حدد الصفحة

وليد جنبلاط الحكيم المترفّع الذي لا يتردّد عن العفو عند المقدرة

وليد جنبلاط الحكيم المترفّع الذي لا يتردّد عن العفو عند المقدرة

لا يتعب وليد جنبلاط ولا يستريح. كنا على موعد ضربه مع الاعتكاف السياسي والتفرّغ لكتابة مذكراته عقب إطلاق عملية التسلّم والتسليم مع نجله تيمور منذ سنوات، لكنه كلما همّ بالمغادرة استدرك في ربع الساعة الأخير أن الحرب لم تضع أوزارها بعد، وأن خشيته من متلازمة التشاؤم التي رافقت آل جنبلاط في عقدهم السابع، لن تحول دون تأدية دورٍ يظنه الأخير قبل إسدال الستارة على مرحلة برع في حياكتها وممارستها حتى صار نجمها بلا منازع.
قلة قليلة هم أولئك الذين يسلكون طريقًا يخاله العارفون باتجاه واحد، قبل أن يعودوا ويدركوا أن طريق العودة أقصر وأسهل مما يظنّون. وليد جنبلاط هو واحد من هؤلاء القلّة. حين يُعلن الحرب نظنّ أنه أمام مفترق حاسم شديد الوعورة والخطورة والالتواء، لنعود وندرك أنه متخصّص في التوثّب والصفع متى استدعت حساباته، ورشيق في الاستدارة والليونة متى لامس مُبتغاه، أو صارت المواجهة بلا طائل وضربًا من ضروب الجنون.

كلما ظننا أن دوره انتهى، وأن قدرته على الفوز بالطريقة نفسها باتت ماضيًا مضى، يُباغتنا وليد جنبلاط ويخرج من بين أصابعنا. ثمة دائمًا ثغرة نكتشفها في وقت متأخر. هي الثغرة عينها التي يخرج منها ضاحكًا، بينما يهمّ الجميع بردمها وكأنها ملاذه الأخير، ليعود ويطلّ برأسه من ثغرة أخرى. هكذا، وبكلّ وضوح، احترف الرجل التقاط الثغرات وفتح الكوّات وتعبيد طرق العودة قبل الشروع في مغامراته، فيما ينشغل منافسوه بالترصّد والذهول، ثم بالردم والاعتراف المرّ على مدى عقود طويلة: من هنا فرّ وليد جنبلاط بشقّ الأنفس، كنا على وشك الإمساك به، لكنه كسراب يحسبه الظمآن ماءً.
لن تتسع الذاكرة ولا هذه السطور لأمثلة أو شواهد، يكفي أن نمرّ سريعًا على مغامراته منذ اغتيال رفيق الحريري. يومذاك حمل النعش منفردًا على كتفيه، وصوّب البوصلة السياسية على النحو الذي عرفناه، ثم تصدّر مشهد الاشتباك الأعنف مع النظام السوري ورأسه وفروعه وأدواته، وقد قال في بشار الأسد ما لم يجرؤ أحدٌ على مجرّد الهمس به، في واحد من أعنف خطاباته الجماهيرية على الإطلاق. ظنّت الكثرة الكاثرة أن الجرّة تهشّمت على نحوٍ غير مسبوق، وأن أبواب دمشق باتت موصدة بوجهه، بعد أن تحوّلت المعركة إلى حرب كرامات لا يمكن أن تنتهي إلا بالشطب أو الكسر، لنعود ونصطدم بصورة رسمية تجمع الرجلين، بعد ستّ سنوات، في 2011.
حدث هذا أيضًا مع أمين عام حزب الله، حين ذهب بعيدًا في قدحه وذمّه، ثم راح يتحدّث في خطاباته ومؤتمراته الصحافية عن هالته وعمامته وقدسيته المزيفة، وقد تجاوز وقتذاك كلّ الأدبيات السياسية الرائجة، وحوّل المعركة إلى حرب مستعرة وحامية الوطيس، بوجه واحد من أعنف الأحزاب العقائدية وأكثرهم إمكانية وحضورًا وقدرة على الضرب بلا هوادة.
لا حاجة للتعريج على تسلسل الأحداث التي أفضت إلى استعادة اللقاء. المهمّ أن اللقاء حصل في نهاية المطاف، والأهم أن وليد جنبلاط الذي بادر إلى فتح نار كنا نظنّ أنها ستحرقه، خرج سالمًا غانمًا ضاحكًا من ثغرة كدنا نظنّ أنها ستصل به قطعًا إلى حتفه.

أمس حطّ وليد جنبلاط في بعبدا. بدا في الصورة الموزّعة عبر وسائل الإعلام بمظهر الحكيم المترفّع الذي لا يتردّد عن العفو عند المقدرة، وهو عفو منوط بحالة البلد المتدهورة، على حدّ تعبيره، وذلك بعد عاصفة هائلة لم توفّر رئيس الجمهورية وصهره وحكومته وكلّ أركان عهده. لكنه، وبعد أن حصد كلّ مطالبه، أطلّ برأسه من الثغرة ضاحكًا، ثم راح يردّد أمام الإعلاميين بلغة هادئة وقاتلة: لقد تصرّفت وفق حساباتي الشخصية والسياسية، ولا علاقة لي بأيّ حلف هنا أو هنالك.
أعاد الرجل تموضعه مزهوًا ومنتصرًا ومنتشيًا، ثم راح يقول لسعد الحريري الذي راهن على تحالفهما المتين في صفوف المعارضة: لا رصيد مشتركاً بيننا، جرّب مرة أخرى.
قريبًا سيندم أحمد الحريري على قراره الحصيف بحذف تغريداته النارية بحق وليد جنبلاط، وسيعاود وغيره الهجوم الممنهج على النسر الجارح والساحر الرشيق. لكن وليد جنبلاط لن يتأخر قبل الظهور ضاحكًا من بين أصابعه، ومعه هذه المرة ممحاة لحذف الماضي وقُفل لإغلاق المستقبل.

قاسم يوسف – أساس ميديا

المنظر لحالو بيحكي! مطعم و كافيه قدموس كاسكادا مول تعنايل للحجز 81115115 ‏ Our Online Menu: https://menu.omegasoftware.ca/cadmus Website: www.cadmus-lb.com #Restaurant #Cafe #Lakeside #CascadaMall ‏#5Stars #Lebanon #International #Fusion #Cuisine ‏#Royal #Zahle #SendYourSelfie #Halal #Mediterranean ‏#Lebanesefood #holiday #cadmusrestocafe #food #foodphotoghrafy #delicious #ribs #family #isocertificate #lebanese #yummy #tasty #Cadmus #waffles #wings

 

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com