سلامة فنّد كلام دياب ومرّر رسائله بهدوء.. والحكومة على خطى البعث
كما تراجعت الحكومة عن إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شراءً لسكوته، فإنها على ما يبدو تراجعت أيضاً عن خطة الدوس على القانون والدستور، والتي كانت تسميها خطة وتدابير لمكافحة الفساد.
الخلاف الذي انعكس بين مكوّنات الحكومة حول هذه الإجراءات، وصولاً إلى
حد اعتراف وزيرة العدل على طاولة مجلس الوزراء أن إجراءاتها غير قانونية
لكنها قد تؤدي إلى ترييح الشارع، دفع إلى سحب الورقة من التداول، على أن
يتم نقاشها في جلسات لاحقة. وهذه هي الطريقة المثلى التي تجدها الحكومة
سبيلاً للهروب من شعارات تطرحها.
التسوية التي كانت تبحث عنها السلطة مع حكّام مصرف لبنان قد حققتها، لا سيّما وأن حاكم المصرف لم يسمّ الأمور بأسمائها، ولم يذهب بعيداً في معركة المواجهة التي فُرضت عليه، وذلك بعد تدخلاتٍ من جهاتٍ متعددة دفعته إلى التهدئة، لكنّه مرّر المواقف الواجب تمريرها بشكلٍ غير مباشر وهادئ. أولاً، نسف كل مواقف رئيس الحكومة الذي كان قد قال بأنه لم يطّلع على حسابات المصرف المركزي، فيما الحاكم ذكر أنه أرسل كل الأرقام والتقارير إلى حسان دياب نفسه. وثانياً وضع سلامة النقاط على الحروف حول آلية عمل المصرف المركزي، والذي يجب الحفاظ على استقلاليته متمسكاً بقانون النقد والتسليف، والذي لا يفرض عليه أخذ الإذن من أحد عندما يصدر التعاميم.
ثالثاً، والأهم، مرّر سلامة مواقف متعددة حول الوضع
النقدي، وحمّل المسؤولية إلى السلطة السياسية، آتياً على ذكر ملف الكهرباء،
ورواتب الموظفين، وغيرها من المصاريف التي لو أفصح ما لديه من أسرارٍ
عنها، لفضحت كل الذين يشنّون هجوماً عليه، ويخوضون معارك وهمية، بغية ذرّ
الرماد في العيون، وتعمية أبصار اللبنانيين، وإلقاء المسؤولية عنهم.
تنتقل الحكومة من مأزق إلى آخر. وعند كل مطبٍ تصدم رأسها بجدار، متناسيةً أن اللبنانيين لا يمكن حكمهم وفق طريقة البعث وكتابة التقارير، وهي اللهجة التي على ما يبدو أنها لا تفارق خطاب رئيس الحكومة الذي يقدّم نفسه كحكومة ممثلة للثورة والاحتجاجات، فيما لا يتوانى عن وصف المتظاهرين بالمندسّين، أو يعتبر أن ما يجري هو مخطّط تدميري يستهدف حكومته، متعامياً عن وجع اللبنانيين وجوعهم وهمومهم. لم يجد رئيس الحكومة طريقاً أقصر من استخدام مصطلحات النظام السوري للاستمرار في الانفصال عن الواقع.
الانباء