بين معبر الكركرات وجبهة البوليساريو..واليد الخفية
بقلم نقولا أبو فيصل*
يقع معبر الكركرات الحدودي في أقصى جنوب الصحراء الغربية داخل منطقة عازلة تحرسها قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة. وقد شكل هذا الممر الحدودي بؤرة توتر بين المغرب وجبهة البوليساريو اللذين يتنازعان السيادة على الصحراء الغربية، وفي الايام الاخيرة تدخلت القوات المسلحة المغربية لإقامة حزام أمني من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر المنطقة العازلة في الكركرات بحسب الرباط التي تسيطر على 80 في المئة من مساحة هذه المستعمرة الإسبانية سابقاً
بداية هذا النزاع المستجد تعود الى طرد المغرب مجموعة من “قطاع طرق” كانوا يحاولون تضييق الخناق على الممر الحدودي، الى حدّ أنهم استولوا على المعبر الذي يربط البلاد بموريتانيا، فقامت الرباط بطردهم وحررت حركة السير وأمنها عن طريق احداث خط آمن بحيث اذا رجع هؤلاء “الأعداء-المرتزقة” حسب التسمية المغربية، وأقدموا على حماقة الحرب سيجدون أمامهم أربعين مليون مغربي
واعتبر المغرب أن هذه الأحداث ستميط اللثام عن قضية الصحراء المغربية وستكون القطرة التي تفيض الكأس، وسببا في إندحار الإنفصاليين ومن معهم، وبالطبع تقصد الجزائر المتهمة بدعم الانفصاليين.
في المقابل، إعتبرت جبهة البوليساريو، التي تطالب باستقلالها مدعومة من الجزائر، أن “إرادة فرض الأمر الواقع الاستعماري يعتبر ضد الشرعية الدولية”. فمن وجهة نظر وزير خارجية “الجمهورية العربية الصحراوية” محمد سالم ولد السالك، التي أعلنت البوليساريو قيامها في الجزائر منذ العام 1976: “لم تكن هذه الطريق موجودة عندما وقع اتفاق وقف إطلاق النار عام 1991”. لذا، ومنذ ثلاثة أسابيع ينظم صحراويون تظاهرات سلمية من أجل المطالبة بإغلاق المعبر الحدودي غير الشرعي للكركرات وذلك “انسجاماً مع مقررات الأمم المتحدة”، وبغرض “الضغط من أجل تنظيم استفتاء تقرير المصير الذي يرتقب تنظيمه من قبل الأمم المتحدة لكنه ما فتئ يؤجل إلى اليوم (…) الصحراويون يجمعون اليوم على ضرورة فرض تطبيق اتفاق السلام، لن يتراجعوا أبدا إنها مسألة حياة أو موت”.
وكان حمدي ولد الرشيد “رئيس مجلس جبهة العيون” في المنطقة التي يسيطر عليها المغرب منذ نهاية الثمانينات أقام جداراً دفاعياً محكم الاغلاق يحمي الصحراء المغربية، باستثناء ثغرة غير مؤمنة في الكركرات التي تستغلها البوليساريو من خلال المرور عبر موريتانيا”. ويقول الرشيد “سيقوم المغرب بإغلاق هذا المنفذ كي يصبح الدخول إلى المنطقة مستحيلاً” ولتفادي “أي عملية للبوليساريو من شأنها المساس بهذه المنطقة التي تؤمن عبور المسافرين والبضائع”.
بعد كل ما تقدم، يطرح السؤال عمّ سيحصل في حال تمكن المغرب من كسب الملف الصحراوي؟ هل سيبادر الى نقض الاتفاق مع إسبانيا، ويطالبها باستعادة الأراضي التي احتلتها؟
هل يكون الريف المغربي ساحة المعركة المقبلة، التي يستعد لها الإسبان والمغاربة بعيدا عن العلاقات الودية بين القادة والمسؤولين؟ ومَن هي اليد الخفية التي أثارت الغبار في قضية الصحراء الغربية الراكدة تحت جمر المصالح الكبرى؟
*كاتب ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع مدير عام مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية