حزب الله يتوعد أصحاب الثروات.. و65 اسماً بلائحة العقوبات
منير الربيع – المدن
ستكون معركة الثقة التي يخوضها الفريق المشكّل للحكومة، داخل أروقة المجلس النيابي، وفي القاعة العامة لمجلس النواب، من أسهل المعارك للحصول على الثقة، في ظل غياب أي تنسيق بين النواب المعارضين للحكومة، وفقدانهم أي قوة أو أي قدرة على المبادرة السياسية.
معركة الشارع
المعركة الحقيقية ستكون في الشارع، بمواجهة الناس غير الراضية على هذه الحكومة، ولا على كل مسوغات تشكيلها. والمعركة الفعلية ليست فقط بقطع الطريق ومنع النواب من الوصول إلى ساحة النجمة، إنما في الرهان على الحشد الكبير الواجب تأمينه، لتوجيه رسالتين. الأولى، إلى الداخل والقوى السياسية، تقول أن الثورة لن تهدأ، ولا يمكنها أن ترضى في مسألة الحكومة بغياب الأصيل وحضور الوكيل. والثانية تستهدف المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، بالإشارة إلى أن هذه الحكومة وما تحمله لا تلبي طموحات اللبنانيين وتطلعاتهم.
وبعيداً عن نيل “الثقة” دستورياً، فمصدر الثقة الحقيقي في
مكان آخر. هو لدى اللبنانيين، الذين أكدوا حجبها عن الحكومة وعن كل القوى
السياسية. خصوصاً أن هذه الحكومة تدخل إلى حقل ألغام متفجر. أوله استحقاقات
الدين في الشهر المقبل، وفي شهريّ نيسان وحزيران. وهناك تخبّط واضح بين
القوى المشكلة للحكومة في التعاطي مع أول استحقاق، الذي تبلغ قيمته في
الثالث من آذار مليار و200 مليون دولار. فإذا تم دفع هذا المبلغ، سيخسر
المصرف المركزي احتياطاً لا يمكن التفريط به، لأنه سيطال عيش المواطنين
العاديين. وقد يفرض ذلك رفع الدعم عن السلع الأساسية كالمحروقات والطحين
والدواء. وهذا سينذر بانفجار اجتماعي أكبر، يطلق شرارة ثورة الجياع.
السداد من عدمه
أما
بحال عدم الدفع، فإن لبنان يصبح واقعياً دولة مفلسة لم تتمكن من سداد
ديونها المتوجبة. وهذا سيكون بادرة انهيار القطاع المالي والمصرفي. وسيفرض
تدخل مؤسسات دولية، على رأسها صندوق النقد الدولي، لوضع اليد على لبنان.
وما يعنيه ذلك من السيطرة على المفاصل الإدارية والمالية في الدولة. طبعاً،
هذا ما يعارضه حزب الله بالمطلق، كما يعارض عملية الدفع التي ستحرم
اللبنانيين من ودائعهم، وستنعكس ارتفاعاً كبيراً بسعر الدولار.
يقف لبنان أمام خيارين. إما الدفع مع ما يتركه من تداعيات
وآثار سلبية على الوضع المالي والمعيشي، أو إعادة جدولة الديون وهيكلتها،
وهذا يتطلب المزيد من الوقت الذي لا يمتلكه. رئيس الحكومة، وحاكم مصرف
لبنان، يفضلان الدفع للحفاظ على سمعة لبنان المالية، بينما حزب الله يحاول
إقناعهم بعدم الدفع، وعدم الرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي. وحسب
المعلومات، فإن رسالة وصلت إلى حسان دياب مفادها أن منح الثقة لحكومته
مشروطة بعدم دفع المستحقات، والبحث عن إجراءات جدية للتعاطي مع هذا الأمر.
وفي مضمون الرسالة، “دغدغة” لدياب، من قبيل أن عدم القدرة على الدفع لا
يتحمل هو مسؤوليتها بل من سبقوه. أما بحال قرر الدفع، فسيتحمل هو مسؤولية
هذا القرار أمام الناس، التي ستكون أمام كارثة حقيقية مع تفاقم شحّ الدولار
في السوق.
حزب الله وتجربة الريتز – كارلتون
السياق
المنطقي في مثل هذه الحالات والأزمات، هو اللجوء إلى خيار الاقتطاع من
أرصدة أصحاب الأموال الكبرى لتسديد المبالغ المستحقة، ولكن هناك رفضاً لهذه
الخطوة، لأن ذلك أيضاً يهدد سمعة القطاع المصرفي ويضربها. أما دخول
المؤسسات الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين على الخطّ، فسيضع لبنان تحت
وصاية دولية، وستتسلم هذه المؤسسات كل الملفات المالية فيه. تأخر المعنيون
في اتخاذ القرار المناسب. ولا تزال الخلافات تستحكم فيما بينهم. ورئيس
الجمهورية لا يريد الدفع ولا إعادة جدولة الديون. ويتعاطى مع الموضوع بنزق
بعيد عن الواقعية، مستخدماً أسلوب التخاطب بالأمر مع المجتمع الدولي
ومؤسساته قائلاً أن من واجبهم دفع الأموال للبنان لقاء استقباله للاجئين
السوريين. الأمر الذي أرسى استياءً دولياً من طريقة التخاطب.
حزب الله لديه رؤيته لحلّ المشكلة، بتجنب تدخل المؤسسات
الدولية، وبإعادة جدولة الدين، عبر التفاوض مع المؤسسات الدولية من دون
تقديم تنازلات، وبشروط محددة. عدا عن ذلك، سيكون الحزب أمام إجراءات أكثر
صلابة، ربما تستنسخ تجربة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قضية الريتز-
كارلتون، وإن بطريقة مختلفة. تبدأ بحملة تهديد واستدعاءات إلى الكثير من
كبار المتمولين والمستفيدين من الدولة لسنوات سابقة، تخيّرهم بين دفع مبالغ
معينة من ثرواتهم لتأمين المبالغ المطلوبة، أو بين توقيفهم والتحقيق معهم
قضائياً. وهذه عملية ستؤدي إلى ضغوط كثيرة سياسياً، لن ينجو منها حاكم مصرف
لبنان أيضاً، خصوصاً أن التوجه لدى الحزب يتركز على تحميل مسؤولية ما جرى
لأشخاص معينين، في إطار الحملة المركزة عليهم.
عقوبات و65 اسماً
أياً
كان التوجه الذي سترسو عليه الخيارات، فإن لبنان أمام وضع مالي معقد جداً،
ولن يكون من السهل الخروج منه. ومساره سيكون طويلاً. بينما توجهات الناس
وخياراتها في مكان آخر، عبر مخاطبة المجتمع الدولي أن لا ثقة بهذه الحكومة
ولا بإجراءاتها، ولا بالقوى السياسية التي ترعاها. وهذا موقف بلا شك سيلزم
المجتمع الدولي بالوقوف أمامه وأخذه بالاعتبار.
حتى الآن، كل المعطيات الأميركية تفيد باستهزاء واشنطن من آلية عمل الحكومة
والقوى السياسية التي تقف خلفها. وهي قررت الاستمرار بالضغوط على لبنان،
بموجب النقاط التي تحدث عنها ديفيد شينكر وارتباطها بترسيم الحدود، والحصول
على ثقة الشعب اللبناني. وفي هذا السياق، لا تخفي مصادر متابعة احتمال
صدور لائحة عقوبات أميركية جديدة في المرحلة المقبلة، تطال شخصيات سياسية
ورجال أعمال من المحسوبين على حزب الله، عندما تقتضي الحاجة الأميركية ذلك.
وتفيد المعطيات بوجود لائحة تضم 65 اسماً يمكن إدراجهم على لائحة العقوبات
بشكل متدرج، وبين فترة وأخرى، تختار توقيتها واشنطن.