ممثلة الأمم المتحدة لـ”المدن” عن المؤتمر الدولي والحياد
شكّلت مواقف البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، عامل اهتمام للمجتمعين العربي والدولي. ديبلوماسيون وسفراء، تابعوا عن كثب مواقف البطريرك. وعقدوا لقاءات متعددة معه. خصوصاً أنه يدعو بوضوح إلى عقد مؤتمر دولي لحلّ الأزمة اللبنانية، وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة.
القائمة بأعمال مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، ونائبة المنسق الخاص، نجاة رشدي، تنشط في حركة سياسية واجتماعية واسعة في لبنان، مواكبة للتطورات. وهي كانت التقت الأسبوع الفائت البطريرك الراعي.
لدى سؤالها عن اللقاء، وإذا ما تمت مفاتحتها من قبل الراعي بالمؤتمر الدولي، تقول رشدي لـ”المدن”: “التقيت مع غبطة البطريرك الأسبوع الماضي. كانت فرصة للبحث في آخر المستجدات في لبنان، خصوصاً فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة وتأثيرها الملحوظ على الشعب اللبناني. تشارَكنا القلق نفسه حول تداعيات الجمود السياسي المطوَّل على الوضع المتردّي في لبنان والظروف المعيشيّة الصّعبة، التي يعاني منها الناس في جميع أنحاء البلاد، والحاجة الملحّة إلى التوصل إلى حلول”. وتضيف، أنها استمعت إلى طرحه بشأن عقد المؤتمر الدولي لأجل لبنان.
في إطار المبادرة الفرنسية
تعتبر رشدي أن قرار عقد هكذا مؤتمر لا يعتمد فقط على الأمم المتحدة. فهو يعتمد على شركاء دوليين آخرين، وعلى مدى استعدادهم للانخراط في مثل هذه العملية. كما يتطلّب ذلك استعداد الأطراف اللبنانية للمشاركة بفعالية في هذا المؤتمر. مشيرة إلى أن مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان تتابع عن كثب الوضع في لبنان. وهي طبعاً تشارك بشكل كامل في المسائل ذات الصّلة. لافتة إلى أن الأولوية يجب أن تُعطى دائمًا للحلّ الداخلي، وللحوار بين الأطراف المعنية، والاتفاق فيما بينها بما يخدم المصلحة الوطنية.
ولكن معروف أن الوضع السياسي والاقتصادي اللبناني يعيش حالة استعصاء شاملة، خصوصاً أن المبادرة الفرنسية لم تصل إلى أي نتيجة، فيما يستمر الانهيار في كل القطاعات. هنا تعتبر رشدي أن هناك حاجة لإجراءاتٍ ملحَّة يجب أن يعتمدها الأطراف المعنيون اللبنانيون، لوضع مصلحة لبنان فوق كلّ اعتبار، فوق الأجندات السياسية والشخصية، والتغلّب على الخلافات، وإيجاد حلّ يمكن أن يساعد في الإنقاذ. مشددة على أن إطار الحلّ موجود، وهو اعتماد الأجندة الإصلاحية التي وافقت عليها القيادات اللبنانية والتزمت بها في إطار المبادرة الفرنسية. كما أنّ الاقتراحات موجودة لجهة إصلاح الاقتصاد، وتحسين الحوكمة واستئناف المباحثات مع صندوق النقد الدولي. يجب التمسك بهذا الإطار وإعادة إحيائه والمشاركة فيه بجدّية.
وفق إعلان بعبدا
الأهم بالنسبة إلى رشدي هو الوضع الإقليمي وانعكاسه على لبنان. وتقول: “موقف الأمم المتحدة الثابت هو دعم نأي لبنان عن النزاعات الإقليمية تماشياً مع إعلان بعبدا. وهذا أيضاً التزامٌ لبناني، لا بد من تطبيقه”. وتضيف: “بالنسبة للأمم المتحدة، نحن مستعدّون لدعم لبنان بهذه العملية بأي طريقة ممكنة. لكن الحلّ للجمود السياسي القائم ليس بيد الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي. لا يمكن للأمم المتحدة أن تتولّى دور الدولة، أو أن تَحِلَّ مكان الدولة اللبنانية. فسيادة لبنان إنجازٌ مهمٌّ حقّقهُ، ونحن نحترم هذه السيادة. على الأفرقاء اللُّبنانيين العمل من أجل إحراز تقدُّمٍ في هذه المسألة. كان لهذه الأزمة التأثير الأكبر على الشعب اللبناني. فها هي معدّلات الفقر ترتفع والفرص تضمَحِلّ. وبالتالي، فإنّ الإصغاء إلى احتياجات الناس هو مفتاح الحلّ.
لا مناقشات بمجلس الأمن
ولدى سؤالها إذا ما كان بالإمكان اعتبار فكرة الحياد والمؤتمر الدولي محاولة لبنانية لتطوير تجربة قوات اليونيفيل في الجنوب، وتحديث القرارات الدولية الخاصة بلبنان؟ وهل يمكن أن تستفيد هذه الفكرة اللبنانية من تجارب سابقة للأمم المتحدة، نجحت في إخراج بلدان عديدة في العالم الثالث من الحروب والأزمات؟ تجيب: “إن تبنّي قرارات جديدة يعود إلى مجلس الأمن الدولي وإلى أعضائه الخمسة عشر. وحالياً لا تجري مناقشات من هذا القبيل في مجلس الأمن”. وتقول: “تضع الأمم المتحدة دائماً إمكاناتها وخبراتها وتجاربها بتصرّف الدّول الأعضاء للمساعدة في تعزيز السلام والأمن وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، التي من شأنها أن تخدم الناس. بالنسبة إلى هذه الحالة بالذات، وكما ذكرتُ سابقاُ، فإنّ القرار لا يعتمد على الأمم المتحدة بل يعتمد على شركاء دوليين آخرين، وعلى استعدادهم للانخراط في مثل هذه العملية. كما يتطلّب ذلك استعداد الأطراف اللبنانية للمشاركة بفعالية. إن لبنان يتمتع بإمكانيات فريدة يمكن الاستفادة منها من أجل التوصل إلى حلول. لقد رأيتُ بنفسي قوَة شعبه وإبداعه وتصميمه وقدرته على التعايش.