ما حقيقة الخلافات التي تعيق ولادة الحكومة؟
لم يخرج اللبنانيون بانطباعٍ مختلف بعد كلام جبران باسيل الاستعراضي أمس، الذي حاول بعد كل ما شهده البلد منذ انتفاضة ١٧ تشرين أن يظهر بمظهر من غسل أيديه من كل ما بلغته أمور البلاد والعباد، فجاءت مقابلته التلفزيونية استفزازية للبنانيين وكأن لا علاقة له بكل التدهور المالي أو بالتردي الفاضح في قطاع الكهرباء، أو حتى على مستوى الأزمة السياسية؛ أو لناحية آدائه في الاستئثار والتفرد بالقرارات، والتعطيل. وإذا كان باسيل تناسى، فاللبنانيون لم ينسوا كل هذه الأزمات التي كان عنوانها الأساس أداء باسيل، ولم ينسوا نبش الأحقاد والخطابات التحريضية المتنقلة وغيرها، ففشلت مقابلته الإعلامية أمس في تقديم صورة أخرى عنه للرأي العام اللبناني، وفق مراقبين، الذين لفتوا إلى ان ردة الفعل الشعبية على المقابلة جاءت عسكية للهدف من إجرائها، وهو ما ظهر بوضوح من خلال التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي وردود الفعل لدى المواطنين. في السياق نفسه تأتي محاولة التيار الوطني الحر في الإيحاء بأن الأمور تسير بشكل جيد مع الرئيس المكلف حسان دياب، وأن التيار لا يريد شيئا لنفسه، إلا أن هذه المحاولة أيضا باءت بالفشل، حيث اشارت أوساط سياسية مطلّعة عبر “الانباء” الى ان هناك خلافاً واضحاً في ملف تشكيل الحكومة، وأن اللقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف حسان دياب في قصر بعبدا وإن كان جيداً لناحية حصوله، إلا أنه لم يخرج بحلول لكل التباينات، لا سيما بعد التصعيد الذي حصل بوجه دياب بما يتعلق بتسمية الوزراء المسيحيين وإعطاء حقيبتين سياديتين للتيار الوطني الحر. وبعد التسريبات الإعلامية باسم “الوطني الحر” التي أعلن فيها انه غير متمسك بأية حقيبة او اسم او حتى المشاركة بالحكومة، اشارت مصادر مطلّعة على موقف دياب عبر “الأنباء” إلى أنه أدرك أن هذا الموقف هو للتصعيد بوجهه لتكبيله أكثر، ما اضطره للرد بالسقف العالي نفسه والتلويح بأنه سيعتذر عن تشكيل الحكومة. وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، جاء لقاء عون ودياب، حيث قام الرئيس المكلّف بتقديم تصوّره الأولي لعون على ان يكون دميانوس قطار وزيراً للدفاع والاقتصاد، الأمر الذي لا يزال يقابل برفض “الوطني الحر”، المتمسّك بحقيبتين سياديتين اضافة الى الوزراء المسيحيين السبعة. وفي التفاصيل، أشارت مصادر مطلّعة عبر “الأنباء” ان دياب أبدى تمسكه بحقيبتي الداخلية والدفاع في حين أبدى مرونة بقبوله بتسليم قطار الدفاع والاقتصاد بدلا من الخارجية، إلا ان باسيل رفض هذا الطرح ايضا وتمسّك بالحقيبتين السياديتين. ولفتت المصادر عينها إلى أن عدم تدخّل حزب الله لمعالجة المشاكل العالقة لانشغاله بالمستجد الاقليمي، فُهم على أن الحزب لديه رغبة بتأجيل موضوع الحكومة خاصة وأنها لن تنال لا غطاء لبنانيا ولا سنيا ولا غطاء المجتمع الدولي. إلا أن ما علمته “الأنباء” من مصادر موثوقة ان ما يجري في حقيقة الأمر صحيح بأنه يعود الى الاسلوب الذي يعتمده الوزير باسيل في تعاطيه مع مختلف الملفات المطروحة على المستوى الوطني، لكن إضافة لذلك فإنه بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني بات واضحاً وجود قرار بالإمساك بالحقائب الأساسية كالداخلية والدفاع والخارجية، فقد كان هناك تصوّر قبل اغتيال سليماني بأن تكون وزارة الخارجية في عهدة شخصية لها علاقاتها مع المجتمع الدولي وصورتها غير مستفزة للعالم العربي على قاعدة الإيحاء بأن الحكومة منفتحة على الجميع الأمر الذي يفتح المجال أمام تسوية بعض الأمور في العلاقات اللبنانية الدولية او العربية، لكن بعد اغتيال سليماني تغيّر الموضوع حيث بات هناك حاجة للإمساك بالسياسة الخارجية والإتيان بشخص موثوق جدًا لأن المرحلة اختلفت وهي مرحلة مواجهة مفتوحة على أكثر من احتمال، وبالتالي من يكون في وزارة الخارجية يجب ان يحمل تصورّ فريق ٨ اذار، من هنا كانت الشروط حول من ستتم تسميته للخارجية. على هذا الأساس، وبعد اتصالات تم اللقاء بين عون ودياب لحسم هذه التوجهات، ويُنتظر في الأيام القليلة المقبلة الانتهاء من جوجلة الأسماء بشكل أخير للخروج بما يناسب هذا الفريق للمرحلة الجديدة التي بدأت.
الأنباء