في وجه من يرفع دياب “بطاقة صفراء”؟
اثار شكل ومضمون البيان الذي اصدره الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب ليل امس بمناسبة مرور ثلاثة اسابيع على تكليفه في 19 كانون الأول 2019 الكثير من الأسئلة. فالوقائع كانت تشي بأن الرجل بدأ يتعرض لسلسلة من الضغوط من اجل التعديل في التركيبة الحكومية التي اقترحها وتقدم بمسودتها الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الثلاثاء الماضي إثر تعديلات توافق عليها معه حول بعض الحقائب وفي اعقاب فشل المفاوضات التي اجراها مع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل. وقالت مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” ان دياب هو من اختار التوقيت لبيانه امس بعد مرور الأسابع الثلاثة لتكليفه. فليس هناك لا في العرف ولا في الدستور اي إشارة الى هذه المهلة . لكنه سبق أن التزم عند تكليفه بمهلة لا تتعدى الأسابيع الستة ولا تقل عن اربعة لتقديم تشكيلته، وهو اليوم في منتصف هذه المهلة. لذلك تحدث دياب في بيانه الذي استغرق تحضيره يومين في ظل صمت مريب لم يسجل فيهما اي موقف او إشارة توحي باستكمال الجهود التي بذلت من اجل تشكيل الحكومة، في ظل أجواء كانت تشي بأنه بات قاب قوسين او ادنى من تقديم تشكيلته نهاية الأسبوع الجاري. كان الرئيس دياب ينتظر منذ الأربعاء الماضي جوابا من رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر لتسليمها لأسماء المقترحة لبعض الحقائب التي بقيت عالقة منذ لقائهما الأخير ولا سيما حقيبة الطاقة بعد التفاهم على نقل الوزير المرشح لوزارة الخارجية دميانوس قطّار الى وزارة الاقتصاد، وعلى ماري كلود نجم للعدل بدلا من القاضي هنري خوري وإثر التفاهم على العودة الى اقتراحه السابق بتعيين سفير الجامعة العربية في باريس وروما ناصيف حتي في وزارة الخارجية والذي حظي بكامل الثقة من مختلف الأطراف بعد تذليل ملاحظات حزب الله على الرجل. وقبل ان تكتمل آلية التشكيل في مراحلها التنفيذية الأخيرة، انقطعت الإتصالات بين بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة وتلة الخياط من جهة أخرى، ولم يتسلم دياب ملاحظات الرئيس، لا بل سمع الرئيس نبيه بري يناشد رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري العودة الى بيروت لممارسة مهامه في مرحلة تصريف الأعمال ليس لأن في ذلك طلبا غريبا او بهدف اعادة تكليفه مهمة تأليف الحكومة في ظل التكليف المعطى بدون اي ضوابط لدياب، لا بل فان من واجباته ممارسة مهامه الى حين تشكيل الحكومة الجديدة وصدور مراسيمها. واللافت ان دياب، لم يتبن اي تفسير لكلام بري قدمه اي من الأطراف، وخصوصا تلك التي فسرته على انه انهاء لمهمته، لا بل فهمها منذ اللحظة الأولى انها دعوة ليتحمل مسؤولياته بصفته رئيسا لحكومة تصريف الاعمال في مواجهة القضايا الإقتصادية والمالية والسياسية التي فرضتها تداعيات اغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني الى حين انتظار تشكيل الحكومة الجديدة. لذلك، نقل عن دياب قوله ان كل اللغط القائم لا يعنيه، فهو واصل لقاءاته مع عدد من المرشحين الذين يمكن اختيارهم لبعض الحقائب المحددة ، حيث ما زال يدور الجدل حولها من دون الإشارة الى اي منها. وعليه، وجد دياب بحسب المصادر الوقت مناسبا لرفع ما لديه من “بطاقات صفراء” في مواجهة مشروع الجبهة الجديدة التي شاءت اجراء تغييرات جذرية في الحقائب او في شكل الحكومة وتركيبتها وحصة المرأة فيها والغاء حقائب وزراء الدولة، وخصوصا بعدما استُحضر مجددا معيار استبعاد وزير سابق من التشكيلة لاستهداف قطار مرة أخرى، فيما التفاهم بين دياب ومكلفيه حصر بعدم عودة الوزراء من اعضاء الحكومة السابقة التي تصرف الأعمال وإلا لما سمي هو نفسه لمهمة التأليف، فهو عضو من حكومة الـ 2011 وقطار من حكومة الـ 2006، علما ان معايير التوزير لا تنطبق ميثاقيا على معيار اختيار رئيس الحكومة. وبموجب هذه البطاقة الصفراء، توضح المصادر، اطلق دياب مواقفه التي عبر فيها عن حرصه على صلاحيات رئيس الحكومة السني للرد على منتقديه في الأوساط السنية تزامنا مع الرسائل التي وجهها الى كل من رئيس الجمهورية وباسيل وبري ومجموعة المواقف التي تطالب بتعديل اساسي في شكل حكومته. ولكن وقبل اعطاء اي اهمية لهذه الرسائل، فان القصد الأساسي كان توجيه رسالة تمهد له الطريق الى دار الفتوى في وقت ذكّرته مصادر سنية في اعقاب البيان بأنه لم يطلب حتى اليوم موعدا لزيارة المفتي عبد اللطيف دريان وهو ما يوحي بامكان ان تتجدد تلك التجربة مع الرئيس ميقاتي العام 2006 عندما دعي ومعه رؤساء الحكومات السابقون الى اجتماع للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، ايذانا بقبوله عضوا اصيلا في نادي رؤساء الحكومات من دون النظر الى تداعياتها بالنسبة الى علاقاته مع من سماه لمهمة التأليف قبل ثلاثة اسابيع. فلهذه القضية مخارج أخرى، فهل يبقى مجال لحلها ام ان الأمور ستتدهور بين دياب وحلفائه الجدد؟