بين السقوط العسكري والخنوع السياسي..والقيامة الآتية
نقولا ابو فيصل*
بين التاسع من أيار 1992 يوم حُررت مدينة شوشي الارمنية عسكريا والتاسع من تشرين الثاني 2020 يوم سقطت المدينة سياسيا، الاف الشهداء الارمن سقطوا مجانا ومئات ملايين الدولارات من تبرعات الارمن حول العالم التي أرسلت الى شوشي وستيباناكرت العاصمة وغيرها من مدن وقرى الاقليم بهدف تحسين البنى التحتية وبناء المدارس والمستشفيات وشبكات الكهرباء والطرق إضافة الى الكثير من الاستثمارات، كلها ذهبت هدرا ومجانا الى صاحب الهدية السياسية الاذري الذي أكرمه العراب الروسي ب 80% من أراضي آرتساخ.
إنتظر الارمن مساندة الروس لهم كما إنتظر الصرب مئتي عام. وفيما كان الارمن يقاتلون باللحم الحيّ كانت روسيا تقايض إدلب السورية بآرتساخ الارمنية مع الاتراك، وتساوم مع الارمن لكي تعاقبهم علی تأييد الغرب والفرنسيين لقضيتهم.
لن تكون آرتساخ بأفضل حال من اليابان التي إستبسلت في القتال قبل ان توقّع اتفاقية -سموها ما شئتم- أنهت الحرب.
ما أعرفه عن الشعب الارمني أنه شعب مثقف ومبدع وصاحب حضارة وتاريخ لا يقل عن الشعب الياباني الذي يشهد العالم له بنهضة اقتصادية-الكترونية وضعته في مصاف الدول الكبرى. فلتبادر أرمينيا التي لا تنقصها الكفاءات البشرية وتحذو حذو اليابان وتنهض من جديد، وتعوّض خسارة الحرب بنصر إقتصادي، خصوصا أن الاستثمار سيكون وافرا في السنوات القادمة..ولتترك لأجيال المستقبل مهمة إستعادة الارض عندما تسنح الفرصة..لكن طبعاً بعد الاجابة عن خيبة أمل أصدقائي الارمن في المهاجر، مما كان يفعله القادة الارمن طيلة 30 سنة
أين القيادات السياسية التي تعاقبت على حكم أرمينيا وماذا فعلت للبلاد؟
أين القيادات الاستخباراتية؟
هل كان القادة الذين يحكمون البلاد على علم بالترسانة الاذرية؟ إنْ كانوا يعلمون فتلك مصيبة، وإنْ كانوا يعلمون ولم يفعلوا شيئا فتلك المصيبة الكبرى..وخسارة آرتساخ خير مُدين لهم.
اليوم الجميع بمن فيهم الناخبون وخياراتهم الخاطئة، مسؤولون عن الاستهتار وطمر الرؤوس في الرمل تحت الف حجة وحجة لمدة ٣٠ سنة.
أبطالنا في آرتساخ حاربوا من دون حماية تكتيكية. فماذا يسعهم ان يفعلوا في مواجهة العدوان الجوي؟! حتى الاجهزة العسكرية الغربية كانت مصدومة وهي تتحدث عن الاخطاء الجسيمة في التمويه التي أدت الى إستشهاد اعداد كبيرة من الجنود بالقصف الجوي من الطائرات المسيرة.
لا شيء يأتي من العدم حتى الاهداف تسجل من أخطاء دفاعية، كان ثمنها باهظا باهظا.
وبما ان الجميع مسؤولون، فعلى الجميع التعلم من الاخطاء لإكمال الطريق..أمامنا خمس سنوات وهي كافية وكفيلة بتحقيق نقلة نوعية في التكنولوجيا، تنعش ذاك القلب الذي بقي في آرتساخ، ليعود نابضًا من جديد.
فالشعب الارمني كما أعرفه عنيد في سبيل حقّه..شعب عقائدي لا يتعب ولا ينسى (والتاريخ خير شاهد)..شعب شعاره الموت او الحرية، لا يؤمن بالسلام إلّا وهو قوي، يعلم جيدا ويعلّم أولاده أن ما يؤخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة..شعب لا يؤمن بالشعارات ولا يبيع دماء شهدائه .
لإرض آرتساخ المقدسة قبلاتي
ومشاعر فخر بالشهداء ممزوجة بالغضب على مَن استهان بهم وأهان تضحياتهم
*رئيس تجمع الصناعيين في البقاع مدير عام مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية