الحكومة على نار حامية: هل نعود الى تجربة “الوزير الملك”؟
“لا تقول فول ت يصير بالمكيول”، هو القول الذي ينطبق على الهدية التي وعد بها لقاء رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة المكلف سعد الحريري أمس، الذي انتهى الى اتفاق على لقاء آخر اليوم، وإعلان الحريري عن عمل يجري “على صيغة حكومية قبل الميلاد”. لكن اللبنانيين اعتادوا ألا يناموا على حرير الوعود، فهم خبِروا مراراً كيف طارت كل الوعود بتي أغدقها عليهم كثيرون وأخلفوا تكراراً، وقد كان آخرها في جلسة المجلس النيابي حيث انكشف للملء أن حاملي شعار دولة المواطنة المدنية العلمانية كانوا أول من رفض المسّ بمحميات طائفية، وحاولوا كذباً تصوير الأمر أنه يميّز بين المسلمين والمسيحيين، فيما الطرح كان بمنع الاعفاءات عن كل الطوائف دون استثناء، فرفضوه.
ورغم أن الاجواء المشاعة حكومياً تشي بالإيجابية التي انعكست فورا خفضاً بسعر صرف الدولار، فإن مصادر متابعة لفتت الى ان لا شيء جديد قد حصل، وأن الامور لا تزال على حالها جوهرياً، بغض النظر عن الدخول في تفاصيل تعتبر ان العقد قد ذللت.وفي حين تقول المعلومات التي حصلت عليها جريدة الأنباء الالكترونية انه تم التوافق على تشكيلة حكومية من 3 ستات، تتضمن وزيراً ملك يتم التوافق عليه بين الرئيسين عون والحريري، على أن يكون هذا الوزير مسيحياً ويتولى وزارة الداخلية، فإن لا احد قادر على الجزم بأي من التوجهين، لكن صيغة الستات الثلاث كان الحريري يطرحها منذ فترة وعون يرفضها، وبالتالي لا مؤشرات حول الاسباب التي دفعت عون الى التراجع والتنازل عن الثلث المعطل واعادة التذكير بتجربة حكومة الحريري في العام 2010 والتي كان فيها وزير ملك ايضاً وانتهت الى تنفيذ انقلاب عليه وعلى حكومته وكانت نتيجتها عبارة “وان واي تيكت”.لقاء ثان سيعقد اليوم بين عون والحريري لاستكمال البحث في توزيع الحقائب على الطوائف والاتفاق على الاسماء، سيكون طيف النائب جبران باسيل حاضراً، خصوصا وأن مصادر في تيار المستقبل قالت انه في مرات سابقة كان يحصل تفاهم بين الحريري وعون ثم ينتهي فور مغادرة الحريري.وبحسب الأجواء المروّج لها فإن التفاوض الأساسي سيتركز على حل مشكلة وزارتي الداخلية والعدل، فالحريري يتمسك بهما وعون ايضاً، فيما الصيغة التي يجري البحث حولها هي منح وزارة العدل لعون مقابل التوافق على شخص للداخلية.وفي هذا السياق، أشار عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “الأجواء الإيجابية التي أشاعها الحريري أثناء مغادرته قصر بعبدا، وإعلانه عند لقاء آخر مع عون، أمر يبشّر بالخير، على أن لا تعود الأمور وتتعرقل كما كان يحصل بُعيد الإجتماعات السابقة”.الحجار كشف أن “رئيس الجمهورية كان قد قدّم للحريري سابقا لائحة تضم أسماء مسيحيين للتوزير، والرئيس المكلّف إختار 4 أسماء من اللائحة، وعاد وسلّم عون صيغة حكومية سابقا، أما في حال كان هناك بعض الملاحظات لعون على بعض الحقائب، فهذا أمر يخضع للنقاش، إذ وحسب الدستور، رئيس الجمهورية شريك رئيس الحكومة المُكلّف في التوقيع على مراسيم الحكومة”.وذكّر الحجار أن “الحريري لا زال يعمل تحت سقف المبادرة الفرنسية، والمعايير المعتمدة هي الكفاءة والإختصاص، من أجل تأليف حكومة تحوز على الثقة الداخلية كما والخارجية”، متأملا ان تتم عملية التشكيل قبل عيد الميلاد.من جهته، لفت عضو تكتّل “لبنان القوي” النائب جورج عطالله في حديثه مع “الأنباء الإلكترونية” إلى أن أحد “الطروحات التي تناقش حولها الرئيسان عون والحريري كان تسمية رئيس الجمهورية 6 وزراء، وتسمية الثنائي الشيعي 6 وزراء، على أن يكون للحريري تسمية 5 وزراء، ويُسمى الوزير الأخير في تشكيلة الـ18 بالتوافق بين الحريري وعون”.إلّا أن عطالله رأى ان “الأجواء كانت إيجابية، إذ بنى الطرفان نقاشهما على قواسم مشتركة وردت في طرحيهما السابقين، لكن الأمور لم تنتهِ بعد، ويتم حاليا توزيع عدد الوزراء وفق الجداول المذهبية والسياسية، وفي حال تم الإتفاق على هذا الأمر، يكون الرجلان قد قطعا مسافة طويلة، وتبقى عملية إسقاط الأسماء، وهي الأقل تعقيدا”.أما لجهة الخلاف حول وزارتي الداخلية والعدل، فقد ذكر عطالله أن “عون يطالب بالداخلية من مبدأ المداورة، وبالعدل من مبدأ وعد سابق، وفي حال تمت عملية المداورة وسمّى رئيس الجمهورية وزير الداخلية، قد تؤول العدل إلى الحريري”.بدوره، إعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير محمد خواجه في إتصال مع “الأنباء” الالكترونية أن “الإعلان عن لقاءٍ ثانٍ بين الرئيسين عون والحريري هو مؤشر إيجابي، إذ لم نتعود أن تكون الزيارات سريعة ومتتالية في السابق، كما أن الأجواء التي بثّها الحريري توحي بجو جيّد”.ورأى خواجة أنه “لم يعد هناك وهم الثلث المعطّل، وفي حال كان الأمر متوقفاً على حقيبة، فالموضوع قد يُحل، وباقٍ حتى ليلة عيد الميلاد يومان، ما يعني أن الوقت متوفر في حال إستمرت الأجواء على حالها، واللبنانيون عموما يتمنون تشكيل حكومة قبل الأعياد، لتكون هي العيدية”.إلّا أن خواجة لفت إلى أنه “لم يُطلب بعد تقديم أسماء المرشحين لتولي الحقائب، لكن المهم اليوم، والمعيار الأساس، إعتماد الشفافية والنزاهة كقاعدة لإختيار الأشخاص، إذ لم يعد يحتمل البلد فسادا وسرقة”.وختم خواجة حديثه متمنيا “تشكيل حكومة بأسرع وقت، لما للموضوع أهمية في ظل الأزمات المتعاقبة، ووجوب الإنطلاق في مهمة وقف الإنهيار والإنقاذ”.