المهندس عبد خضر محذّراً من المحظور الاقتصادي… انه النموذج المأساوي
المطلوب ترشيد الدعم ووقف التهريب وضبط الحدود وفك القيود عن ودائع الصناعيين
عارف مغامس – جريدة الأنباء الإلكترونية
“أعطونا استقرارا سياسيا وأمنيا وخذوا اقتصادا منتجا ينقذ لبنان من أزماته المتلاحقة ونكباته المتواصلة”، بهذه الكلمات وضع نائب رئيس تجمع الصناعيين في البقاع المهندس عبد خضر خارطة طريق انقاذية ليس للصناعة فحسب، انما لاقتصاد وطني غابت عنه الرؤية وغيّبت مقوماته ومكوناته التي كان يمكن أن تضعه في موقع التصدي لرياح الأزمات لو أن السياسات الاقتصادية المتعاقبة أولت الصناعة والزراعة الاهتمام والاحتضان المطلوب أسوة بأية دولة تخطط لمستقبلها وترسم موقعها بين الدول المتقدمة وهذا لا يعني تهميش او تهشيم القطاعات الخدماتية الأخرى بل رفع منسوب الاهتمام بهذا القطاع المنتج كل لا نصل الى المحظور الاقتصادي الذي نعيش أسوأ فصوله اليو
المهندس خضر يأسف في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية لما آلت إليه حال لبنان، هذا البلد الجميل المنفتح المتعدد الثقافات والمتنور من مشارب الشرق والغرب، بوصفه بلدا يكتنز حضارة وارثا تاريخيا يجعله في مقدمة البلدان، منتجا وليس مستهلكا، قابلا لثقافة الحياة وفرحها، وليس للنموذج المأساوي الذي نتفيأ ظلاله اليوم في أعنف أزمة اقتصادية ومالية تعصف بلبنان، وتزيدها سوداوية أزمة صحية نتيجة انتشار وباء كورونا، وأزمة سياسية توصد كل أبواب الحل والفرج الذي ننتظره بفارغ الصبر لنخرج من أزماتنا الاقتصادية.
ويسأل المهندس خضر: “ما مدى قدرتنا على الصمود؟ وسط هذا الكم الكبير من التراكمات التي تثقل كاهل اقتصادنا الوطني وغياب الحلول وهي موجودة، ولكن هل من يسمع؟ هل من يعرف أين باب الخلاص ويطرقه؟”.
يؤكد خضر أن الأزمة الحالية ثبتت واقعا جديدا لا بد للسلطة السياسية والحكومية والتشريعية وللدولة اللبنانية من الوصول إلى قناعة راسخة، أن القطاع الصناعي بالتكافل والتضامن مع القطاع الزراعي وما يتصل بهما من قطاعات منتجة هي ركائز أساسية لقيام الدول ولقوتها وعظمتها وصمودها، وهي المعيار الموضوعي والعملي لتأسيس اقتصاد متين لا يابه لأية رياح أو عواصف مهما اشتد زمهريرها، والتجارب الكثيرة للدول الصناعية في العالم ثبتت هذا الواقع، فلماذا لا تقف الدولة إلى جانب هذين القطاعين وحمايتهما من كافة أشكال الحروب المفتوحة عليهما، وبالتالي بناء اقتصاد متين عبر خارطة طريق تبدأ بدعم الصناعة وجذب رؤوس الاموال للاستثمار وتقديم الاعفاءات الضريبية التي من شأنها تشجيع الاستثمار وزيادة القدرة الانتاجية وتأمين فرص العمل وتوفير المواد الأولية المحلية التي تخفف من الاستيراد وترفع الطاقة الانتاجية من أجل التصدير وادخال العملة الصعبة إلى لبنان لتحريك الدورة الاقتصادية وضخ السيولة”.
خضر المنشغل بإدارة مجموعة اقتصادية تعمل في خدمة الاقتصاد اللبناني منذ ما يقارب الثمانية عقود ويعمل فيها زهاء 280 عاملا، بدا قابضا على جمر المعاناة مسكونا بهموم موظفيه وعماله وآلية حمايتهم إزاء واقع اقتصادي مترهل وسفينة تتقاذفها أمواج التجاذبات السياسية التي أوصلت البلاد واقتصادها الى القعر، ويقول خضر في عز الأزمة رفعنا قدرتنا الانتاجية وفتحنا خطوط انتاج جديدة بأحدث المعدات والتقنيات المتطورة وحافظنا على جودة الانتاج كي نبقى في قصب سباق المنافسة ولكن ما المقابل؟ مزيد من الحصار والهروب والترهل وتقاذف كرة المسؤوليات فيما البلد ينهار أمام أعين الجميع.
ودعا خضر الى الاسراع بتشكيل حكومة انقاذية والبدء باصلاحات جوهرية تبدأ بوقف الفساد والهدر وتعزيز الثقة من أجل اعادة وضع لبنان على خريطة الاهتمام الدولي والعربي وتعزيز جسور التواصل مع المجتمع الدولي لاعادة لبنان إلى كنفه ودعمه ورعايته وانقاذه.
وأكد خضر أن صمود الصناعة رهن بتغيير عقلية السلطة في النظر إلى هذا المرفق الحيوي الذي يجب أن يكون في مقدمة القطاعات المحظية بالدعم والتطوير والرعاية وفتح أسواق جديدة وتعزيز المنصة الاقتصادية اعلاميا ودعائيا وتوفير الاعفاءات المؤثرة بشكل ايجابي وليس تلك العشوائية التي ضاعفت الخسائر.
وسأل خضر: “لماذا لا ننتج تكنولوجيا المعلومات ونصدرها ولدينا أعداد هائلة من الطاقات في هذا المجال؟”، لافتا إلى ان ثمة خطوات سريعة على السلطة السياسية وحكومة تصريف الاعمال وكل الوزارات والادارات والسلطات المختصة ان تقوم بها لوقف الانهيار المتمادي وانقاذ لبنان من الفناء اذا ما استمرت منظومة استنزاف مقومات الدولة المالية بهذه السياسة الخبيثة، وبالتالي المطلوب ترشيد الدعم ووقف التهريب وضبط الحدود ووقف الغش والتلاعب والاحتكار، وفك القيود عن الودائع ليتسنى للصناعيين وللمودعين اعادة تحريك العجلة الاقتصادية والمالية ضمن خطة تعيد انتاج الثقة بالمصارف، مشددا على أهمية الترابط بين الانتاج الزراعي الذي يحتاج الى دعم واحتضان ورعاية حقيقية لتتحول إلى خزان استراتيجي لرفد مصانع المنتوجات الغذائية بالمواد الأولية للتصنيع فنكون بذلك قد عالجنا جزءا من آليات تصديرها الى الخارج وهي في الوقت نفسه تخفف وطأة استيراد بعض المواد الاولية الغذائية من الخارج.