“حرب لوائح حكومية”: صعوبة كبيرة تعترض التأليف
عملياً، دخل ملف تأليف الحكومة في ما يمكن تسميته “حرب لوائح حكومية”، وما لم يكن يتوقعه الرئيس المكلف سعد الحريري في لقائه الحادي عشر المعلن مع رئيس الجمهورية ميشال عون، حصل بالفعل عصر امس في اللقاء الذي امتد لساعة كاملة بين الرئيسين.
لم تشفع السير الذاتية التي حملها معه الحريري للوزراء المقترحين في تشكيلته، وعمد عون الى “ممارسة فعلية لحق دستوري في الشراكة بعملية التأليف” من خلال تسليم الحريري لائحة مقابلة وكأنه يقول له “لا تريد التشاور في كل الاسماء تفضل هذه لائحتي ولنضع التشكيلتين على الطاولة لنبدأ البحث في كل اسم ومن نتوافق عليه نثبّته ومن نتباعد حوله نهمله”.
واذا كان الحريري اراد ان يضع الكرة في ملعب عون، فان الاخير من خلال تسليم الرئيس المكلف تشكيلة مقابلة يحاول اعادة الكرة الى الحريري، او في احسن الاحوال وضع كرتين في ملعب الفريقين: فريق بيت الوسط وحلفاؤه وفريق القصر الجمهوري وحلفاؤه، وبالتالي دخلنا في عملية تقاذف كرة التأليف وكلٌّ يسعى الى تسجيل هدف في مرمى الآخر بينما الهدف القاتل اصاب الوطن شعباً ومؤسسات.
ووفق مصدر واسع الاطلاع تحدث لـ”نداء الوطن” اوضح ان “الحريري سلم لائحة من 18 وزيراً اطلع عليها عون ليبادر فوراً الى تسليم الحريري طرحاً حكومياً متكاملاً في ما يتعلق بالحكومة، وهذا الطرح الذي هو لائحة حكومية متكاملة ايضاً ينسجم مع القواعد التي سبق لرئيس الجمهورية ان اتفق بشأنها مع الرئيس المكلف في لقائهما الاول بعد استشارات التكليف، وهي وحدة المعايير والمداورة ووزير لكل حقيبة بما يعني ان تشكيلة عون من المفترض ان تكون ضمت 22 وزيراً”.
وقال المصدر “انه حصل تبادل لوجهات النظر بين عون والحريري حول الطرح – اللائحة لرئيس الجمهورية وحول لائحة الرئيس المكلف وجرى نقاش ببعض الاسماء لا سيما المسيحية منها، واتفق على تشاور قريب بعدما ينهي كلاهما وضع الملاحظات على لائحة الآخر، مع تأكيدهما على ان اجواء اللقاء ايجابية مع الرغبة في التعاون والاسراع بتأليف الحكومة”.
وكشف المصدر عن ان الذي سيحصل هو “دمج اللائحتين واستخلاص الانسب منهما لجهة تثبيت المشتركات واستبعاد من لا يحظى بقبول احد الطرفين، وهنا سيكون للعامل الخارجي لا سيما الفرنسي دور في تذليل العقبات، باعتبار انه من الطبيعي ان تكون دوائر الاليزيه اطلعت او تسلّمت اللائحتين، اللتين احيطتا بتكتم شديد”.
واشار المصدر الى “حرص عون والحريري على اشاعة اجواء ايجابية ليست بالضرورة مطابقة للحقيقة، لان من راقب الحريري وهو يدلي بتصريحه بعد لقائه عون لا يحتاج الى كثير عناء لاكتشاف وجومه الذي ينم عن صدمة مما لقيه عند عون من تشكيلة مضادة”.
في المقابل، أكدت مصادر “بيت الوسط” لـ”نداء الوطن” أن الطرح الذي عرضه عون لا يتضمن أي أسماء بل يقتصر على توزيع الحقائب والطوائف. فيما ذكّرت مصادر مطلعة بأن خطوة عون أتت أشبه بالتعدي على صلاحيات رئيس الحكومة بأنها المرة الأولى التي يقدم فيها “طرحاً حكومياً”، متسائلة: “من الرئيس المكلف بالتشكيل؟”، ورأت في خطوة عون “استفزازاً للبنانيين وهروباً من مسؤولية التوقيع”.
وجاء في الخبر الرسمي: “تسلم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تشكيلة حكومية من 18 وزيراً وعرض معه لاتصالات الساعات الأخيرة التي كان اجراها رئيس الحكومة المكلف على هذا الصعيد. وقدم عون للرئيس المكلف طرحاً متكاملاً حول التشكيلة الحكومية المقترحة”.
وبعد اللقاء، قال الحريري: “تشرفت اليوم بلقاء رئيس الجمهورية وقدمت له تشكيلة كاملة من 18 وزيراً على أساس الاختصاص والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي. وقد وعدني فخامة الرئيس انه سيدرس التشكيلة وسنعود للقاء في جو إيجابي. واملي كبير ان نتمكن من تشكيل الحكومة بسرعة لوقف الانهيار الاقتصادي ومعاناة اللبنانيين واعادة اعمار بيروت والثقة والامل للبنانيين، عبر تحقيق الإصلاحات المتفق عليها ضمن المبادرة الفرنسية”.
ورداً على أسئلة الصحافيين، اكتفى الرئيس الحريري بالقول “ان شاء الله الأجواء إيجابية”.
وبعد ساعة من مغادرة الحريري قصر بعبدا صدر بيان عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية استكمالاً للخبر الرسمي جاء فيه: “استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي قدم له تشكيلة حكومية كاملة. في المقابل سلم الرئيس عون الرئيس المكلف طرحاً حكومياً متكاملاً يتضمن توزيعاً للحقائب على أساس مبادئ واضحة. واتفق رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف على دراسة الاقتراحات المقدمة ومتابعة التشاور لمعالجة الفروقات بين هذه الطروحات”.