حرب الكورونا ودق النفير !
كتب الدكتور مروان أبو لطيف*
لا نبالغ اذا قلنا إن لبنان اليوم في حالة حرب مع عدو غير مرئي ، خطير وغامض ، لا احد يعرف متى سننتصر عليه وبأية كلفة ، يتحالف معه من حيث لا يدري كل مستهتر ، ومن حيث يدري كل مستغل وانتهازي .
الدولة منهارة ومفلسة ، أما المنظومة فمتخاصمة . كانت عبارة الخلاف حول جنس الملائكة تُضرب مثلاً حين يتلهى المتخاصمون بالتفاهات ، فيما الخطر محدق بالجميع من كل النواحي . المثال اليوم عندنا اكثر دلالة وأشد مضاضةً : حقوق المذاهب في زمن الكورونا ، اي وليمة في زمن الطاعون ، كما يقول المثل الروسي .
اللبناني في حرب … وهو يحارب باللحم الحي وبالنَفَس المقطوع . وهو بعد ان كان يلهث خلف الرغيف والحد الادنى من الحياة الكريمة والآمنة ، او وراء الفيزا ، بات يلهث وراء علبة الدواء وعبوة الاوكسيجين وسرير المستشفى وغرفة العناية الفائقة ، ولن يبقى أمامه سوى العناية … الإلهية !
إنها الفرصة الأخيرة للسلطة في ضرب المحتكرين والتجار الفاسدين ، واولئك الذين ينتظرون جمع الثروات على حساب حياة الناس وصحتهم ، واطلاق الحرية للتجار الشرفاء الذين يتعهدون بالعمل تحت القوانين ، مع ضرورة تجاوز الاجراءات البيروقراطية وتسريع الخطوات الانقاذية .
القطاع الصحي منهك ومستنفد بعد أن أرهقه الدولار وخنقه انفجار المرفأ ، ولا يجوز على سبيل المثال عدم استيراد اللقاح الصيني بحجة عدم حصوله على ترخيص الFDA (اي وكالة الادوية والاغذية الاميركية ، وهذا مستحيل )، او موافقة منظمة الصحة العالمية ، (وهذا صعب في ظل السياسات المعروفة لتلك المنظمة وسيطرة الشركات والقوى المالية العالمية على مفاصل القرارات ) .اللقاح الصيني مُعَد بالطريقة التقليدية لتصنيع اللقاحات (أي الطريقة الأكثر أماناً حتى اليوم ) ، ويجري استعماله في عدة دول مجاورة و بعيدة . وفي حين نرى أنه يسمح للبناني بأخذه في الخارج ، يستحيل عليه ذلك في لبنان حتى الآن . وعليه فإن تنوع اللقاحات وإفساح المجال أمام المنافسة ضروري ، ولسنا افضل من الشعوب الاخرى بشيء ، إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها …
من جهة أخرى لا بد من تمديد الاقفال حتى نهاية شهر شباط للجم الوباء مع وضع خطة لفترة الاقفال الاضافي ، وخطة أخرى للخروج التدريجي البطيء منه ، يرسمها أناس ذوو رؤيا ، أحرار من كل ارتهان !
لبنان في حالة حرب ! الوقت ليس لصالحنا ولا نملك فرص النجاة بل نبحث عنها ، لذا يجب دق النفير الصحي والسياسي معاً ، والترفع عن كل كيد وحقد وخلاف ، والتخلص من الحسابات الضيقة والانانية القاتلة والرهانات المختلفة والمناكفات العبثية ، قبل أن يقضي الوباء ، لا سمح الله ، على آخر أمل بقيامة هذا البلد المسكين!
*طبيب وكاتب