جرائم رياض سلامة… بالأسماء والأدلّة
لم تكن هناك حاجة لقراءة موقف النائب
علي عمار الذي اتّهم فيه رياض سلامة بممارسة دورٍ “شيطاني” لكي ندرك أنّ
حزب الله يشنّ حرباً مفتوحة على حاكم مصرف لبنان. من حقّ الحزب، كما سائر
الأحزاب الأخرى، انتقاد حاكم المصرف المركزي، ولو أنّه، مع أركان السلطة
الآخرين، شاركوا في صفقة التمديد للحاكم. كان حينها حاجة، وبات اليوم
مسؤولاً عمّا بلغه البلد المنهار.
لقد كان حزب الله شريكاً في الغالبيّة
الساحقة من الحكومات الماضية. إن لم يكن شارك في الفساد مرّات، فهو،
بالتأكيد، سكت عن فساد الآخرين، من الحلفاء والخصوم. والأهمّ أنّ الحزب نكث
بوعده حين أعلن حرباً على الفساد لم يسجّل فيها انتصاراً واحداً حتى الآن،
لا بل هو تراجع الى الخطوط الخلفيّة، مركّزاً الهجوم على رجلٍ واحد هو
رياض سلامة.
ربما ارتكب سلامة أخطاء، ولسنا هنا نناقش
ذلك. مشكلتنا هي حصر مصائب البلد برجل، وكأنّ بعض السياسيّين يذكّروننا
بالمقولة الشعبيّة غير اللائقة “… شيلي منّك حطّي فيي”.
أمّا إذا اخترنا كلاماً لائقاً، لقلنا إنّ سلامة ليس بالطبع المسؤول عن العجز المتراكم الذي تسبّبت به السياسة المعتمدة في ملفّ الكهرباء، وهو بمليارات الدولارات، والتقنين مستمرّ. وليس سلامة مسؤولاً عن التهريب الجمركي، على المرافئ الشرعيّة والمعابر غير الشرعيّة. من المؤكّد أنّ علي عمار، وغيره من النوّاب حتى من الكتل “السياديّة”، يعرفون بعض المهرّبين بالإسم ويحظى بعضهم بحماية حزبيّة وسياسيّة.
ولا علاقة لسلامة طبعاً بصفقات التعهدات، من الأوتوسترادات الى الأنفاق والجسور والصرف الصحي. والرجل لم يتعدّ على واجهات بحريّة ولم يستثمر واحدة منها، كما فعل سياسيّون وأزلامهم. وهو لم يزرع الإدارات بالموظفين، من دون جدوى، ولم يستغلّ موسم الانتخابات الأخيرة لكي يثقل الدولة بالآلاف منهم، ولم يوافق على منح سلسلة رتب ورواتب من دون دراسة وافية…
لم يعيّن رياض سلامة أفراد العائلة والمحسوبين عليه في الإدارات والوزارات، ولا تدخّل في التشكيلات القضائيّة حتى بات قرار قضاةٍ كثيرين في أيدي السياسيّين، ولم يستبعد مسؤولاً أمنيّاً مستحقّاًليأتي بمقرّبٍ منه…
لقد صنع هذه الجرائم، وغيرها الكثير، سياسيّون فاسدون تولّوا أمر هذا البلد، ممّا كان يُسمّى 8 و14 آذار، وها هم اليوم يريدون أن يقبضوا على القرار المالي بعد أن قبضوا على القرار السياسي، بحثاً عن تغيير صورة لبنان الاقتصاديّة.
حين تبدأون الحرب الحقيقيّة على الفساد، لا بأس إن فتّشتم طويلاً في أدراج مصرف لبنان وحاكمه. حتى ذلك الحين، لا نحتاج الى تفتيشٍ طويل لنعثر على ما يدين هذه الطبقة السياسيّة. هي الشيطان يا “حاج علي”.
داني حداد – mtv