جنوب لبنان والجولان جبهة واحدة.. وحرب نفسية إعلامية مستعرّة
منير الربيع – المدن
تأخر كثيراً الاتصال بين الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وليس من العادة أن يتأخر التواصل المباشر بين رئيسين أميركي وإسرائيلي إلى هذا الحد، كما حصل منذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض.
إسرائيل بين أميركا وروسيا
الرئيس الأميركي الجديد وضع التأخر في خانة إجراء انتخابات قريبة في إسرائيل. لكن ضغوطاً كثيرة مورست، فدفعت إلى اتصال دام ساعة بين الرئيسين. وهو جاء بعد زيارات مسؤولين أمنيين وعسكريين إسرائيليين إلى الولايات المتحدة الأميركية. وحسب بعض القراءات والتقديرات، ينطوي الاتصال على أهمية حول الوضع في المنطقة. وعلى إصرار إسرائيلي على الأهداف الاستراتيجية التي تريد تل أبيب تحقيقها في لبنان وسوريا. وهذا بعد مناورات عسكرية أجراها الجيش الإسرائيلي في محاكاة لاندلاع حرب، واعتبار الجنوبين السوري واللبناني جبهة واحدة.
وحصل الاتصال في ضوء تواصل إسرائيلي روسي مكثف على خطّ إجراء مفاوضات غير مباشرة سورية – إسرائيلية لتبادل أسرى، إلى جانب استمرار التنسيق حول الأهداف الإسرائيلية المراد تحقيقها في سوريا.
هذه التطورات كان قد استبقها أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، في كلمته الأخيرة، فارضاً معادلة ردعية جديدة، تتجاوز مسألة الردّ على مقتل أحد عناصر حزبه في سوريا قبل أشهر وتعهده بالردّ انتقاماً. والمعادلة التي فرضها نصر الله توجه بها إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، وتنطلق من قاعدة ضربة مقابل ضربة. وهي عودة إلى قاعدة سابقة كان معمولاً بها بين الطرفين قبل سنوات.
تهديدات متبادلة
يستند رفع نصر الله السقف إلى معطيات وتقديرات وتحليلات حول الوضع الميداني، والخيارات التي قد تلجأ إليها إسرائيل في المرحلة المقبلة، وربما لتحسين ظروف نتنياهو الانتخابية.
ولذلك تشدد نصرالله، معتبراً أن الداخل الإسرائيلي ليس متماسكاً. وهذا في إطار تحذيره الإسرائيليين من الإقدام على أي خطوة غير محسوبة، قد تؤدي إلى حرب شاملة أو واسعة. وأراد نصر الله فرض هذه المعادلة بعد كلام إسرائيلي عن أن أي خطأ من حزب الله سيؤدي إلى اندلاع حرب شاملة، وخصوصاً إذا تكرر إسقاط مسيرات إسرائيلية. وتحاول إسرائيل دوماً فرض معادلات تسبق معادلات حزب الله، على غرار اغتيالها أحد عناصر الحزب إياه في سوريا، وتهديدها بأن أي ردّ يقابل بموجة ردود سريعة وعنيفة. ثم أتبعت ذلك بمناورات تحاكي استهداف آلاف الأهداف لحزب الله في ساعات قليلة. وهذه المعادلة تحاول إسرائيل تكريسها على قاعدة ضربة إسرائيلية مقابل لا ضربة من حزب الله.
حرب نفسية وإعلامية
وفي إطار الحرب النفسية والتصعيد الإعلامي، نشر إعلام حزب الله الحربي فيديو يتضمن مشاهد ولقطات لنقاط عسكرية وأمنية في الداخل الإسرائيلي، وموجودة بين الأحياء السكنية. وتعمد بهذا تخويف الإسرائيليين، ردّاً مباشراً منه على الاتهامات الإسرائيلية بأنه يتخذ المدنيين دروعاً بشرية، ويقيم مواقعه العسكرية ومصانع صواريخه وأسلحته في المناطق السكنية.
على الأرجح، حصل حزب الله على تلك الصور من خلال مسيّراته. وهي رسالة بالغة الدقة إلى الداخل الإسرائيلي، وتنطوي على تهديد كبير. ولا بد للإسرائيليين أن يتحسبوا له جيداً. وهذه كلها عناصر قابلة لتفجير الوضع أو توتيره. لكن أي قرار يبقى مرتبطاً بالظرفين السياسي والدولي، اللذين لا يشيران حتى الآن إلى احتمال مواجهة مباشرة أو مفتوحة. وربما كل ما يحصل الآن هو “تجهيز” واستعداد إلى أن تحين الساعة.