بين إقليم آرتساخ الارمني وإقليم تيغراي الاثيوبي..إبحث عن النفط والمياه!
كتب نقولا أبو فيصل*
يقع إقليم تيغراي شمال إثيوبيا، يحدّه أريتريا شمالا والسودان غربا وإقليم أمهرة جنوبا ومنطقة عفر شرقا، وتبلغ مساحته 41409.95 كلم ٢، فيما يبلغ عدد سكانه حوالي 5 ملايين نسمة.
ومع انقطاع الاتصالات بشكل كامل تقريباً مع منطقة تيغراي بعد أسبوع من إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي الحائز على جائزة نوبل للسلام “آبي أحمد” بدء عملية عسكرية في المنطقة رداً على ما قال إنه هجوم من قبل قوات الاقليم، يبدو أن الغموض والخوف الشديدين بدآ يلفان المشهد في المنطقة التي تضم أكبر مخازن أسلحة وأكبر قوة عسكرية بعد الجيش المركزي. اذ وبحسب المجموعة الدولية للأزمات، يصل عدد مقاتلي إقليم تيغراي الى حوالي 250 ألفًا، فيما تتمركز اربع فرق ميكانيكية من أصل ست يملكها الجيش الإثيوبي، في تيغراي. أما سبب كل هذا التسلح فيعود إلى إرث من الحرب الحدودية الطويلة التي خاضتها إثيوبيا مع إريتريا، والتي انتهت بتوقيع اتفاق سلام بعد وصول آبي أحمد الى السلطة.
ولعل هذه المعطيات دفعت عددا كبيرا من دول العالم إلى التحذير من حرب ونزاع مدمرين قد يطولان. ففي وقت وصف عدد من الخبراء والمحللين هذه الحرب المخيفة بين تيغراي والحكومة المركزية بأنها نزاع داخلي، أكد آخرون أن قوات جبهة تحرير شعب تيغراي التي تحكم المنطقة، هي قوات متمرسة على القتال، عدا عن امتلاكها مخازن ضخمة من الاسلحة والمعدات العسكرية.
وفي ما يعكس سوداوية الوضع، توقعت الأمم المتحدة تدفق نحو 200 ألف لاجئ إثيوبي إلى السودان، في ظل تقارير تشير إلى أوضاع معيشية صعبة يواجهها المدنيون المعزولون عن العالم الخارجي بعد قطع الطرق أمام الشاحنات المحملة بالإمدادات عند الحدود الجنوبية للاقليم، ومنع الخروج والدخول اليه.
حتى تاريخه، يرفض آبي أحمد
(44 عاماً)، وهو أصغر زعماء إفريقيا سناً، دعوات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي الى وقف إطلاق النار والبدء في مفاوضات، في ظلّ مخاوف واسعة النطاق من أن يمتد القتال في تيغراي إلى أجزاء أخرى من ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان، وما يرافقه من موجات نزوح كان اولها اعلان السودان أنه استقبل أكثر من عشرة آلاف لاجئ إثيوبي منذ تفجر القتال.
تُرى ما السرّ وراء توقيت الحروب من القوقاز الى اثيوبيا قبيل أفول السنة؟ مَن المستفيد؟
ما علاقة بناء سد النهضة في أثيوبيا وخلافها مع مصر على الأحقية في مياه النيل؟ وهل تفجير حرب أهلية في إثيوبيا يهدف الى إنهاك السلطة المركزية؟
في العاشر من تشرين الثاني الجاري إنتهت الحرب في آرتساخ بخسارة الارمن، والنصر الظاهري لأذربيجان ومن ورائها تركيا على يد الطباخ الروسي الذي زرع على أحمر دم الشهداء الأرمن قاعدة عسكرية في جنوب القوقاز في وجه الناتو – ما كانت في الحسبان، وتمركز في آرتساخ، ليصيب بذلك أكثر من هدف من أن دون يتكلّف طلقة رصاص واحدة: يحاصر أرمينيا من كل الجهات خوفًا من توجهها الى الغرب، ويقطع طريق الحرير الصيني، ويضرب أنبوب الغاز والنفط الذي سيمرّ مباشرة من باكو في اذربيجان الى أضنة في تركيا، ويقوم بتقليص نفوذ تركيا وإيران في جنوب القوقاز.
السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي النتائج المتوقعة من حرب إقليم تيغراي التي لا شك ستزيد من معاناة وفَقر إثيوبيا الفقيرة أصلا؟ومن هو الطبّاخ الذي سيأكل ما زرعه من حرب..سيطرةً على سدّ النهضة؟
*كاتب ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع مدير عام مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية
