادّة ناتجة من سياسات اقتصاديّة خاطئة ومن فساد وهدر في الإدارة على مدى عقود من الزمن، فلتكن السنة المقبلة سنة استقلال اقتصادي فعلي من خلال تغيير النمط الاقتصادي الريعي إلى اقتصاد منتج”. ودعا الى “جعل العام المقبل عام استقلال اقتصادي فعلي من خلال بدء حفر أوّل بئر للنفط في البحر ومن خلال إقرار قانون الصندوق السيادي الذي سوف يدير عائدات البترول على أن يلتزم أعلى معايير الشفافية العالمية”، وأضاف: “لنجعل من العام المقبل عام استقلال جغرافي عبر التمسّك بكلّ متر من المياه في المنطقة الاقتصادية الغنية بالثروات الطبيعية تماماً كما تمسّكنا بكل شبر من أرضنا وكما نسعى لتحرير ما بقي منها تحت الاحتلال الإسرائيلي”، وتابع: “أيّها اللبنانيون، لنجعل من العام المقبل عام استقلال بيئي من خلال تحريج الجبال، وخصوصاً ما طالته الحرائق أخيراً”. وقال: “أيها اللبنانيون، لنجعل من العام المقبل عام استقلال اجتماعي فعلي بدءاً بإقرار قانون الحماية الشاملة المعروف بضمان الشيخوخة”، لافتاً الى انّ “الاستقلال الناجز يكون عبر تحرّرنا من نزاعاتنا الطائفية والمذهبية، والبدء بالخطوات اللازمة لإرساء الدولة المدنية”. وأضاف: “الحكومة العتيدة ستجدني حاضراً لمواكبة عملها ودافعاً لتحقيق الانجازات”. وتوجّه الرئيس عون الى العسكريين، قائلاً: “كنتم ولا زلتم وستبقون درع الوطن، وحماة استقلاله وسياج وحدته وأصعب المهمات التي قد تواجه عسكرياً هي المهمات الداخلية كما هو حاصل معكم اليوم، وعليكم أن تحموا حرية المواطن الذي يريد التعبير عن رأيه بالتظاهر وأن تحموا أيضاً حرية التنقل للمواطن الذي يريد أن يذهب الى عمله أو الى منزله ونجاحكم في هذه المهمة الدقيقة هو ميزان ثقة المواطنين بكم والثقة غالية لا تعوّض”. كما توجّه الى اللبنانيين، لا سيما الشباب منهم، وقال: “إنّ تفلّت الخطاب في الشارع هو من أكبر الأخطار التي تتهدد الوطن والمجتمع فلا تنسوا أنكم بعد انتهاء هذه الأزمة ستعودون إلى المنزل إلى الحي إلى المدرسة إلى الجامعة إلى العمل ستعودون للعيش معاً. لا تسترسلوا في خطاب الكراهية والتحريض لأن الهدم سهل ولكنّ البناء شاق ولا تهدموا أسس مجتمعنا الذي يقوم على احترام الآخر وعلى حرية المعتقد والرأي والتعبير”. وختم الرئيس عون، قائلاً: “لقد قاسى أجدادكم الويلات ليحافظوا على وجودهم الحرّ وكيانهم المستقلّ وعرف أهلكم كل أنواع المعاناة في حرب داخلية مدمّرة قضت على معظم أحلامهم وخطفت زهرة عمرهم الأمانة اليوم بين أيديكم، والعبرة لمن اعتبر”.