لبنانيو إسرائيل.. متراس الخلاف بين العونيين وحزب الله
منير الربيع – المدن
عَبَر الخلاف الذي كاد أن يتطور إلى تضارب بين نائبين، في جلسات اللجان النيابية المشتركة، الأسبوع الماضي، في مجلس النواب.. وكأنه مشكل عرضي ككل الإشكالات التي تحصل بين “المشرّعين” اللبنانيين. الصراخ الذي علا بين ميشال معوض وجهاد الصمد، كان ممهداً للصراخ الذي خرج به نواب من التيار الوطني الحرّ ضد حزب الله. في المجلس النيابي كان الإشكال بمتاريس. ارتضى معوض أن يكون متراساً للتيار الوطني الحرّ، فيما انتدب جهاد الصمد نفسه متراساً لحزب الله. موضوع الخلاف هو قانون العفو العام. والمقصود في “العفو العام” هنا، هو ما يفترض أن يشمل اللبنانيين الفارين في إسرائيل.
من “ورقة التفاهم” إلى الفاخوري
في آخر جلسة تشريعية عقدها مجلس النواب، سقط قانون العفو العام، لأنه لم يشمل اللبنانيين “المبعدين إلى إسرائيل”، وفق ما يصفهم التيار الوطني الحرّ، ويعتبر أنه من حقهم العفو والعودة. وهذا أحد مشاريع التيار الكبرى على الساحة المسيحية، ويتصل أيضاً بطريقة نسج رئيس التيار لعلاقاته الخارجية. البند المتعلق بهؤلاء “المبعدين” مذكور بوضوح في وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار في العام 2006. لم يترك باسيل مناسبة داخلية وخارجية إلا وذكّر بضرورة العمل على إنجاز هذا الملف، وإعادة اللبنانيين إلى وطنهم. نظم جولات جنوبية كثيرة. وفيها – وبحضور نواب حزب الله وقياداته – ركّز على ضرورة إعادة الفارين. في الجولة الجنوبية الأخيرة، شدد باسيل على هذا العنوان، إلى جانب عنوان آخر هو “من حق إسرائيل أن تعيش بسلام، ولكن ليس لها الحق أن تعتدي على أحد”.
قطار إعادة الفارين كان قد انطلق بدخول عامر الفاخوري إلى
لبنان. ولا داعي للتذكير بتداعيات ما حصل مع الفاخوري. نجح التيار الوطني
الحرّ في إطلاق سراح الفاخوري، بعد ضغوط أميركية كثيرة وتهديدات أكبر. لكن
نواب التيار ومسؤوليه، اعتبروا أن حزب الله أوقعهم في الفخ، أو “ضحك
عليهم”. فهو يؤيد طروحاتهم وشعاراتهم، وعندما يحين الاستحقاق يتنصل، أو يشن
حملة مضادة بشكل غير مباشر. خصوصاً، وأن الحزب لا يخرج عن ما تعبَّأ به
جمهوره. ولا يمكن أن يؤسس لقطع بين توجهاته وهذه التعبئة، لما ستتركه من
اختلال كبير.
نشوة “التيار” وخيبته
ملف اللبنانيين في
إسرائيل يكتسب أهمية استثنائية لدى التيار الوطني الحر، لما له من ارتدادات
إيجابية بالنسبة إليه، في الساحة المسيحية. كما أنه مدخل لارتباطات التيار
بعلاقات سياسية دولية، يسعى دوماً إلى تحسينها. بينما نظرية “حزب الله
يضحك علينا” تتملك أكثر في نفوس العونيين ومناصريهم. وهذا ما ينسحب على
مواقف قيادات عونية حول ملفات أخرى، كقول باسيل إن حلفاءه تركوه وحيداً في
مكافحة الفساد.. وصولاً إلى سبحة المواقف التي كرّت فيما بعد، ووصلت إلى
حدّ “المسّ بالسلاح”. الأمر الذي لا يمكن غفرانه بالنسبة إلى حزب الله. لكن
طبعاً، يحق لباسيل وجمعه ما لا يحق لغيرهم. والأخير يعرف مكانته فيتدلل.
في اللجنة النيابية المصغرة، والتي كانت تبحث قانون العفو العام، وافق ممثل حزب الله على إعادة “المبعدين إلى إسرائيل”. انتشى التيار الوطني الحر. وفيما كان يعارض سابقاً أن يشمل قانون العفو الموقوفين الإسلاميين وموقوفين من الطائفة الشيعية، وجد التيار لنفسه صيغة مرضية، قوامها أن لا يصوّت النواب المسيحيون على هذا البند ويتأمن تمريره. ويكون هذا مقابل أن يحصل على العفو عن اللبنانيين في إسرائيل، والذي يشمل أيضاً اللبنانيين الذين حصلوا على الجنسية الإسرائيلية. فيحق لهم العودة بشرط التخلي عن جنسيتهم. في المعايير الديبلوماسية، فإن اشتراط دولة ما تخلّي شخص عن جنسية يعني الاعتراف بهذه الجنسية ودولتها، وهذا يمثل اعترافاً بدولة إسرائيل.
انتقل النقاش في هذا المشروع إلى اللجان المشتركة، فتراجع حزب الله عن موقفه. هذا التراجع انعكس اشتباكاً بين الصمد ومعوض في المجلس النيابي. وتطورت على إيقاعه خلافات التيار الوطني الحرّ مع حزب الله، التي شهدها اللبنانيون في الأيام الأخيرة، بينما انطلقت عجلة الترتيب العلاقة وضبط الخلاف ولملمته.