لبنان بلا مساعدات: صندوق النقد يرفض خطة الحكومة
رفض صندوق النقد الدولي الخطة الاقتصادية والمالية التي
قدمتها له الحكومة. فحكومة حسان دياب لم تنجح حتى الآن في تجنّب حقل
الألغام الذي وجدت نفسها تائهة فيه. خلافات في داخلها، ضغوط دولية كبيرة،
أزمة اقتصادية أدخلت البلاد في حال انهيار شامل. وهناك سلسلة متوقعة من
الضغوط والتطورات. وليس من يمتلك رؤية لما ستكون عليه الأوضاع في المرحلة
المقبلة. لكن الأكيد أن المساعدات التي تطمح الحكومة إليها، لن تحصل عليها
في المدى المنظور.
فساد واغتيال
التعثر لا يزال حال هذه
الحكومة. والخطة المرفوضة لا تقابلها خطة بديلة. الخطة التي قدمتها جمعية
المصارف، وتحظى برضى وموافقة دولية، لا تَوافقَ بين القوى السياسية
اللبنانية عليها بعد.
الشروط الدولية الأربعة الأساسية لبدء الحديث في حصول لبنان على مساعدات وحجمها، أصبحت معروفة.
أولها خطة الكهرباء، التي كادت تفجر الحكومة، بسبب الخلاف حول
معمل سلعاتا وإصرار التيار العوني عليه. وانعكس الخلاف توتراً في العلاقة
بين حزب الله والعونيين المستمرين في معركتهم الابتزازية ضد حزب الله حتى
إقرار معمل سلعاتا. وهذا يثير استغراب المجتمع الدولي، وينظر إليه السفراء
بريبة تضمر ما يعتريه من فساد. وأحد النواب العونيين رد على اتهام جماعته
بالفساد برد التهمة إلى نحر حزب الله قائلاً: نتهمهم باغتيال الرئيس رفيق
الحريري.
مأزق دياب
حزب الله يقول إنه لم يعارض معمل
سلعاتا، وصوّت على المرحلة الأولى من الخطة، والمتعلقة بمعملي دير عمار
والزهراني. وفي حال ظهور الحاجة إلى سلعاتا، يعمل على إقراره في المرحلة
الثانية من الخطّة. العونيون يرفضون ذلك، ويريدون سلعاتا على رأس المرحلة
الأولى.
المفاوضات جارية لإعادة ترتيب الأجواء بين الطرفين. حزب الله لن يتخلى عن باسيل كرمى لسلعاتا. لكن ماذا سيفعل حسان دياب الذي يتهيب التراجع عن رفضه معمل سلعاتا؟ وطرح الموضوع ثانيةً على التصويت، يعني المساس بهيبته. والاتصالات دائرة للعثور مخرج ملائم: التصويت على سلعاتا كمرحلة ثانية من المرحلة الأولى. وهكذا تعود العلاقة بين حزب الله والعونيين إلى مجاريها، ويُحافظ على الحكومة التي يتمسك بها الحزب، لأن لا بديل عنها حالياً.
وفي معرض الضغط على دياب لتمرير مشروع سلعاتا، طُرحت مخارج
كثيرة: إقالة الحكومة، أو إجراء تعديل حكومي، وتحميل وزير الطاقة ريمون غجر
مسؤولية الفشل في تمرير معمل سلعاتا، ليشمل التعديل إعادة باسيل إلى
الوزارة ممسكاً بحقيبة الطاقة. أجهض المسعى سريعاً، لكنه فتح باب البازار
ليمرر التيار العوني ما يريده.
معابرحزب الله ورسائله
الشرط
الثاني: إغلاق المعابر ومراقبتها من جهات دولية موثوقة، على أعتاب تطبيق
“قانون قيصر” لمعاقبة النظام السوري. وهذا يمثل مسّاً بسيادة حزب الله
وحرية حركته الأمنية والعسكرية، ولا يمكن أن يمرّ. وحزب الله يتقن فن تمرير
الرسائل التصعيدية: اشتباك بين أهالي بلدة بليدا الجنوبية وقوات الطوارئ
الدولية. وأهالي ميس الجبل حذروا اليونيفيل من التمادي في إزعاجهم.
الرسالة بالغة الوضوح: لا يمكن السماح بالحديث عن مراقبة
أممية للمعابر، ولا يمكن أن يستسلم حزب الله لقانون قيصر. فالمرحلة للثبات
والصمود. والحزب يتمسك بالمعابر، كما بالحكومة، كما بإصلاح العلاقة مع
العونيين وعدم حصول أي توتر.
مزيد من المعارك
الشرط
الثالث وبعده الرابع (تحرير سعر صرف الليرة)، تعتبرهما الجهات الدولية
تقنيين، لا سيما إخراج ألوف الموظفين من الإدارات الرسمية. ما يؤدي إلى
أزمة معيشية، لأن فقدان ألوف العائلات مرتباتها من مالية الدولية يهددها
بالجوع.
هذا كله يؤدي إلى تعثر الحكومة أكثر فأكثر، من دون وصولها إلى مرحلة التخلي عنها. فإسقاط الحكومات في لبنان، غالباً ما يكون ثمرة عوامل متداخلة، إقليمية ودولية ومحلية. هذه اللحظة لم تحن بعد. لكن الأكيد أن الحكومة ستكون أمام مزيد من المشاكل الاقتصادية والسياسية، في ظل التضارب والتنافس المحموم بين مكوناتها. وهي ذاهبة إلى جولة جديدة من المعارك بين التيار العوني وتيار المردة، على خلفية ملفات تشبه ملف الفيول المغشوش. ولكن هذه المرة في وزارة الأشغال.
المدن