نظام الأسد يطبق قانون قيصر على جنوده
أثار قرار وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري، تقليص مخصصات الإطعام لعناصر وضباط الجيش، بما في ذلك مادة الخبز، استياء واسعاً بين موالي الأسد في مواقع التواصل الاجتماعي، عطفاً على كمية التقديس الذي حرص النظام على ترويجها عند الحديث عن صورة الجيش ضمن البيئة الموالية خلال السنوات الماضية.
ودعت الصفحات الموالية والمعلقون إلى وضع سقف لمدة الخدمة العسكرية الإلزامية في البلاد، بدلاً من تركها مفتوحة مثلما هو عليه الحال منذ انطلاقة الثورة السورية العام 2011، بموازاة الحديث عن إلغاء عدد من المواد الغذائية بالكامل من مخصصات الجيش ومنها الرز واللبنة واللبن، وتخفيض حصة الفرد من الخبز بحيث يحصل كل ثلاثة على ربطة واحدة في اليوم.
ووصف المعلقون القرار بأن “الحكومة” تطبق قانون قيصر الخاص بها على “العسكري اللي ضحي بحياتو كرمال البلد”. وكتبت الصفحات الكبرى في “فايسبوك”، بما في ذلك الصفحات التي تطالب بتسريح جنود النظام السوري وتلك التي تختص بنقل أخبار الجيش عبارات متشابهة مثل: “العسكري يلي ضحى بروحو كرمال البلد جايين يطبقوا عليه قوانين وقرارات اقتصادية بتخص اللقمة يلي عبياكلها وما عم تقديه طبعا لأنو مابيقدروا يطبقوا شي ع الفاسدين والحرامية يلي نهبوا البلد وسرقوه”.
وتعد رواتب عناصر الجيش الرسمي منخفضة بالمقارنة مع رواتب عناصر المليشيات الرديفة، من مليشيات محلية تحت اسم “الدفاع الوطني”، ومليشيات طائفية إيرانية وعراقية ولبنانية، كما لا يحصل الجنود فيه على الميزات المتوفرة للشبيحة وعناصر الأمن. فضلاً عن انتشار الكثير من المقارنات بين واقع جنود النظام والجنود الروس في ما يتعلق بنوعية الطعام والمياه والملابس والمعاملة بين الجانبين. وأحدث ذلك أزمة محدودة قبل سنوات، لكن تأثيرها لم يتعدَّ مواقع التواصل الاجتماعي.
وانتشرت قبل أيام صورة لمخصصات غذائية وزعت على عدد من الجنود، وتمثلت بعدد قليل من الخضار شبه الفاسدة مع ربطة من الخبز. ما أثار استياء واسعاً. كما أن القرار الجديد يتبع قرارات سابقة مشابهة، كان آخرها قبل أشهر عندما خفض مخصصات العسكري من الدجاج لتصبح مرتين في الشهر بدل 4 مرات، مع اشتراط “توفر الدجاج” في السوق.
ورغم أن كل ما سبق ليس جديداً بحد ذاته، بل يعد ممارسات يعرفها السوريون جيداً، فإن ترداده بهذه الصورة من الاستياء، يرتبط بحقيقة أن الحديث عن مقاتلي الجيش عموماً في خطاب النظام الإعلامي والدبلوماسي يتسم بشيء من القدسية، حيث يتم استغلال الجنود عادة لتلميع صورة النظام السوري، أمام البيئة الموالية.
على أن الاستخفاف بأولئك الجنود وعائلاتهم بات متكرراً ومستفزاً للموالين، خصوصاً أن النظام السوري سابقاً بتوزيع ساعات حائط ومَواشٍ ومواد غذائية معلبة وصناديق من البرتقال، كتعويضات لأسر القتلى في جيشه، ما يثير سخرية الناشطين باستمرار من تلك الطريقة المهينة في التعامل مع “أبطال النظام”.
وفيما يتم الحديث بشكل محق جيش النظام كميليشيا أسدية تقتل السوريين ويتباهى بعض أفراده بجرائم الحرب المختلفة، فإن ذلك لا ينفي وجود عدد كبير من الشباب السوريين الذين يجبرون على الالتحاق بالخدمة الإلزامية، سواء كانوا موالين للنظام أم لا، ولا يمكن على سبيل المثال، نسيان الصور الصادمة التي انتشرت العام 2018 لاعتقال شباب سوريين واقتيادهم للخدمة العسكرية مكبلين بالسلاسل. ويبرز هنا نوع من الجدل بين السوريين، المعارضين تحديداً، حول إمكانية التعاطف مع هذه الحالات، مقابل التشفي والشماتة من منطلق أنهم قبلوا بالاستبداد وقاتلوا لأجله مهما كانت الأسباب وعليهم بالتالي تحمل نتائج ذلك.