قرائن أميركا على فساد باسيل جاهزة..وتنشرها حين يقاضيها
يُستعان في التعليق على كلام رئيس التيار العوني جبران باسيل ببيت شعر لأبي الطيب المتنبي الذي يقول: “ووضع الندى في موضع السيف بالعلا/ مضّر كوضع السيف في موضع الندى”.
باسيل المتأخر
فما قاله باسيل كان لا بد من قوله قبل فرض العقوبات، وقبل الوصول إلى نقطة اللاعودة. هو راهن كثيراً على تليين الموقف الأميركي، لكنه لم يفلح، ولم يقبل الأميركيون أي مواربة في العلاقة مع حزب الله، على الرغم من أنه أطلق سابقاً أكثر من موقف يشير إلى الإختلاف الكبير مع الحزب، والإنقسام حول التوجهات.
حتى أن حزب الله أبدى تفهماً لمواقف باسيل، وقد كشف ذلك نقلاً عن لسان أمين عام الحزب. لكن تلك المناورة أو محاولة الالتفاف لم تكن لتنجح مع الأميركيين، الذين كانوا يتواصلون مع باسيل بعد كل موقف مشيرين إلى أن ما يقوله ليس كافياً.
التحالف الشيعي المسيحي
وقدم باسيل شرحاً صحيحاً لمسار ومراحل العلاقة الأميركية معه. فجاء ليرمي أكثر من حجر، بين أمواج عاتية. الغضب واضح، والعمل على شدّ أواصر التيار وجمهوره كان أساسياً في خطابه. هو يريد شد العصب، بالحديث عن المسيحيين واستهدافهم والتذكير بالسياسات الأميركية السابقة.
واستخدم حجر العلاقة مع حزب الله أيضاً، وبأنه المستعد لأن يلعب دور من يفتدي البلد بنفسه، ويفتدي الوحدة الوطنية. حجر ثالث هو المواجهة المفتوحة مع العرب والسنّة، وإبقاء الرهان على التحالف الشيعي المسيحي، سواء في ملف الحكومة، أو في ملفات سياسية أخرى. كذلك بالنسبة إلى ملف الإرهاب، والتذكير به، بدون دلائل وقرائن.
أشار باسيل إلى أربعة مطالب أميركية طلبت منه لتجنّب العقوبات، ذكر منها مطلب وحيد وهو فك التحالف مع حزب الله، بينما هو راهن دوماً على تحسن العلاقة الأميركية الإيرانية، ما يعيد له المجد الذي تمتع به في الحقبة الأوبامية. أما الأسباب الثلاثة المتبقية والتي تحفظ عن ذكرها، فهي، بحسب المصادر، تتعلق بموقف من توطين اللاجئين الفلسطينيين، وموقف له علاقة بسوريا واللاجئين السوريين، والموقف الثالث يتعلق بصفقة القرن وترسيم الحدود مع إسرائيل والتمهيد لدخول في مفاوضات سلام معها. ثلاثة مواقف لم يكن لباسيل أي مجال للموافقة عليها، في ظل الظروف القائمة، على الرغم من قناعة كل الأفرقاء بأنها ستكون خياراً محتوماً مستقبلاً ولكنها ترتبط بحسابات العلاقة الأميركية الإيرانية.
وتمسك بوثيقة التفاهم مع حزب الله، لكنها بحاجة إلى تطوير وفق ما يقول. والتطوير سيكون خاضعاً لحسابات سياسية كثيرة، واستثمار ورقة العقوبات لتحسين شروطه مع الحزب على حساب القوى الأخرى، بدون إغفال مسألة تحريض المسيحيين والشيعة على السنة، بالإستناد إلى التفاهم الذي أبرمه مع حزب الله، ووصفه بتفاهم استراتيجي عميق، بينما صيغة التفاهم مع السنة كانت عبارة عن تحالف مصلحي هدفه الوصول إلى السلطة.
عداء للسنة
واستمر في الغمز من قناة السنة باستذكار السنية السياسية التي حققت تقدمها في السياسة بناء على اتفاق أميركي سوري خليجي، فحمّل هذه المنظومة مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي، واستخدم لعبة الإرهاب والتخويف منه، بقوله إن هناك إرهابيين يأتون من إدلب، وضرورة مواجهة هذا الإرهاب. ومواجهة العودة إلى ما قبل العام 2005، أي تعزيز سلطة السنية السياسية، وهذا يتضح أكثر في كلامه عن دول الخليج.
رهان على بايدن
وكان باسيل واضحاً في رهانه على الإدارة الأميركية الجديدة، وهو ما يقرنه بالعودة إلى التفاهم على الإتفاق النووي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران. تفاهم بحال أعيد إحياؤه ستزول العقوبات. ولذلك قال ما جاء في السياسة سيذهب بالسياسة. وفي المواقف التي مررها ترك الباب مفتوحاً على النقاش في علاقته مع حزب الله، خاصة لدى إشارته إلى خلافات استراتيجية خارجياً وداخلياً مع الحزب، لا سيما بحديثه عن السلام في المنطقة. وهذا خلاف ايديولوجي مع الحزب، الأمر الذي يفترض أن يترك الباب مفتوحاً لتحسين العلاقة مع المجتمع الدولي ومع الأميركيين.
وفي تحدّيه إظهار الدلائل والقرائن التي ارتكزت الإدارة الأميركية عليها لفرض العقوبات عليه، هناك من يقول إنه عندما سيقدم دعوى أمام القضاء الأميركي، فإن الدلائل والقرائن ستبدأ بالظهور، كما حصل مع البنك اللبناني الكندي وجمال ترست بنك، وهناك معلومات تشير إلى أن الأميركيين يمتلكون الكثير من الوثائق والمعلومات، وسيعملون على إبرازها وتسريبها ربما، وهناك تأكيدات بأن القرار الأميركي لم يصدر بدون قرائن دامغة. معركة باسيل هذه لن تكون سهلة.
المدن