العملة السورية أصبحت “ورق سجائر”..والأسد يزداد ضراوة
رأت مجلة “إيكونوميست” البريطانية في تقرير، أنه وبعد مرور ما يقرب من عقد على حرب أهلية “هزم” فيها الدكتاتور بشار الأسد المعارضة المسلحة، تبدو سوريا حالياً في أسوأ أوضاعها.
وأشارت إلى أن أسعار الغذاء في البلاد ارتفعت إلى درجة أن النساء يغلين الأعشاب لأكلها. وفي المخابز بالعاصمة دمشق، يتسلق الرجال بعضهم بعضاً للحصول على القليل من الخبز المدعوم.
وفي جميع أنحاء البلاد، تصطف الطوابير لأميال كالثعابين للحصول على البنزين، وأجزاء كبيرة من بعض المدن عبارة عن ركام، كما أن قيمة العملة ضئيلة للغاية لدرجة أن السكان المحليين يستخدمونها كورق سجائر. وتقول الأمم المتحدة إن الأوضاع الإنسانية في الأراضي التي يسيطر عليها النظام أسوأ الآن مما كانت عليه في ذروة الحرب.
حديث الأرقام ويستمر تقرير إيكونوميست الذي ترجمه موقع “الجزيرة”، في سرد الأرقام التي تعكس سوء الأوضاع، قائلاً إن سوريا تنتج الآن 60 ألف برميل من النفط يومياً، أي سدس إنتاجها قبل الحرب. وكان محصول القمح العام الماضي نصف حجم متوسطه ما قبل الحرب.
وفقدت الليرة السورية أكثر من 70 في المئة من قيمتها مقابل الدولار هذا العام وحده. وارتفعت أسعار السلع الأساسية، بعد أن قطع النظام الإعانات والدعم. ولحماية بنوكها، جمّدت الحكومة السورية القروض وحظرت التعاملات بالدولار وكذلك حدّت من عمليات السحب.
وقالت المجلة إن من المفترض أن يكون هذا عام التعافي لبشار الأسد، لكن الوضع لم يتغير عما كان منذ اليوم الأول، بل تدهور أكثر. وستنتهي ولاية الأسد التي تبلغ 7 سنوات في الصيف المقبل، حيث يخطط لإجراء انتخابات زائفة أخرى. ويقال إنه وزوجته أسماء، يعتنيان بابنهما حافظ، البالغ من العمر 18 عاماً، لتولي المهمة يوماً ما، إذ إن مجرد البقاء في السلطة كافٍ لأسرة الأسد.
أما وباء كورونا الذي تحاول الحكومة إخفاءه بأمر الأطباء بإلقاء اللوم في الوفيات على الالتهاب الرئوي، فقد أدى إلى تفاقم الألم الاقتصادي. وتقول الأمم المتحدة إن حوالي 60 في المئة من الشركات السورية أغلقت بشكل مؤقت أو دائم بسبب الوباء.
وأغلق النظام البلاد في آذار/مارس الماضي، لكن سرعان ما تجاهل المواطنون اليائسون القيود. وأصبحت الأضرار الصحية الآن أكثر وضوحاً.
وفيات كورونا 80 ضعفاً وبحسب إيكونوميست فقد توفي أقل من 200 سوري بسبب كورونا وفق الأرقام الحكومية الرسمية، لكن العدد الحقيقي بالتأكيد أعلى من ذلك بكثير، إذ يقول مارك لوكوك منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة إن انتشار الوباء في سوريا كثير للغاية، لكن من الصعب تتبع ما يقرب من 90 في المئة من الحالات المؤكدة حديثاً إلى مصدر معروف.
وأظهرت دراسة قادها علماء في “إمبريال كوليدج” في لندن أن عدد الوفيات في دمشق قد يصل إلى 80 ضعف العدد الرسمي، وقد يكون ما يقرب من 40 في المئة من الأشخاص قد أصيبوا بالفعل بالفيروس.
ويقول التقرير إن الدول التي قدمت في الماضي المساعدة سوريا لا تستطيع أو لا تفعل ذلك. فإيران، التي تدعم الأسد، تخضع للعقوبات نفسها ولا تستطيع تقديم الكثير له. كما تخضع روسيا، الحليف الكبير الآخر للعقوبات. ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمتع بالنفوذ الذي يمنحه إياه يأس سوريا.
ويقول رجل أعمال سوري موال للنظام: “لقد أصبح منقذونا نسوراً”. أما أميركا وأوروبا فترسلان الأموال لأشياء مثل الغذاء والدواء، لكنهما ترفضان تمويل إعادة الإعمار، على الأقل، حتى يتم التوصل إلى تسوية سياسية.
وعلى الرغم من وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب، فلا تزال القوات الأميركية موجودة في شمال شرق سوريا الغني بالنفط، مما يساعد الأكراد على تعزيز سيطرتهم على المنطقة.
ومع كل ذلك فإن النظام يزداد ضراوة، إذ بدأ يفترس رجال الأعمال والمزارعين الذين ساندوه، وبدأ ضباط الجمارك والمليشيات التابعة للنظام يحتجزون الشاحنات ويصادرون البضائع، ويطلبون رشاوى كبيرة لإعادتها.
ولتحصيل الضرائب، تستخدم الدولة الجنرالات وأمراء الحرب الذين يقتطعون جزءاً منها. ويشتري المقربون من النظام العقارات والشركات من الطبقة الوسطى الفقيرة. ويقول أحد المحللين الذين يزورون دمشق: “الأسد يستحوذ على المزيد من الاقتصاد لنفسه”.
ويتساءل الموالون عن المستقبل، ويقول رجل أعمال سوري عن الأسد: “لم أعد متأكداً من أنه سينجو”.
ويحلم موالون بمخططات بعيدة المنال قد تخرج سوريا من الدوامة. فإذا تمكن الأسد من دفن الأحقاد مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإن شركات البناء التركية يمكن أن تعود وتعيد بناء سوريا. ويحلم آخرون باستمالة واشنطن من خلال التعامل مع إسرائيل التي نفذت مئات الضربات الجوية ضد أهداف إيرانية في سوريا.
المدن