حدد الصفحة

العنبر رقم ١٢ وبيروتشيما

العنبر رقم ١٢ وبيروتشيما

كتب الدكتور نمر فريحة

لولا…
ماذا كان سيقول هؤلاء لأحبائهم لو عادوا ذاك المساء؟
ربما قال والد لطفلته التي تعرف وقت رجوعه إلى المنزل، وتصرّ على فتح الباب بنفسها بعد أن تسمع حركة باب المصعد، فيحملها بين يديه، ويغنّجها:
“حبيبتي أنت! كم اشتقت لك! انتظر نهاية عملي كي أعود وأراك وأقبّلك وأضمّك. أنت ملاكي..”،
وبالقرب منه زوجة تنظر بعينين فرحتين، وتمازحه بأنها باتت تغار من هذا الاهتمام الكبير بطفلتهما وكأنه يتناساها، فيردّ بدوره بأن حبّه لها شيء آخر.. إنه الحبّ الأبدي …
ورجل أقترب من سنّ التقاعد، ويبدو شاكياً عند دخوله المنزل:
كان نهاراً حاراً ومتعباً. كثير من العمل وقليل من الدخل في ظلّ ارتفاع سعر الدولار وغلاء السلع. أشعر بأنني أعمل “ببلاش” لأن راتبي أصبح يساوي ثلاثمئة دولار. بعد أربعين سنة من العمل، تعود القوة الشرائية لرواتبنا إلى الوراء! لا يحصل هذا حتى في البلدان المتخلّفة. لماذا لكل شواذ مكان ومكانة عندنا؟!
وصبيّة تبوح لحبيبها بأنها كانت تنتظر الدقائق الأخيرة من عملها على أحرّ من الجمر كي تغادر المكتب، وتقفز إلى سيارته المنتظرة في الشارع، وتقبّله….
وشاب يفتح الباب بهدوء، حاملاً باقة زنبق لوالدته يوم عيدها. لقد اختارها من محل الزهور عند زاوية الطريق. فهو يعرف ما تحبّ من ألوان الزنبق وأجناسه….
وأمٌّ تهمُّ بطلب رقم ابنتها التي تدرس في أمريكا، وها هو عامل فرق الوقت قد سمح لها الآن بالاتصال…
كل هذا كان ليحصل بعيد الساعة السادسة وثماني دقائق من الرابع من شهر آب، لولا …


(2) مكان اشتثنائي… وانسان خارق!
(كل هذا كان ليحصل بعيد الساعة السادسة وثماني دقائق من الرابع من شهر آب لولا…)
لولا ذلك الانفجار الذي طغى على ضجيج شوارع العاصمة المكتظّة في تلك اللحظات كالعادة من مساء كل يوم، ودوّنَ قصصاً مؤلمة وحقيقية في غفلة من الزمن، وفي غفلة من مسؤولية الذين أنيطت بهم مهام الحفاظ على حياة الناس، وحسن تدبير عمل المرفأ.
“بوم” واحد، أو اثنان كما سمعه البعض، أو ثلاثة كما شهد آخرون. لكن عدد المرات التي سُمع بها الانفجار لم يغيّر في واقع ما حدث في لحظات: أبواب جهنّم فُتحت على الناس الساكنين الأحياء المجاورة للمرفأ؛ وهذه الأبواب الشريرة لم تجلب سوى الأذى لآلاف العائلات التي خسرت مساكنها، وفقدت أحد أفرادها أو أصيبوا جميعهم بجراح.
إنه يوم الثلاثاء، 4 آب، 2020، الساعة 18:08. تاريخٌ حُفِرَ في ذاكرة اللبنانيين، والبيروتيين خصوصاً، ليخبرهم وبشكل حسّي ومباشر أن من يحكمونهم يتحكّمون بحياتهم، غير مبالين بقيمتها، ولا بالآلام التي سبّبوها لهم منذ عقود، وأخرها هذا الانفجار الرهيب في مرفأ بيروت المدني، وكأنه انفجار نووي لقوته وفاعلية عصفه في الشوارع القريبة، فدمّرها وقتل من قتل، وشرّد من شرّد، ورسم صوراً موجعة على جدران كل منزل بدم أحد ساكنيه.
عدد كبير من السكان والعاملين في المرفأ والإطفائيين الذين لبوا نداء الواجب لإخماد الحريق الذي سبق الانفجار كانوا ضحاياه. والحكومة عقدت اجتماعاً طارئاً، وشكّلت لجنة تحقيق، وأحالت ملفّ القضية إلى المجلس العدلي. كما اتخذت قراراً بأن تقدّم لجنة التحقيق تقريراً يكشف خفايا ما حصل ويحدّد المسؤوليات خلال خمسة أيام.
وبانتظار الأيام الخمسة الموعودة، تداعى المواطنون لتنظيم تظاهرة في وسط المدينة احتجاجاً على تقاعس المسؤولين في الاهتمام بالمرفأ وأمنه ونظامه وتنظيمه، والذي شبّهه العارفون بمجريات الأمور داخله بـ”مغارة علي بابا”. إذ يتجوّل فيه المتجاوزون للقانون، ويبرمون صفقات، ويخرِجون البضائع بطريقة الغشّ كي لا يدفعوا لخزينة الدولة مستحقّاتها؛ يساعدهم في ذلك من ائتُمن على هذه المؤسسة الضخمة ومساعديهم. فـ”السكانر” الخاص بالكشف على محتوى الحاويات لا يعمل منذ سنوات، ومن غير المرغوب فيه العمل، واستُبدل دوره بالانسان الخارق لتخمين نوع البضاعة، والذي يمكنه بسهولة أن يرى من خلال حديد الحاوية ما في داخلها، ويسجّل في دفتره الرسمي: أقفال للأبواب (بدل الهواتفَ النقّالة)؛ وقناني خلّ صومالي (بدل قناني الويسكي)؛ وخردة تالفة (بدل قطع غيار السيارات)؛ وقِسْ على ذلك. فكما اخترع الغرب “السكانر الذكي” (I.S)، نحن “اخترعنا” من زماااااان المسؤول الخارق-الذكي!
(وانطلاقاً من المرفأ،هذا المكان الاستثنائي، حدثت أمور استثنائية وغريبة نستعرضها بالتتابع).

المنظر لحالو بيحكي! مطعم و كافيه قدموس كاسكادا مول تعنايل للحجز 81115115 ‏ Our Online Menu: https://menu.omegasoftware.ca/cadmus Website: www.cadmus-lb.com #Restaurant #Cafe #Lakeside #CascadaMall ‏#5Stars #Lebanon #International #Fusion #Cuisine ‏#Royal #Zahle #SendYourSelfie #Halal #Mediterranean ‏#Lebanesefood #holiday #cadmusrestocafe #food #foodphotoghrafy #delicious #ribs #family #isocertificate #lebanese #yummy #tasty #Cadmus #waffles #wings

 

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com