محمود درويش… مقالات “اليوم السابع”
صدر حديثاً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاب محمود درويش: مقالات “اليوم السابع”؛ أعدها وحررها وقدم لها حسن خضر. تستمد مقالات “اليوم السابع” أهميتها من حقيقة أن صاحبها محمود درويش، وأنها غير معروفة على نطاق واسع. وإذا كان في هذه الدلالة ما يكفي تبرير إعادة نشرها، إلا إنها لا تختزل ما تنطوي عليه النصوص من دلالات إضافية. فإلى جانب النثر البديع، واللغة التي لا يخبو بريقها بالتقادم، ثمة شهادة، هنا، على فترة بالغة الحساسية في تاريخ الفلسطينيين، وهموم محمود درويش ومشاغله الشعرية والسياسية، والمعيشية أيضاً. وهو الذي تضافرت عوامل كثيرة كانت، في الغالب، أبعد وأعقد من خياراته الشخصية، لتجعل منه صوتاً فريداً ومتفرداً لشعبه.
كتب حسن خضر في تقديم الكتاب: “تغطي المقالات الفترة المعنية عقداً من الزمان افتتحته وأغلقته، ووقعت فيه، أحداث مفصلية، وتحوّلات حاسمة، أسهم تضافرها، والرد عليها، والتفاعل معها، في تحديد مصير الفلسطينيين، شعباً وقضية، على مدار عقود لاحقة. فما بين الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982، ومؤتمر مدريد للسلام 1991، وقع الانشقاق الكبير في حركة فتح 1983، ونشبت حرب المخيمات 1985، واندلعت الانتفاضة الأولى 1987، وأذاعت منظمة التحرير، في الجزائر، وثيقة إعلان الاستقلال 1988.
ولأسباب وثيقة الصلة بما نجم عن الاجتياح الإسرائيلي من تداعيات مباشرة، وبعيدة المدى، بما فيها خروج منظمة التحرير بقيادتها، ومؤسساتها، وقواتها، من بيروت، التي كانت أوّل عاصمة عربية يحتلها الإسرائيليون، شهدت تلك السنوات، أيضاً، إقامة محمود درويش في باريس، وصدور مجلة أسبوعية، دعمتها منظمة التحرير، باسم “اليوم السابع”، أسس المجلة، وترأس تحريرها بلال الحسن.
نشر محمود درويش، على صفحات المجلة، مقالة أسبوعية ما بين عامي 1984 ـ 1989، يضم هذا الكتاب نخبة مختارة منها جمعت بينها وحدة الموضوع، وقد اخترنا عدم التقيّد بتسلسلها الزمني على صفحات “اليوم السابع”، لأن عدداً منها يكمل بعضه حتى وإن بعدت المسافة الزمنية بينها، مع الحرص على تثبيت التاريخ الأصلي للنصوص في هذا الكتاب، هذا جتانب من المقدمة لم يتقيّد محمود درويش، على امتداد الفترة المعنية، وكما يتجلى في النصوص، بملاحقة الجاري من الأحداث وحسب، بل وتعددت وسيلته التعبيرية في التفاعل معها أيضاً: ما بين المقالة والقصيدة والمذكّرات، والتعليقات السريعة، ومداخلات قدمها في مناسبات معيّنة، وأعاد نشرها في “اليوم السابع”، كما فعل مع بعض افتتاحيات “الكرمل”.
والمُلاحظ، بأثر رجعي، أن كل ما وقع في عقد الثمانينيات، واختزلناه في تعبير “أحداث مفصلية”، احتل مكانة مركزية في معنى ومبنى هموم الشاعر ومشاغله، وأن نشاطه الكتابي، وما رأى فيه فعالية تفسّر وتبرر الانخراط الأسبوعي في التعليق على الجاري من الأحداث، لم يصدر عن شخص يراقب حدثاً من بعيد، بل تجلى كمشاركة فاعلة في الميدان، وفي صراع مفتوح”.
حسن خضر
كاتب وباحث
مستقل يعنى بالنقد الأدبي وقضايا الثقافة العربية والفلسطينية، ويولي
عناية خاصة بالأدب الإسرائيلي، وقد نشر عدداً من الدراسات والأبحاث
الموضوعة والمترجمة في هذا الصدد. شارك في تحرير فصلية “الكرمل” الثقافية
منذ عودتها إلى فلسطين سنة 1996، وعمل إلى جانب محمود درويش مديراً
لتحريرها (1998-2006).