بعد مواقف جنبلاط… هل النتيجة حكومة لون واحد؟
“ما تقول فول تا يصير بالمكيول”، هي المقولة التي يستخدمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في استحقاقات كمثل ما هو حاصل في الولادة القيصرية للحكومة حيث إن عدّاد التأليف بات كالبورصة صعوداً وهبوطاً على وقع خلافات البيت السياسي الواحد.
ويبدو من مسار الأمور على مستوى تأليف الحكومة أن ما يحاك في الغرف المغلقة يخالف كل ما يحكى في العلن، وكان لافتاً الموقف المتجدد لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي فضح هذه التركيبات وصوّب باتجاه الحكومة غامزاً من قناة أنها ستكون تكنوقراط بالشكل؛ لكنها بالحقيقة حكومة الفريق الواحد، مستغرباً الحملة التي تشنّ بالتوازي مع ذلك على مؤسسة الجيش وقائدها. كلام جنبلاط يأتى في إطار ما تسرّب عن التشكيلة المرتقبة للحكومة حيث لا يزال التمثيل الوزاري لطائفة الموحدين الدروز خارج المعايير الموضوعة لتمثيل الطوائف في ظل النظام السياسي الطائفي الحالي ولا يراعي ما تستحقه هذه الطائفة من تمثيل عادل بعيدًا عن “الاستعطاف والشحاذة”، كما أن التشكيلة تخلو من أي اسم من خارج فلك فريق ٨ آذار أو الرئيس المكلف حسان دياب، وبالتالي هي حكومة اللون الواحد. وهو ما أكدته مصادر مطلعة على أجواء التأليف عبر “الأنباء”، التي ذكرت أن توزيع الأسماء والحقائب المتداول حتى هذه اللحظة “يوحي بأنه لم يتغير شيء في ذهنية المحاصصة، ولا في ذهنية توزيع الحقائب على قاعدة المصالح الفئوية الضيقة، وكأن شيئاً لم يحصل في البلد منذ ١٧ تشرين الأول، وكأن الناس لم تكفر بكل الأمور الحاصلة والنهج القائم”. وفي هذا المجال فإن جنبلاط قصد توضيح أن الحكومة لن تخدع الناس بغلاف التكنوقراط، وهي لن تكون قادرة على إنقاذ اللبنانيين من أتون الأوضاع التي يعيشونها، لأنها حكومة وليدة الذهنية القديمة نفسها. كما يؤكد موقف جنبلاط أن الاستفراد ببعض المكونات الأساسية في البلد لا يمكن أن يمر، وأن الاستئثار وازدواجية المعايير لا يمكن أن تنتج دولة مؤسسات، وبالتالي إذا كان الرئيس المكلف حريصاً فعلاً على انطلاقة هذه الحكومة وقدرتها على العمل، فعليه مراعاة كل هذه الإشكاليات التي ترافق ولادة الحكومة، وفق المصادر ذاتها. وفي تفاصيل مشاورات الساعات الأخيرة، ذكرت أوساط سياسية عبر “الأنباء” بأن هناك توجهاً لدى الرئيس المكلف وبموافقة من الثنائي الشيعي الى عدم توزير أحد من وجوه الحكومة السابقة، إلا ان الاوساط لفتت الى خلاف طرأ أمس بسبب إعادة طرح الوزير جبران باسيل لاسم ندى البستاتي للتوزير مجدداً؛ ما أعاد الأمور الى المربع الاول بعدما كان جميع الفرقاء قد تجاوزوا هذه النقطة، إضافة الى رغبة باسيل بتسمية كل الوزراء المسيحيين، الأمر الذي خلق اشكالية جديدة مع الرئيس المكلف. واذا كانت شؤون التأليف قد دخلت فعلاً في مرحلة المخاض الاخير، وفق توصيف الأوساط، إلا ان لا شي نهائياً في ظل عدم اتضاح الرؤية حول لقاء مفترض لباسيل ودياب أمس، وما نتج عنه بحال انعقاده في ظل ما رشح عن تباين جديد بينهما. وعليه قد تكون البلاد على بعد ساعات قليلة من وصول الرئيس المكلف إلى قصر بعبدا حاملاً تشكيلة حكومته الأولى اذا ما انتهت النقاط العالقة على جبهة باسيل، وإن لم يكن ذلك قد تحقق فإن مزيدا من الوقت الضائع سيخسره لبنان واللبنانيون على طريق هدر الفرص لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد في المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية. فهل يخرج فريق السلطة الفعلية من عقلية المحاصصة التي خنقت البلاد؟ سؤال برسم الإجابة في غضون أيام وربما ساعات.
الأنباء